كيف حولت السعودية “كوسوفو” الى أرض خصبة لداعش وخط أنبوب “للمتشددين”؟ (ترجمة)
ذمار نيوز /خبر للأنباء – ترجمة وتحرير/ فارس سعيد:
في تقرير مطول نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (الأحد 22 مايو/أيار 2016)، سلطت فيه الضوء على المساجد التي تم بناؤها في كوسوفو بتمويل سعودي، وذلك على مدار سبعة عشر عاماً بعد الحرب مع صربيا.
وتحدث التقرير، بشكل تفصيلي، عن الأموال والتطرف السعودي، وكيف حول المال والنفوذ السعودي كوسوفو إلى ينبوع للتطرف الإسلامي وخط أنبوب “للمتشددين”
واعتبرت الصحيفة أن ما حصل هو تحول مذهل حيث كانت تعتبر كوسوفو بأنها من أكثر المجتمعات الإسلامية “المؤيدة لأمركيا”، لافتاً في الوقت نفسه أن السعوديين وجدوا في كوسوفو أرضاً جديدة لنشر الوهابية المتطرفة.
وقالت الصحيفة، إنه خلال 17 عاماً مضت بعد تأسيس جمهورية كوسوفو، تحولت البلاد التي كانت تمتاز بتسامحها الديني إلى منبع للتطرف ومصنع لتجنيد المتشددين الإرهابيين.
مشيرة أن هذا التحول الجذري جاء نتيجة لنفوذ وأموال عربية وخصوصاً السعودية، في كوسوفو بالإضافة إلى تواطؤ من قبل السلطات الأمريكية.
ولفتت، أن المال والنفوذ السعوديين قد حولا المجتمع الاسلامي في كوسوفو الى ينبوع للتطرف الاسلامي وخط انبوب “للجهاديين”. موضحاً أن كوسوفو تجد نفسها الآن في معرض التصدي للتهديد المتمثل بالراديكالية الاسلامية. وخلال العامين الماضيين، تعرفت الشرطة إلى 314 مواطناً من كوسوفو – من بينهم انتحاريان اثنان وكذلك 44 امرأة و28 طفلاً – قد سافروا من اجل الالتحاق بـ”داعش”.
واشارت “نيويورك تايمز” في هذا السياق، إلى البرقيات الدبلوماسية السعودية، التي نشرها موقع ويكيليكس في العام 2015، وما كشفه عن وجود تنظيم في السعودية لتمويل المساجد والمراكز الإسلامية ورجال الدين يعم بلداناً في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ونقلت الصحيفة عن المحققين بكوسوفو تأكيدهم أنه “تم تجنيد هؤلاء من قبل مجموعة من رجال الدين المتطرفين والجمعيات السرية الممولة من قبل السعودية وكذلك دول خليجية أخرى”.
ونقلت أيضاً عن مدير قسم مكافحة الإرهاب في شرطة كوسوفو Fatos Makolli أن هؤلاء (دول الخليج) روجوا للاسلام السياسي، وأنهم أنفقوا الكثير من الاموال من أجل الترويج له عبر برامج مختلفة، وهذه الجهود تركزت بشكل أساس على فئة الشباب”. وأضاف، أن دول الخليج قربت هؤلاء من الاسلام السياسي الراديكالي، ما أدى بهم ليصبحوا متطرفين.
ويصر المحققون الكوسوفيون على أن هؤلاء الأشخاص تم تحويلهم إلى متطرفين وتجنيدهم من قبل مجموعة رجال دين متشددين ومؤسسات سرية تمولها السعودية وبعض دول خليجية، باستخدام شبكة غامضة ومعقدة للتبرعات من الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال من القطاع الخاص والوزارات الحكومية.
وقامت شرطة كوسوفو، بعد عامين من التحقيقات، بتوجيه اتهامات رسمية لـ67 شخصا، واعتقال 14 إماما وإغلاق 19 مؤسسة ومنظمة إسلامية على أنشطة ضد الدستور وبث الكراهية وتجنيد الإرهابيين.
وتقول، إنه بعد عامين من التحقيقات، وجهت الشرطة تهماً الى 67 شخصاً، كما اعتقلت 14 شخصاً من رجال الدين وأغلقت 19 منظمة “اسلامية بسبب التصرف بما يتناقض مع دستور البلاد، والتحريض على الكراهية وتجنيد الشباب في خدمة الارهاب، موضحاً أن “الأحكام الأخيرة بهذا الاطار صدرت يوم الجمعة الماضي”.
ولفتت الصحيفة إلى وجود ما يزيد عن 800 مسجدٍ في كوسوفو، مشيرة أن من بين تلك المساجد 240 مسجداً تم بناؤها بعد الحرب مع الصرب والتي يعتقد أنها ساعدت على “تلقين” جيل جديد من الوهابية”.
مضيفة، ان بعض رجال الدين المعتدلين، اضافة الى المسؤولين المحليين، يعتبرون ان المساجد هذه هي جزء من استراتيجية مقصودة طويلة الامد تتبعها السعودية من اجل اعادة رسم الاسلام لينسجم مع رؤيتها، ليس بكوسوفو فحسب، بل في جميع انحاء العالم.
وأشارت الى حالات تجريف للمباني التاريخية مثل المكاتب والمساجد التي عمرها 400 عام، اضافة الى المقابر، حيث يعتبر كل ذلك محرماً وفقاً للتعاليم الوهابية، لافتة أن الجمعيات الخيرية التي ترعاها السعودية عادة ما تعطي الرواتب وتمول الدروس الدينية، اضافة الى حصص تعليم اللغة الانكليزية والكمبيوتر، وذلك نقلاً عن عدد من رجال الدين والمحققين. مؤكدة أن هذه المساعدة كانت مشروطة بحضور الخطب الدينية وغيرها من الامور.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن مصادر سياسية قولها، إن الكثيرين قد انضموا الى هذه البرامج بسبب الحاجة المادية، مشيرة أن نفوذ رجال الدين الراديكاليين وصل الى القمة مع الحرب في سوريا، حيث استفاد هؤلاء من الخطب والبرامج الاذاعية والتلفزيونية من أجل حث الناس على الذهاب الى سوريا.
وأضافت، أن عدداً من مواطني كوسوفو قاموا بعمليات انتحارية في كل من العراق وتركيا، وأن السلطات باشرت عقب ذلك بفتح تحقيق توصل الى أن جمعية خيرية سعودية اسمها “الوقف الاسلامي” كانت تدعم الجمعيات التي أسسها رجال دين متطرفون في الكثير من المناطق بكوسوفو.
وتم انشاء الوقف الاسلامي في البلقان عام 1989 وأغلب تمويله يأتي من السعودية، قطر، الكويت، والبحرين، وذلك استناداً إلى مقابلات أجريت مع المحققين. وقامت شرطة كوسوفو باغلاق “الوقف الاسلامي”، اضافة الى 12 مؤسسة خيرية اخرى، واعتقلت 40 شخصاً آخرين.
وكشفت الصحيفة، انه خلال اجتماع عقد عام 2003، حذر ريتشارد هولبروك الذي شغل منصب الموفد الاميركي الخاص الى البلقان، في وقت سابق، قادة كوسوفو من عدم التعامل مع “لجنة الاغاثة السعودية المشتركة لكوسوفو”، والتي هي عبارة عن منظمة تتألف من مؤسسات خيرية سعودية”. وقال، انه بعد مرور عام على ذلك تم اغلاق المؤسسة الى جانب عدد من المؤسسات السعودية في كوسوفو التي كان يشتبه بانها تعمل كغطاء لتنظيم القاعدة.
كما كشفت الصحيفة، أيضاً، ان من بين المؤسسات السعودية الاخرى التي تم اغلاقها مؤسسة “الحرمين” التي قالت وزارة الخزانة الاميركية عام 2004 بان لها روابط بالارهاب.