الخبر وما وراء الخبر

الشهيد القائد يحذر مبكراً من مخطط التدخل الأمريكي في اليمن والعالم العربي

269
«إن من يفقد الـيَـمَـنَ أمنَه هم اليَهُودُ والنصارى عندما يدخلون، هم الأمريكيون، هم أولئك الذين قال الله عنهم بأنهم يسعون في الأرض فساداً، بأنهم يريدون أن نضل السبيل، هم من سيفقدون كُلّ إنسان أمنه حتى داخل بيته».. بهذه الكلمات المستمدة من روح وتعاليم القرآن الكريم .
 
وفي محاضَرة (دروس من وحي عاشوراء) تحدث الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بشكل حاسم أن أعداء الـيَـمَـن والذين يُضمرون الشر لهذا البلد وشعبه هم «الأمريكيون»، وإن كان حينها مثل هذا الكلام غريباً، لكن الشهيد القائد المتأمل لكلام من يعلم السر وأخفى، يركز على تكرار هذه المسلّمة وتضمينها في أغلب الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها ليؤكد لمن لم يعِ خطورة التدخل الأميركي في الـيَـمَـن بعد، أنه آن الأوان لنعيَ جميعاً خطورة المخططات الغربية والاستعداد للتصدي لها. ومثل ما يعيد الشهيد القائد سبب الاختلالات الأمنية في الـيَـمَـن إلى الأمريكيين نجده -سلامُ الله عليه- يحذر من دخول الأمريكيين وأدواتهم إلى الساحة الـيَـمَـنية، متوقعاً وبشكل مسبق أن يحمل هذا الدخول «الموتَ» وعصاباته معه،
 
ويعيث فساداً في مدنه وشوارعه، بل يجزم بذلك ويُبرهِنُ على وقوف الأمريكيين وراء هذه الجرائم، بقوله في نفس المحاضرة: «إذا ما تمكن الأمريكيون ستنتشر الأعمال الإرهابية في الـيَـمَـن؛ تفجيرات هنا وهناك على أيديهم هم، هم من فجّر البرج في نيويورك، سيفجِّرون أمثاله هنا في الـيَـمَـن، ويفجرون في كُلّ مكان بحُجَّة أنهم الـيَـمَـنيون». ويوضح الشهيد القائد هذا الخطر، ويؤكد أن المجتمع بكله هو المستهدَف، وليس أولئك الذين هم بالتأكيد «أدوات أمريكا»؛ لأنَّ هؤلاء كانوا في الأصل، ولا يزالون مبرراً وذريعةً لاستجلاب التدخل الغربي في بلادنا،
 
حين قال في محاضرة: (وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن): «حتى تعرفَ أن الشعبَ نفسَه هو المستهدَف وليس أولئك، وأن الدين بكله هو المستهدف وليس أولئك، أن أمريكا من البداية هي من تعطي ضوءاً أخضرَ لدعم هؤلاء وإفساح المجال أمام هؤلاء، والتعاوُن مع هؤلاء، وهي مَن شغّلتهم هم في مناطقَ أخرى في مجال تكونُ نتيجتُه مصلحةً لها ولمصالحها في المنطقة، ثم تأتي بعد فترة لتقول بأن أولئك إرهابيون». ولا ينسى السيد حسين التذكير بالعلاقة السببية بين الأمريكي والإرهاب منذ أيام حروب أفغانستان الأولى حيث يقول: «هي مَنْ بنتهم، أليست هي التي بَنَت طالبان؟ أليست هي التي تدعم الوهابيين وتوحي بدعمهم؟
 
ثم في الأخير تبدو وكأنها إنما تهيئ حُجَّةً لها في المستقبل، تزرع أشخاصاً وتوحي للآخرين بدعمهم، فمتى ما أصبح وجودهم معروفاً لا شك فيه في هذا البلد، قالوا هؤلاء إرهابيون، إذاً بلدكم فيه إرهاب، لا شك». فهذه المجموعات نفسها، الجماعات التكفيرية، تستخدم في كُلّ بلد أراد الأمريكي وضع يدَه فيه وعليه، من خلالها يتم توفيرُ الأرضية الصالحة التي تؤمّن هذا الدخول وتؤسس له، وصناعة الإرهاب والإجرام هي أفضل الطرق لذلك. وعندما يحين وقت التدخل يأتي الأمريكي بعباراته نفسِها،
 
ونسمع اليوم الأمريكي يقولها أيضاً هذه الأيام: الحرب على داعش ستستمر سنوات، كما وضّح السيد حسين بقوله: «وحينئذٍ سيأتي العمل الطويل كما قالوا هم – عندما تحركوا ضد أفغانستان -: إن الفترةَ ستكونُ طويلةً، لماذا؟؛ لأن المسألة ليست مسألة أن هناك إرهابياً يُضرَب، ثم يعودون، سيقولون: إذاً هذا إرهابي، صحيح. إذاً باقي جذور إرهاب، باقي منابع إرهاب، باقي وباقي وهكذا، ثم سيصنعون إرهاباً هم – كما قلنا أكثر من مرة – ستسمع تفجيرات هنا وتفجيرات هناك، ثم يقولون: إذاً من الضروري – وسيكونون متجملين ومحسنين كما يبدو لنا – أن تأتي التعزيزات من مختلف البلدان تحت قيادة الأمريكيين إلى الـيَـمَـن كما حصل في أفغانستان، حينئذٍ سيفهم الناس – إذا لم نفهم من الآن – أن المستهدف هو الشعب نفسه، الشعب بكله بدولته، حتى الدولة إذا ما جندوها لأن تعمل ضد أبناء هذا الشعب فإنها هي مستهدفة؛ لأنهم لن يرضوا عنها مهما عملت».
 
ويوضح الشهيد القائد في محاضرة (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) كيف تجعل الولايات المتحدة محاربتها للإرهاب أمراً مقبولاً، يوافق على ذلك حتى رؤساء الدول أنفسهم، فيقول: «يوافق الناس من خلال موافقتهم لحركات زعمائهم، ولتصريحات زعمائهم ولاستعدادهم للتعاون مع أولئك،
 
يعني ذلك موافقة ضمنية على أن نضرب، فكل تصريحات علي عبدالله التي كان يقول فيها: نحن عانينا من الإرهاب، أصبحت الآن لدى الأمريكيين حُجَّةً على الـيَـمَـن، إذاً يجب أن يصنَّفَ كدولة إرهابية وكبلد إرهابي، وأنه من منابع الإرهاب. فإذا ما سكت المواطنون أنفسهم لسكوت الدولة، لسكوت الرئيس فمن الذي يكون ضحية قبل الكبار؟ أليسوا هم الصغار؟ أليسوا هم الشعب؟».
 
ويمكن ببساطة المقارنة الآن بين وضع الـيَـمَـن الحالي ووضعه في بداية ما سمّي الحملة على الإرهاب في أيام علي عبدالله صالح، فالتفجيراتُ قد عادت لتتنقل بين المدن الـيَـمَـنية، وكذلك الاغتيالات، والرئيس الحالي كما هو واضحٌ للجميع، لا يفعل شيئاً، وكأنه يعوّل على ما يحصل لاستعادة دور كان يسعى إليه، ولعله يعتقد أن وصولَ الحال إلى ما هو عليه الآن، سيزيدُ من حظوظ دعمه غربياً وأمريكياً، وهذه الحالة نفسها استشرفها الشهيد القائد (رضوان الله تعالى عليه) في (الدرس السادس والعشرين من دروس رمضان) باستشهاده بالآية القرآنية الكريمة: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (الأنعام:44)، ألم يقدم لك هنا صورةً عن مظاهر الآخرين؟ حتى لا تنخدعَ بها. {وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (الأنعام:131)، هذا التبيين، وما يقصه الرسل على البشر، ما يأتي من تبيين للناس، أن الله سبحانه وتعالى لا يهلك أناساً وهم غافلون، لا يهلكهم إلا من بعد.. ».
 
إذاً يتبين لنا مما تقدم، أن الشهيدَ القائدَ استشرف الواقعَ جُملةً وتفصيلاً، من منظور قرآني وقدم لنا الوقائع وكيفية مقاربتها، فإنه أيضاً أوجد الحلولَ، ففي محاضرة (خطر دخول أمريكا الـيَـمَـن) يقول السيد حسين: «العمل هو الضمانة الحقيقية، هو الضمانة لأمن الناس، هو الضمانة لسلامة الناس»، فينبه إلى ضرورة العمل الجاد في موجهة هذا المشروع الخبيث قبل أن يصل الـيَـمَـنيون إلى حالة الاستجداء والشعور بالخذلان كما هو حال الفلسطينيين: «لا أن يتركَ الناسُ أنفسهم حتى يصل الوضع إلى أن يصبحوا كالفلسطينيين يستجدون السلام من هنا وهنا، ثم يتأسفون أن العرب لم يعملوا شيئاً، وأمريكا تنكرت لهم، ألم يجدوا العالم كله تنكر لهم؟ ألم يجدوا أنفسهم في وضع لم يستطيعوا أن يؤمِّنوا أنفسهم».
 
 
هكذا تجعل الولايات المتحدة محاربتَها لما تسميه الإرهاب أمراً مقبولاً في اليمن والعالم العربي
 
فهل سنتحرك ونعمل كشعب يمني يتعرَّضُ لهذه الجرائم البشعة والمؤامرات الخطيرة ونلتفت إلى مواجَهة ما يحاك لنا جميعاً كيمنيين، ونعري الإرهاب وداعميه والساكتين عنه، أم نكون من الغافلين؟!.