في ذكراه الخالدة … الحسين كالحسين .. التأريخ يُعيد نفسه
كتب | الحسين بن أحمد السراجي
هذه الذكرى السنوية لرحيل القائد الشهيد المظلوم السيد العلامة حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه .. يمتعض من يمتعض ويُصاب بالدوار من أراد فلا ضير في ذلك حيث لهؤلاﺀ مواقف باطنية تحكي النزعة المريضة وفي أحايين التعبئة الخاطئة التي هي نتاج عقود وقرون من التحريض والكراهية ليس للسيد حسين فقط ولكن لكل ما يمتُّ لآل البيت بصلة !! وهذه مشكلة وفتنة بحدِّ ذاتها كوني لست من اختار أن يكون من آل البيت ولكنَّ الله هو الذي خلقني كذلك ولا اعتراض على إرادته , وفي كل الأحوال فليعش المرضى حياتهم كيفما أرادوا وليقولوا ما شاؤا مادام الله هو الحكم العدل وعدالته هي القول الفصل .
وبالعودة لِلُبِّ الموضوع ففي فترة حالكة من تأريخ هذه الأمة تحرك هذا الرمز وفي غاياته أهداف نبيلة كان إيقاظها من سباتها المتراكم استسلاماُ لأعدائها وأدواته أحد أبرز هذه الغايات .
جاﺀ السيد حسين في زمن الإنبطاح العربي والخنوع الإسلامي والإستسلام المذل الذي صنعه حكام الجور الجالسون على كراسي الحكم يعيثون في الأرض فساداً .
جاﺀ السيد حسين في زمنِ صُنع الطواغيت الجبابرة والحكام الدجاجلة الذين هجَّنوا وعي الأمة وحشروها في زوايا الطاعة والرضوخ لواقع الظلم والإستبداد والتسليم للهيمنة والإستكبار .
جاﺀ السيد حسين في زمنٍ تمَّ فيه تغييب القرآن الكريم عن الحياة والواقع ليصبح مجرد ألفاظ تلوكها الألسن بلا معنى ولا قيمة في حياة الفرد والمجتمع .
جاﺀ السيد حسين في الزمن الزاهي للعمل الإستخباراتي الغربي والعربي المتصهين الذي جعل من إسرائيل صديقة ودودة بينما هي تحتل فلسطين وتدنس الحرم الإبراهيمي وتقتل وتشرِّد أبناﺀها وتمارس كل منكر ورذيلة !! وجعل من إيران عدوداً لدوداً وشيطاناً رجيماً بينما هي تدعم المقاومات الإسلامية وتؤوي قادتها وتدافع عن قضاياها .
جاﺀ السيد حسين في زمن تمجيد الفراعنة والفقراﺀ والبؤساﺀ والمظلومون السُّذَّج يمدون أيدي الضراعة لهم بطول العمر يسبحون بحمدهم في المعتقلات والسجون .
جاﺀ السيد حسين في زمن المتغيرات والتناقضات الدينية والأخلاقية وعلماﺀ المسلمين محشورون في الزوايا يُسَوِّغون للحكام الفسقة أفعالهم ويُزينون لهم بغيهم وجورهم بنصوص الطاعة الأموية .
جاﺀ السيد حسين في زمن الإستكبار الغربي المهيمن على ثروات ومقدرات المسلمين بينما أبناﺀ العالم الإسلامي يعيشون الفقر المدقع والفتن الغالبة كالليل المظلم وطبقات المتنفذين في أبراج عاجية من الترف والبذخ .
جاﺀ السيد حسين في زمن سيطرة الطبقة المترفة بالأموال والمتخمة بالفساد والخاوية من العلم والفضيلة !! بينما السواد الأعظم من المسلمين يعيشون تحت خط الفقر والتجهيل الممنهج .
من هذا الواقع البائس .. ومن تراكماته العفنة .. من رحم المعاناة الدينية والإجتماعية العربية والإسلامية ومن باطل الحكام وجورهم واستفحال سيطرة الغرب على مقدرات الأمة وسلب إرادتها ومصادرة قرارها وانتهاك سيادتها برز فكر السيد حسين التنويري التوعوي السلمي بهدف توعية المجتمع بمخاطر ما يتهدد حاضره ومستقبله فكانت المواجهة .. مواجهة قتل الصرخة في وجوه الطواغيت وأسيادهم .. مواجهة وأد الوعي المجتمعي لتبقى حالة التهجين والتدجين .
مواجهةٌ شرسة ومستميتة تلقاها فكر السيد حسين لعوامل كثيرة أعلاها تهديده التسلط الإستكباري العالمي وزعزعة كراسي الطواغيت الصنمية العربية والإسلامية وأدناها الوعي المجتمعي بخطورة هاذين الخطرين ولأنه كذلك فلا بد من الإستماتة في وأد الفكر واجتثاث منبعه فكانت ست حروب ظالمة قضت على الأخضر واليابس في محافظة صعدة واستهدفت البشر والحجر والمدر وتم تجيير الأفكار المتطرفة للمشاركة في تلك الحروب بما فيها السعودية بقواتها وأموالها وأدواتها ومع استفحال الظلم وزيادة المظلومية توارى الظالمون وتهاوت العروش وبرز الفكر حتى وصل سدة الحكم بل وتجاوز الحدود المحلية إقليمياً وعالمياً .
إستشهد السيد حسين وتمَّ اعتقال جثمانه وتغييبه لسنوات بلغت عقداً من الزمان وبعدها تم تسليم الرفاة ليوارى الثرى في التربة التي عشقها والأرض التي أحبَّته وبين الرجال الذين تشرَّبوا حبه واعتنقوا فكره وآمنوا بصوابية مدرسته التصحيحية .
رحل السيد حسين كما رحل الحسين (ع) واعتقل جثمانه كما اعتقل رأس الحسين (ع) وبرز السيد حسين كما برز الحسين (ع) وانتهى خصومه وأعداؤه كما انتهى خصوم الحسين وأعداؤه .. رحل السيد حسين ولم ترحل مدرسته وسيُدفن من تبقَّى من خصومه ولن يُدفن فكره .
الختام : هناك اليوم أتباعٌ وأتباع .. أتباع يجسدون الفكر والمدرسة كما أراد الشهيد المؤسس وإن باتوا قلة وأتباعٌ يزعمون أنهم على خطاه سائرون بينما الحقيقة تحكي تسلقاً وزعماً تشويهياً ويقيني بأنه لو كان حياً لأشهر في وجوههم سيفه وخرج عليهم كما خرج الحسين على البغاة غير مبال بقلة الناصر ولا بكثرة السواد ما دام غثاﺀً .