الخبر وما وراء الخبر

شهيد النهج والموقف .

106

بقلم / يحيى محمد جحاف


يعتبر السيد/ حسين بدر الدين الحوثي: أحد قادة التجديد في التاريخ المعاصر للفكر الزيدي المتحرر وقائد المشروع القرآني المؤمن بالوحدة الإسلامية وتصحيح مسار الأمة والحفاظ على هويتها واستقلالها والتحرر من الهيمنة والتبعية لأي كان والانفتاح على الآخر من منطلق المنافع المتبادلة القائمة على الاحترام المتبادل واحترام الخصوصية القائمة على البعد التاريخي والثقافي والديني وهذا ما أكده مرارا وتكرارا قائد المسيرة القرآنية السيد/عبد الملك الحوثي في خطاباته وأحاديثه المتكررة، وخطاباته المتلفزة التي يلقيها بين الحين والآخر…

كما يعتبر من الشخصيات الاستثنائية التي صنعت تحولاً تاريخياً في الحياة المعاصرة برغم كلما صاحب توجهه الفكري الثقافي القرآني من ظلم وتكفير وتعتيم وافتراء وتضليل؛بسبب مواقفه الواضحة والصادقة والصريحة والمتمثلة في صدقه مع نفسه قبل صدقه مع الآخرين.

أما مواقفه فقدعمل مع كل الشرفاء على تجنيب البلاد الصراع الدموي عام 1994م . باعتباره واحد من فريق المصالحة بين الطرفين. وبعد أن أيقن أن عشاق السلطة ذاهبون إلى الحرب عاد إلى صعدة ونأى بنفسه وأتباعه عن المشاركة في سفك الدماء وهتك الأعراض ومصادرة الممتلكات بعد أن فرضت الإقامة الجبرية على أعضاء مجلس النواب من أجل أن يضفوا شرعية على تلك الحرب الظالمة والتأثير على الرأي العام اليمني والدولي. كما أعلن موقفه مع أبناء صعدة رافضاً ما يحدث من إجرام، وقاد المظاهرات وألقى 1لك الخطاب التاريخي الرافض للحرب. مطالبا بتنفيذ ما جاء في وثيقة العهد والاتفاق والالتزام بها محملا السلطة تبعات الحرب كونها لا تخدم الشعب ولا وحدته الوطنية ولا أمنه، واستقراره ومطالبا لجنة الحوار بمواصلة عملها في المتابعة والإصرار على تنفيذ ماجاء فيه مؤكدا أن المستفيد من الحرب هم عشاق ا لمال والسلطة داعيا جماهير الشعب إلى الوقوف إلى جانبها وضرورة اعتماد الحوار القائم على تقديم مصلحة الشعب في كل اختلاف يطرأ بين الائتلاف للتوصل إلى الحلول السلمية والسليمة وقد بث الخطاب بالصوت والصورة من القناة الفضائية بعدن.. لقد كان يدرك ما وراء تلك الحرب باعتباره عضو مجلس النواب ومن أعضاء الوساطة بين الطرفين، مجسدا هذا الموقف من خلال المظاهرات التي قادها في صعدة تنديدا بالحرب ودعوة المجتمع إلى الالتفاف حول وثيقة العهد والاتفاق الموقعة من جميع القوى السياسية في الأردن. موقف واضح من حرب صيف 1994م فكان من نتائج هذا الأمر أن عادوا من تلك الحرب الغاشمة بزهوة الانتصار وجنون العظمة حتى صبوا جام غضبهم على أنصار السيد/ حسين في مران وهمدان فنزلت الحملات العسكرية الكبيرة على أبناء مران وهمدان. هذه الحروب العبثية المتكررة التي تعددت وجوهها نتيجة للعوامل التي صاحبتها من طرح إعلامي غير مسئول، سخرت السلطة فيه الدين ووظفته في حروبها الداخلية والمنافسات السياسية وإتباع ثقافة الإلغاء والإقصاء وسياسة التفرد والاستحواذ فجعلوا السلطة محصورة على فئة وأسرة ومنطقة وجهة، تلاه فرز طائفي، وتفنيد مناطقي، وكراهية، وعدوانية!!، أدت إلى نظره دونية لفئة تعتبر من أكثر الشرائح في الوطن ثقافة ووطنية، كما أستغل فيها حالة الصراع على الساحة الإقليمية، والدولية، وسخرت لها كل الإمكانيات المادية والعسكرية. واستغل حالة الجهل، ونزوع الحاكم إلى الهيمنة والشمولية والتوريث مهما كانت النتائج!؟ فكانت الوسيلة إشعال الحرائق في صعدة..التي تعتبر من أخطر الأزمات الوطنية التي تعرض لها اليمن في تاريخه؛حتى ان الحرب اتخذ طابع الاستدامة الذاتية لانتهاز القبائل والجيش ومسؤولي الدولة على الاستفادة من التجارة غير المشروعة ..حرب إجرامية قامت على أزمات وخلفيات سياسية ومواقف من الحرب التي كان يديرها النظام بعد أن تمكن من تفتيت النسيج الاجتماعي في المناطق الشمالية وإحياء النعرات القبلية التي كانت قد ذابت في جنوب الوطن! من خلال دعم الفتن والاقتتال بين القبائل ليظل في مأمن سعيا منه إلى تهيئة الأرض وتسوية الملعب السياسي ..

لقد وظفت السلطة الخطاب الديني في تأجيج الفتنة والصراع المغلف بالطائفية والعنصرية، والفئوية. الأمر الذي شكل تهديداً مباشراً للتعايش والسلم الاجتماعي، والوحدة الوطنية. وتفتيت النسيج الاجتماعي، بل وسخرت كل إمكانياتها المادية، والمعنوية، والسياسية، ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، ودور النشر والمساجد، والدعاة المناوئين والمستقدمين من الخارج لبث خطابها التحريضي الموجه القائم على الكراهية، والحقد، كما جرت العادة في كل حروبها العبثية!!حتى صوروا للناس بأنهم يقاتلون المارقين، الخارجين على السلطة الشرعية، وطاعة ولي الأمر بحسب مفهوم التعبئة والطرح، الذي ظل دعاة تلك الحروب، المتكررة يرددونها على مسامع الناس، عبر وسائل الإعلام، من صحف ومواقع الاليكترونية، وإذاعة وقنوات فضائية.. ، ولخصوصية مجتمعها الفكري والثقافي أيضا أثر كبير فيما لحق بها من ظلم سياسي..

لقد جعلوا من مفردة الحوثي خطرا على الوحدة الوطنية والنظام والجمهورية، وتهديداً مباشراً للداخل والمحيط الإقليمي بل صوروا أن هناك مؤامرة كبيرة وأطرافاً خارجية تقف وراء ما هو حاصل في صعدة من عبث وقتل وتدمير وإراقة للدماء وأن هناك أطرافاً خارجية تقف وراءها تستهدف الإضرار بمصالح البلد وسيادته، دون تقديم دليل على ذلك. وقد جارت السلطة كثيرا من وسائل الإعلام وباعت حياديتها فزيفت الحقائق لطمس جرائم الإبادة بحق الحوثيين، وأنصارهم، وأبناء المناطق التي جرت فيها الأحداث بل ووظفت كل الوسائل السياسية ليس بهدف الحل السياسي وإنما في إطار رغبات القوة لتحقيقه فكانت هذه الوسائل الوجه الأخر والأقبح للسلطة. أما الإعلام الرسمي، وملحقاته فردد هذه المفردة في قنواته الفضائية، والتلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحافة المملوكة للدولة التي جعلها طرفا في كل معاركة السياسية بينما هي مؤسسة اجتماعية وثقافية، واستثمارية لها مكانتها ورسالتها ودورها في المجتمع، وقوة فاعلة في أبعاد الحياة المتعددة لذلك ظلت بعض الأحزاب تطالب بتحريرها من قبضة السلطة التي تتحكم فيها وتحتكرها وتسلطها على خصومها في برامجها وأدبياتها الحزبية كونه يبرر من خلالها أخطاءه ومهاجمة الخصوم والتحريض مستخدما وسائل القمع والإرهاب المادي والفكري لغياب الإدارة السياسية الرسمية الشعبية في المعالجات، فجعله يقوم بمهمةالترويج أن بقاءه السبيل الوحيد لإنقاذ البلد من الوضع الذي يعيشه هم القائمون على الحكم دون غيرهم، لقد طوع لتحقيق أغراض ومآرب السلطة دون اعتبار للمصلحة العامة في سياق موجه بإحكام الإدانة والاتهام إلى المواقف الحزبية والشخصية المختلفة مع الخطاب الإعلامي الرسمي حول المواجهة العسكرية حتى أصبح تهمة كل من يتعاطى مع ألحاله سواءأكان يرتبط نسبا وعقيدة وضميراً وإنسانية وأخلاقاً مهنية بما في ذلك الصحف التي لقد استخدمت الحوثية لتصفية حسابات فكرية وعقائدية مع أبناء المذهب الزيدي وهذه الأطراف استفادت من ميول السلطة اليها كبديل للزيدية فعملت على استثمار قضية صعدة للاستقواء وإيجاد أرضية مناسبة وتربة خصبة ممطورة بالدماء والظلم للنمو في أوساط المجتمع. اتهامات لم تتغير تنشر بعناوين عريضة على صدر صحف السلطة الرسمية تزعم أن هناك انتهاكات، واستحواذاً وحرقاً وسلباًلمنازل المواطنين ومشاريع السلطة المحلية وتحصيل العائدات والاختطاف من الرجال والأطفال وفتح السجون الخاصة

رحم الله الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي…

قائد المشروع القرآني وصانع التحول التاريخي في الحياة المعاصرة.