الخبر وما وراء الخبر

” دائرة مربعة أم مربع دائري “

397

محمد السبتي – كاتب في جريدة الجريدة الكويتية


تقريباً هذا هو حال أوضاعنا الفكرية والسياسية، لا في الكويت فقط بل في كل أوطاننا العربية والإسلامية… هل هذه الدائرة مربعة أم أن هذا المربع دائري؟! يتكلم فينا من لا يعلم! ويخطط لنا من يجهل أبجديات التخطيط! ويقود تحركاتنا السياسية من يحتاج إلى من يقوده! ويتصدر منتدياتنا الثقافية من يفتقر إليها! ولذا تخرج من تحت عباءة هؤلاء أمراضنا المجتمعية التي نعانيها… يقولون إن الجدل عقيم! وأقول إن الجدل ليس عقيماً أبداً، بل له ذرية وأولاد وينتج أيما إنتاج…

من أولاده وذريته التطرف الفكري والعنف لفظياً كان أو عملياً… ثقافة إقصاء الآخرين من ذرية الجدل، ضيق الأفق وعدم تقبل أي جديد من أولاد الجدل، كثيرون هم أولاد الجدل، وما كان الجدل يوماً عقيماً، وما كانت ذريته إلا الخبث والدمار على البلاد والمجتمعات.
نحن في الكويت لا ندور في حلقة مفرغة! نحن نصنع هذه الحلقات المفرغة ونتقن صناعتها وتشكيلها، ومن ثم الدوران فيها! في أزماتنا السياسية كلها ظهرت هذه الفرضيات واضحة جلية، كل نقاشاتنا وجدلنا لا تخرج عن: هل كون الدائرة مربعة أم أن المربع دائري، وذرية الجدل سيطرت على المجتمع، وأظهرت الأزمات ضحالة فكر المتسيدين للعمل!
هذه الأزمات على ما فيها من خلافات قانونية دستورية سياسية عميقة جداً لم تنتج لنا دراسات وبحوثاً قد تكون مرجعاً لغيرنا من الأجيال، كل ما هنالك مجرد عبث ثقافي ليس إلا… وهو خير دليل على صحة الفرضيات التي نذكرها!
كل مؤهلات قيادة العمل السياسي في الكويت – أقول قيادة العمل لا مجرد ممارسته – أن تكون ذا علاقات اجتماعية واسعة! أن تكون من عائلة عددها كبير! أو قبيلة او طائفة كثيرة العدد! هذا فقط يكفي… وقطعاً لن تكون حظياً في عائلتك أو طائفتك أو قبيلتك إلا إن كنت تخدمهم وتنجز مصالحهم! باختصار… أن تكون خدمياً وذا علاقات اجتماعية حسنة يكفيك أن تتسيد العمل السياسي في الكويت! المفكرون لا يظهرون على الواجهة أبداً، لا يقودون العمل مطلقاً، في مجال الثقافة والإعلام الحال كذلك، علاقاتك وحسن إدارة شؤون “البزنس” هي التي تظهر الناس لا ثقافاتهم وملكاتهم!
هذا الكلام ليس مجرد نقد ولا هو جلد للذات، أبداً لم أعنِِ هذا… هو محاولة لوضع اليد على مكمن المشكلة… نحن فعلاً نعيش في حلقة مفرغة… نبحث عن الحلول، لكننا لا نمشي طريقها… وحتى نعرف ما هو الحل يجب أن نعرف أين المشكلة أولاً؟!
مشكلتنا باختصار أن من يبحث عن الحل غير كفء.. إن قادة العمل السياسي غير مؤهلين لقيادة التحرك! مثققونا في الظل ومدّعو الثقافة في الواجهة… هذه فعلاً هي مشكلتنا، وفي حلها يكمن الحل.