مساعٍ لتحميل الأدوات الإقليمية والمحلية فاتورةَ الفشل الأمريكي
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
15 أبريل 2025مـ – 17 شوال 1446هـ
تتزايَدُ المؤشِّراتُ على مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لتوريطِ أطرافٍ إقليميةٍ ومحليةٍ في حملتها العدوانيةِ ضد اليمن؛ إسنادًا للعدو الصهيوني، خُصُوصًا مع تصاعُدِ العمليَّات اليمنية المسانِدة لغزة وتعاظم حالة اليأس داخل كيان الاحتلال من وقف تلك العمليات، وعجز الجيش الأمريكي عن تحقيقِ أيَّةِ نتائجَ بعد شهر كامل من الغارات الجوية المكثّـفة؛
الأمر الذي يعيدُ إلى الواجهة تحذيراتِ القيادة اليمنية من التورُّط في العدوان الأمريكي، وما ينطوي عليه ذلك التورُّطِ من تداعياتٍ كُبرى ستطالُ جميعَ أطراف معسكر العدوّ، خُصُوصًا في ظل واقعِ الفشلِ المعترَفِ به الذي تستندُ إليه المساعي الأمريكية لتوريط الآخرين.
وفي تقريرٍ جديدٍ نشرته، اليوم الثلاثاء، نقلت صحيفةُ “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين قولَهم إنه يجري مناقشةُ خُطَطٍ لتنفيذ هجوم بَــــرِّي بواسطة ما وصفته الصحيفة بـ “مليشيات يمنية” في إشارة لقوات المرتزِقة؛ مِن أجلِ تعزيز حملة القصف العدوانية الأمريكية ضد اليمن، مشيرة إلى أن “متعاقدين أمنيين أمريكيين” يقومون بتقديم المشورة للمرتزِقة بشأن هذا الهجوم الذي تدعمُه الإماراتُ، وَفْــقًا للمسؤولين.
وبحسب الصحيفة فَــإنَّ العمليةَ البرية التي تتم مناقشتُها تهدفُ لتعويضِ قصور الغارات العدوانية الأمريكية في استهدافِ ما وصفته بـ “البِنية التحتية العسكرية التي يصعُبُ ضربُها من الجو” في إشارةٍ إلى قدراتِ القوات المسلحة اليمنية، وهو مؤشرٌ واضحٌ على أن الولاياتِ المتحدةَ تسعَى للزج بأدواتها الإقليمية والمحلية في الميدان لتعويضِ فشلها وتحمُّلِ الخسائرِ التي بات واضحًا أن إدارةَ ترامب لا تستطيعُ ولا تريدُ تحمُّلَها، بعدَ أن تجاوزت تكاليفُ القصف الجوي حاجزَ المليار دولار في أقلَّ من ثلاثة أسابيعَ، ومن المرجَّحِ أن تكونَ قد تضاعفت الآن.
ويشكل هذا الدافع بحد ذاته فجوةً استراتيجية تؤكّـدُ حتميةَ فشل التوجّـه الأمريكي للتصعيد بريًّا من خلال الأدوات الإقليمية والمحلية؛ فتحريكُ المرتزِقة بريًّا يعتمد بالأَسَاس على الغطاء الجوي -كما أثبتت التجربة خلال 10 سنوات- وبالنظر إلى الفشل الجوي المعترَف به حَـاليًّا، فَــإنَّ التحَرّك البري لن يحقّق شيئًا سوى تحميلِ المرتزِقة وداعميهم الإقليميين فاتورةَ الخسائر نيابةً عن الجيشِ الأمريكي.
وقد أشَارَت الصحيفةُ الأمريكيةُ إلى ذلك بوضوحٍ، حَيثُ ذكرت أن “المناقشاتِ حولَ تنفيذ عملية برية تأتي في الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الأمريكيون: إن “الولايات المتحدة تدرُسُ خياراتٍ حولَ كيفيةِ إنهاء هجومِها الجويِّ في اليمن، حَيثُ تتوقُ إدارةُ ترامب إلى إظهارِ التزامِها بحملاتٍ محدودة وتجنُّبِ الحروبِ التي لا نهاية لها” وهو ما يعني أن إدارةَ ترامب تريد الخروج من مأزِقِها في اليمن، وتوريط أدواتها الإقليمية والمحلية لتحمُّلِ الخسائر والغَرَقِ في هذا المأزِقِ بالنيابة عنها، مثلما كان الوضع في سنوات العدوان السعوديّ الإماراتي.
وبحسب الصحيفة، يبدو أن بعضَ الأطراف الإقليمية تدركُ بالفعل هذه الورطة وإن كانت لا تفتقرُ إلى التوجّـه العدائي ضد اليمن والرغبة في التصعيد، حَيثُ أشار التقريرُ إلى أن مسؤولين سعوديّين أبلغوا الولاياتِ المتحدة والمرتزِقة بأن الرياض لن تشاركَ في دعم أي هجوم بَرِّي؛ خوفًا من التعرُّضِ لضربات صاروخية وجوية يمنية.
ويشيرُ ذلك بوضوحٍ إلى استيعابٍ للتحذيرات الواضحة والصريحة التي وجَّهَها السيدُ القائدُ أكثرَ من مرة للدول العربية والدول المجاورة بشأنِ خطورةِ وعواقبِ التورُّطِ مع الولايات المتحدة في الاعتداء على اليمن؛ إسنادًا للعدو الصهيوني، وهي تحذيراتٌ كان للسعوديّة نصيبٌ خَاصٌّ منها خلال العام الماضي عندما حاولت التصعيد ضد القطاع المصرفي خلفَ واجهةِ المرتزِقة.
وبرغم أنه لا تزالُ هناك مؤشراتٌ على تماهي السعوديّة مع التوجُّـه الأمريكي العدواني ضد اليمن، فَــإنَّ حقيقة إدراكها المعلَنِ لمخاطر التورط في التصعيد تؤكّـدُ أن اتِّخاذَ قرار التورط سيكونُ انتحاريًّا وغيرَ مدروسٍ، ولن يحقّقَ أي مكسب، بل سيؤدِّي إلى نتائجَ عكسية.
وقد نقلت الصحيفةُ الأمريكية عن متحدث باسم قوات المرتزِقة قوله: إن “قرار التحَرّك البري بيد التحالف السعوديّ الإماراتي” حسب تعبيره، وهو ما يعقِّدُ آمالَ كُـلٍّ من الولايات المتحدة والمرتزِقة؛ لأَنَّه في ظل الارتباط الواضح بين المرتزِقة والسعوديّة والإمارات فَــإنَّ قرارَ التصعيدِ يعني تفجيرَ تداعيات واسعة النطاق، قد لا تبالي بها الولاياتُ المتحدة، أَو المرتزِقةُ، لكنها ستجبِرُ السعوديّةَ والإماراتِ في نهايةِ المطافِ على التراجع مرة أُخرى كما أجبرتهما على ذلك سابقًا، ولكن هذه المرة من المرجَّح أن يكونَ الثمنُ أكبرَ بكثير، وسيكون انتصارُ اليمن بلا شك أكثرَ تأثيرًا على موازين الصراع في المنطقة بأكملها.
وبالمحصِّلة، ووَفْــقًا لما سبق، من الواضح أن ردعَ القوات المسلحة اليمنية وإنهاء الدور المتقدِّم الذي تلعبُه في الصراع مع العدوّ الصهيوني، هو هدفٌ بعيدٌ كُـلَّ البُعد عن سقفِ كُـلّ المساعي العدوانية الأمريكية، بما في ذلك مساعي تحريك الأدوات الإقليمية والمحلية؛ الأمرُ الذي يجعلُ الحديثَ عن العدوان البري مؤشرًا إضافيًّاً على حتمية فشل الولايات المتحدة وشركائها لا أكثر.