تصاعد واتساع العمليات اليمنية يحاصر جبهة العدوّ ويجبر البنتاغون على التمسك بـ “الصمت”
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
28 أبريل 2025مـ – 30 شوال 1446هـ
تحتَ وطأةِ ضغطِ الاعترافات والشواهدِ الواضحة على فشلِ العدوان الأمريكي على اليمن في تحقيقِ أهدافه، وارتداده بنتائجَ عكسيةٍ على الولايات المتحدة، لا يجد البنتاغون سوى التمسك بسياسة التكتم للهروب من الأسئلة المتزايدة عن التفاصيل.
الأمر الذي يعكس حالة إفلاسٍ تام، وعجز حتى عن اختلاق مبرّرات لاستمرار العدوان، في الوقت الذي تتصاعد فيه العمليات العسكرية اليمنية ويتسع نطاقُها أكثرَ فأكثر.
وبعد انتقادات متزايدة لتكتم وزارة الحرب الأمريكية على تفاصيل عملياتها العدوانية ضد اليمن، في ظل تزايُدِ التقارير التي تؤكّـد الفشلَ في تحقيق الأهداف، مع تزايد التكاليف واستنزاف الموارد، خرجت القيادةُ المركَزية الأمريكية هذا الأسبوع ببيان حاولت فيه التهرب بشكل فاضح من الانتقادات، مبرّرة عدمَ الكشف عن التفاصيل بـ”الحفاظ على أمن العمليات”.
ولأنها تعرفُ أن ذلك لا يكفي لإسكات الأسئلة، حاولت القيادةُ المركزية الأمريكية تسويقَ إنجازات لا تفتقرُ فحسب إلى الأدلة، بل تتناقض بشكل واضح مع واقع الميدان، مثل الادِّعاء بالنجاح في تخفيض قدرة القوات المسلحة على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة، وهو ما يتصادمُ بشكل مباشر مع تأكيدِ البيان نفسِه على أن الهجماتِ اليمنيةَ مُستمرّة على القِطَعِ البحرية الأمريكية، كما يتصادمُ مع تصاعد الضربات الصاروخية والجوية على عُمقِ الكيان الصهيوني.
وقد جاء بيانُ الجيش الأمريكي متزامنًا مع بروز ملامح اتساع جديد لنطاق العمليات اليمنية، من خلال رسالة قالت تقاريرُ غربية إن مركَزَ تنسيق العمليات الإنسانية في صنعاء وجَّهها لقطاع الشحن، للتحذير من التعامل مع شركات الأسلحة الأمريكية التي تم إدراجُها مؤخّرًا في لائحة العقوبات اليمنية؛ بسَببِ دعمِها لكيان العدوّ، حَيثُ أشَارَت الرسالة إلى أن التعاملَ مع هذه الشركات سيعرِّضُ السفنَ المتورطة والجهات المالكة والمشغِّلة لها لعقوبات تتضمَّنُ حظرَ الملاحة والاستهداف في منطقة العمليات البحرية اليمنية، حسب ما نقلت التقارير؛ الأمرُ الذي ينسفُ ادِّعاءات الجيش الأمريكي بشكل كامل، ويؤكّـد أن العدوان لم يستطعْ أن يمنعَ تصاعُدَ وتيرة العمليات البحرية اليمنية؛ فضلًا عن إيقافها أَو تخفيض حدتها.
ومما يجعلُ بيانَ القيادة المركَزية الأمريكية أقربَ إلى “اعتراف بالفشل”، أنه يأتي بالتوازي مع تصاعد حالة التذمُّر المعلَن داخلَ كيان العدوّ الصهيوني، بشأن إخفاق إدارة ترامب في كبح التهديد الصاروخي والجوي من اليمن، بعد أن أطلقت القواتُ المسلحة اليمنية صاروخَينِ وعدة طائرات مسيَّرة على عُمق الأراضي المحتلّة في غضون 24 ساعة فقط، حَيثُ قالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” اليوم الاثنين: إن اليمنيين “يواصلون إطلاقَ الصواريخ والطائرات المسيَّرة وإيقاظ ملايين الإسرائيليين كُـلَّ ليلة، وفي الأسبوع الماضي استهدفوا الشمال لأول مرة” مشيرة إلى أن جيشَ العدوّ لا يستطيعُ أن يفعلَ شيئًا حيال ذلك؛ لأَنَّه يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفةُ عن مصدر أمني قوله: إنه “من الصعب تحديدُ متى سيختفي التهديدُ من اليمن”، لافتًا إلى أن كيانَ العدوّ “لا يمكنه المساهمةُ بأي شيء”؛ لأَنَّ الأمريكيين “فعلوا خلال شهر ونصف شهر 10 أضعاف ما يمكن أن يفعله الجيش الإسرائيلي في عام” فيما يتعلق بشن هجمات على اليمن، وهو اعتراف واضح بأن سقف العدوان على اليمن هو أعلى ما يمكن فعله، وأن كيان العدوّ لا يملك أية خيارات أُخرى.
والحقيقة أن هذه التصريحات تقدم إجَابَة واضحة عن الأسئلة التي تتهرب القيادة المركزية الأمريكية من الإجَابَة عليها، حَيثُ يبدو جليًّا أن الجيش الأمريكي محشور بالفعل بين خيارَي “الاستسلام، والمكابرة” كما شرحت صحيفة “جيروزاليم بوست” التابعة للعدو قبل أَيَّـام، وهذا يعني أنه يجدُ نفسَه مضطرًّا لمواصلة العدوان بدون أي أفق أَو إنجاز؛ فقط لتجنب الاعتراف بالهزيمة؛ ولتجنب ترك كيان العدوّ وحيدًا في المعركة.
مع ذلك فَــإنَّ خِيارَ المخاطرة باستمرار العدوان ليس في الواقع سوى تأجيلٍ للاعتراف بالهزيمة، وتعميقٍ للمأزِقِ بشكلٍ أكبرَ؛ فقد جرَّبت إدارةُ بايدن هذا الخيار، وبرغم الاعترافات الواضحة باستحالة ردع اليمن استمرت بتحمُّلِ المزيد من التكاليف والخسائر إلى أن وافَقَ العدوُّ الصهيوني على وقفِ إطلاق النار في غزة، لكن ذلك لم يجنِّبها عار الهزيمة أَو تداعياتها ولم يجعلها أخفَّ وَقْعًا، بل إنَّه ضاعَفَ الأعباءَ على الإدارة الجديدة بشكل كبير وجعل فشلَ “ترامب” يبرُزُ بوضوح في غضون أسابيعَ فقط.
ووفقًا لما سبق، فَــإنَّ خيارَ الصمت الذي يلتزمُ به البنتاغون لا علاقةَ له بـ”أمن العمليات” كما يزعُمُ، بل بتجنُّبِ الاعتراف بالفشل وبحقيقة الدافع الأَسَاسي للعدوان والمتمثل في إسناد كيان العدوّ، حتى ولو بدون نجاح، وهو أمر سينكشف بشكل أوضحَ مع استمرار تصاعد العمليات اليمنية التي ستؤدِّي إلى المزيدِ من الاعترافات الأمريكية بالفشل والمزيد من التذمُّر داخلَ كيان العدوّ الصهيوني.