أهداف السعودية من المفاوضات
اسكندر المريسي
لا خلاف على حقيقة مفادها أن التحالف بقيادة مملكة بني سعود لم يشن عدوانه على اليمن في26 مارس من العام الماضي إلا لكي يحقق أهدافاً معينة أبرزها تدمير القدرة الدفاعية للجيش اليمني .
وما من أدنى شك في أن مسمى الأمم المتحدة والمبعوث الاممي ولد الشيخ يعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي ممثلة بمملكة نجد والحجاز كخبراء ومختصين بالتفاوض المجرد من أبسط القيم الموضوعية التي تتصل بالأخلاقيات والمُثل العليا.
وبالتالي لم تكن المفاوضات السابقة والتي تجري حالياً إلا استدراجاً وفخاً للجانب اليمني الذي يمتاز بالمبادئ والأخلاق والسمو والصدق والموضوعية والنزاهة والاعتقاد بأن المجتمع الدولي لا يمتهن الكذب لذلك صدقوا أن المفاوضات صحيحة وصدقوا كذلك أنها مبدئية، وهي لم تكن كذلك إطلاقاً فما حدث في مسقط وجنيف كان استدراجاً واضحاً وسخرية تامة من الجانب اليمني لأنه يمتاز بالقيم والمبادئ المشار اليها والتي يفتقدها المجتمع الدولي بالتأكيد كما تفتقدها كانتونات دول الخليج وعلى رأسها مملكة بن سعود التي تمثل ماضياً وحاضراً قاطرة اليهود في الأرض .
الصهاينة أثناء عدوانهم على قطاع غزة كانوا يدعون إلى مفاوضات في القاهرة ويرسلون وفوداً وتحدث لقاءات مباشرة وغير مباشرة الهدف منها جس النبض وقياس الموقف الفلسطيني، يعقب ذلك تصعيد العدوان والغارات الجوية .
وهذه العملية سبق وأن كررتها دول ما يسمى بالتحالف العربي بقيادة السعودية في المفاوضات السابقة وبعد مرور أكثر من عام على هذا العدوان تريد الرياض تكرار ما تقوم به تل أبيب مع الأشقاء الفلسطينيين لجهة اليمنيين، فالتهدئة المزعومة ووقف الأعمال العسكرية لجس النبض ومعرفة إلى أي مدى يمكن ترويض وتطويع اليمنيين بالآلة العسكرية التي دمرت كل إمكانيات ومقدرات الشعب اليمني، لكي تقيس من خلال التفاوض أية إمكانيات لتنازلات قد تحصل عليها وبالتالي تحرز أهدافاً لجهة المباحثات السياسية .
وإن كانت دول التحالف وفي مقدمتها السعودية مع المفاوضات وهي بالتأكيد لتحقيق ذلك تريد نقل أشكال الصراع من أبعاده الخارجية إلى الأبعاد الداخلية خاصة ولقاء جنيف “اليمني – اليمني” لم يكن إلا محطة ترانزيت لإعطاء العدوان قوة دفع حقيقية على أساس استمرار الأعمال الحربية بدليل أن المملكة أرسلت خلال اليومين الماضيين تعزيزات وعتاداً عسكرياً إلى مارب وباب المندب.
وهذا دليل واضح يؤكد أن هذه المملكة لا تريد إنهاء عدوانها على اليمن وبالتالي فإن تلك المفاوضات ليست إلا لكسب الوقت وإطالة أمد الحرب لأن اليمن لم تعد عضواً موحداً في المنظمات الدولية حتى تدخل مفاوضات خارجية بسبب التآمرات الدولية عليها إضافة إلى ذلك الصراعات الداخلية التي تتمثل بتنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من الجماعات المسلحة .
وبالتالي فإن المراهنة على مفاوضات الكويت ليست إلا سراباً ووهماً بقدر ما يجب في المرحلة الراهنة إعطاء أولوية لمقاومة ذلك العدوان كخيار الضرورة المؤلمة لا سيما وتلك المفاوضات تريد إضفاء مشروعية على “داعش” وفقاً لأشكال وأبعاد مختلفة ، فقد لا تنجح مفاوضات الكويت في فصل اليمنيين ولكنه مسعى يجري طرحه سينجح في انفصال العملية السياسية المنعدمة في الظرف الراهن وان يكون ذلك تحت مظلة الوحدة اليمنية ، بمعنى إعطاء مشروعية لبعض المرتزقة كمتحدثين باسم المحافظات الجنوبية ومشروعية لقوى أخرى باسم المحافظات الشمالية وهكذا يعني تقسيم الإرادة السياسية وتجزئتها وإضعاف الموقف الداخلي واستغلال خلافات اليمنيين مع بعضهم البعض وتوسيع الاحتقانات .
وان كان اليمنيون لا يقبلون بذلك الوضع إلا أن القوى الدولية ماضية في إيجاد انفصال في العملية السياسية من خلال المفاوضات الجارية على أساس أن تكون الوحدة مرئية وليست منظورة أي أن تكون اليمن موحدة لكن الإرادة السياسية مجزأة.. فهل ستنجح السعودية والقوى الدولية في تحقيق ذلك من خلال مفاوضات الكويت ؟
نقلا عن صحيفة الثورة