ماذا يعني تحييد حاملة الطائرات (ترومان) وإجبار واشنطن على اللجوء لقواعد أخرى؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
4 أبريل 2025مـ – 7 شوال 1446هـ
تقريــر || ضرار الطيب
في كلمته الأخيرة سلط السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الضوء على أحد أهم إنجازات المواجهة الميدانية مع العدوان الأمريكي الجديد على اليمن، وهو إجبار الولايات المتحدة على تقليل اعتمادها على حاملة الطائرات (يو إس إس هاري ترومان) واللجوء إلى استخدام القاذفات الشبحية من قواعد عسكرية في المحيط الهندي وأماكن أخرى.
في كلمته الأخيرة سلط السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الضوء على أحد أهم إنجازات المواجهة الميدانية مع العدوان الأمريكي الجديد على اليمن، وهو إجبار الولايات المتحدة على تقليل اعتمادها على حاملة الطائرات (يو إس إس هاري ترومان) واللجوء إلى استخدام القاذفات الشبحية من قواعد عسكرية في المحيط الهندي وأماكن أخرى؛ الأمر الذي سعت إدارة ترامب لتقديمه كارتقاء في مستوى العمليات، لكنه في الحقيقة يعكس فشل الخطة الأساسية، بفعل نجاح القوات المسلحة في تحييد حاملة الطائرات الأمريكية التي كانت بمثابة رأس الحربة في العدوان، وهو الأمر الذي يفتح مجدداً ملف الهزيمة التاريخية والانتكاسة الكبرى للبحرية الأمريكية وتداعياتها على “الردع” الأمريكي.
السيد القائد أكّد في كلمته الأخيرة أنّ العدوّ الأمريكي بدأ يعتمد مؤخراً في عملياته العدوانية ضد اليمن على الطائرات الشبحية وقاذفات القنابل التي تنطلق من قواعد أخرى غير حاملة الطائرات (هاري ترومان)؛ لأن الأخيرة أصبحت تتعرض لمطاردة مستمرة من قبل القوات المسلحة اليمنية، وتعيش حالة هروب متواصل يعيق خططها الهجومية.
وجاء تأكيد السيد القائد توازياً مع اعتراف مسؤولين أمريكيين بأن قاذفات (بي -2) الشبحية التي نقلتها الولايات المتحدة مؤخراً إلى قاعدة “دييغو غارسيا” العسكرية في المحيط الهندي، صارت تستخدم أيضاً في تنفيذ العمليات ضد اليمن، وفقاً لما نقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أمس الجمعة.
ويعتبر هذا تحولاً مهماً وسريعاً في مجريات المواجهة، حيثُ كان من المفترض أن تقود حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) العمليات ضد اليمن؛ الأمر الذي يطرح تساؤلات حول سبب هذا التحول ومدلولاته.
وللإجابة عن هذه التساؤلات، يجب النظر إلى المستجدات المحيطة بإرسال القاذفات الشبحية واستخدامها في اليمن بدلاً عن استخدام مجموعة حاملة الطائرات (ترومان)، ومن هذه المستجدات الاعترافات الصريحة والسريعة لمسؤولين في البنتاغون، بأن حملة القصف الجديدة لم يكن لها سوى “تأثير محدود للغاية” وفقاً لما نقلت كلّ من صحيفة “نيويورك تايمز” وشبكة “سي إن إن” وهو تأكيد واضح على الفشل، خصوصاً في مقابل الإنفاق الهائل الذي قال المسؤولون: إن اقترب من مليار دولار في أقل من ثلاثة أسابيع.
هذه الاعترافات، تفسر بشكل واضح التحول إلى الاعتماد على قاذفات (بي-2) كخطوة اضطرارية من جانب إدارة ترامب لتغطية فشل الخطة الأساسية التي كانت تعتمد على حاملة الطائرات، وهو ما كان قد برز قبل ذلك في قرار إرسال حاملة الطائرات (كارل فينسون) إلى المنطقة بعد أسبوع واحد فقط من بدء العدوان الجديد.
وبرغم أن إدارة ترامب حاولت تصوير إرسال ست قاذفات (بي -2) إلى قاعدة “دييغو غارسيا” في المحيط الهندي كاستعراض ورسالة ردع لخصوم آخرين؛ فإن الحاجة إلى استخدام هذه القاذفات في اليمن، كانت واضحة منذ البداية، حيثُ قال المتحدث باسم البنتاغون نهاية مارس: إن إرسال هذه القاذفات يأتي لتحسين الموقف العملياتي للولايات المتحدة في المنطقة، وهو عنوان لا يمكن فصله عن الحملة العدوانية الجديدة عن اليمن، والتي تعتبر أبرز وأوسع نشاط عملياتي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، كانت شبكة “سي إن إن” قد نقلت عن محللين عسكريين وقتها أن استخدام هذه الطائرات يأتي بدافع الحاجة إلى قدرتها على حمل القنابل الكبيرة الخارقة للتحصينات؛ من أجل استهداف ما وصفوه بـ”المواقع المدفونة” في اليمن، وهو ما يشير إلى حاجة “اضطرارية” أخرى وراء إرسال هذه القاذفات واستخدامها في اليمن، حيثُ لا تخفي اعترافات المسؤولين الأمريكيين أن إدارة ترامب تواجه مأزقاً صعباً للغاية فيما يتعلق بتدمير القدرات العسكرية اليمنية، حتى مع استخدام القاذفات الشبحية.
وعلى أية حال، فإن كلّ المبررات السابقة تتقاطع عند حقيقة واضحة هي أن القوات المسلحة قد تمكنت من تحييد حاملة الطائرات “هاري ترومان” بشكل كبير إلى حدّ إجبار الولايات المتحدة على البحث عن وسائل وأدوات وتكتيكات إضافية، لتعويض العجز العملياتي سواء فيما يتعلق بالقدرة على تنفيذ المهام العدوانية المتواصلة أو بمحاولة تحقيق الأهداف المرجوة.
هذه الحقيقة تعيد إلى الواجهة الاستنتاجات غير المسبوقة التي أفرزتها معركة البحر الأحمر في عهد إدارة بايدن، وأبرزها “انتهاء زمن حاملات الطائرات” وتحولها إلى “عبء” على الولايات المتحدة، حيثُ بات واضحاً أن تكتيكات القوات المسلحة اليمنية قد رسخت نجاحها في إجبار القطع الحربية الأمريكية على البقاء بعيدة بشكل كبير عن السواحل اليمنية، وكذلك في إعاقة وإحباط النشاطات العدوانية لهذه القطع بصورة استباقية؛ الأمر الذي يعني أن عجز البحرية الأمريكية في مواجهة اليمن قد بات واقعاً ثابتاً لا يتغير بتغير الإدارة السياسية.
وأكثر من ذلك، يمثل تقليص فعالية حاملة الطائرات الأمريكية وتحييدها، دلالة واضحة على احتفاظ القوات المسلحة بزمام القدرة على فرض المتغيرات والمعادلات الميدانية، وهو الأمر الذي سعت إدارة ترامب بوضوح إلى تقويضه من خلال تكثيف الغارات العدوانية على اليمن بهدف خلق ضغط كبير على القوات المسلحة اليمنية، وهذا يعني أن الأخيرة تواصل مراكمة الإنجازات في الوقت الذي تلجأ فيه قوات العدوّ إلى تغيير وتعديل تكتيكاتها وأدواتها بشكل مستمر، بدون أي إنجاز؛ الأمر الذي يشير إلى أن الحملة الأمريكية تتجه نحو نهاية مسدودة بشكل حتمي.