الخبر وما وراء الخبر

من تاريخ الأطماع السعودية في محافظة حضرموت اليمنية

70

ذمــار نـيـوز || تقارير ||
1 أبريل 2025مـ – 3 شوال 1446هـ

عبدالرحمن العابد

أثبتت السعودية ومنذ ظهورها الأول في قلب الصحراء وحتى ظهورها الثالث؛ أنها الكيان الأكثر تبني للفكر التوسعي لامبراطوريات الاحتلال القديم في الاستيلاء على أراضي دول الجوار وضمها إلى خارطة أراضيها التي لم تكن تتجاوز مساحة صغيرة، اتسعت بعد أن ابتلعت من كل الدول التي حولها حتى أصبحت بمساحة مليون ونصف المليون كيلو متر.

ولأن الخطط والمشاريع التوسعية لهذه الأنظمة والكيانات تُبنى على أنقاض الأنظمة والدول المنهارة، تحرص السعودية على إضعاف وتدمير جوارها السياسي واستغلال الصراعات للتوسع والاستيلاء على أراضي وثروات الغير وفرض سياسة الأمر الواقع.

إذا ما قمنا بقراءة تاريخية لما شهدته اليمن من أحداث فسنجد السعودية فشلت في اجتياحها التوسعي الأول في ضم أراضٍ يمنية وتحديداً بمحافظة حضرموت لكنها لم تتخلى عن مخططاتها التوسعية، واتجهت منذ ما يزيد على ستين عاماً إلى إضعاف الدولة اليمنية من خلال إدخالها في حروب وصراعات سياسية وعسكرية ومذهبية ومشاكل اقتصادية لا تنتهي، حتى تتمكن من تحقيق أطماعها التوسعية في محافظة حضرموت التي تتسم بمساحة واسعة تساوي ثلث مساحة البلاد ويربطها بالسعودية شريط حدودي طويل يمتد من الخراخير حتى شرورة في نجران.

مطلع ستينيات القرن الماضي، وتحديدا في العام 1961م، أثار إعلان شركة “بان أمريكانا” عن وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود أطماع السعودية، ودفعها في اتجاه ضم المنطقة إلى أراضيها، لكي تتمكن من تحقيق أهدافها، اتجهت لاختلاق خلافات مع ما كان يعرف باليمن الجنوبي القابع تحت سلطة الاحتلال البريطاني حينذاك، وتمكنت عبر المشاكل التي اختلقتها الرياض إلى إيقاف الشركة الأمريكية عن التنقيب، إلا أن أطماعها ومحاولاتها لضم منطقة ثمود وإلحاقها بها بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية فيها لم تتوقف، حيث أوعزت لأحد تجار حضرموت الذين يحملون الجنسية السعودية، بالقيام بعملية شراء أراض واسعة في المنطقة.

لم تتوقف الأطماع السعودية في عقد الستينيات عند حدود محاولاتها لضم منطقة ثمود، ولكنها ازدادت اتساعا، حيث اتجهت في مخططاتها للسعي لوضع يدها على محافظتَي حضرموت والمهرة بموجب اتفاق رعته بريطانيا في الثالث من مايو من العام 1965، وتم توقيعه بين ممثل الحكومة السعودية وممثل السلطنة القعيطية، بناءاً على طلب الرياض التي غلفت أطماعها بالدعوة لإقامة الاتحاد الشرقي بين كلّ من السلطنات “القعيطية والكثيرية والمهرية”، مقابل قيام الحكومة البريطانية بمنح الاتحاد الشرقي الاستقلال الفوري، ونص الاتفاق وفق الوثائق التاريخية، أن يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية في الاتحاد المزمع، وأن يُدمج الاتحاد الشرقي في اتحاد كونفدرإلي مع الحكومة السعودية، لكن، ورغم أن المخططات السعودية قوبلت بدعم بريطاني وتجاوب سلاطين ما تعرف بالمحميات الشرقية، إلا أن محاولاتها وأطماعها التوسعية تلاشت وذهبت محاولاتها أدراج الرياح بعد أن أفشلها تحركات «الجبهة القومية» عام 1967م.

فشلت المحاولات السعودية في عقد الستينيات لكن أطماعها لم تتوقف حيث وقفت الرياض على مدى العقود الماضية، عبر أياديها المختلفة وحالت دون استخراج الثروة النفطية في ثمود، كما سبق لها أن أوقفت أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية.

التدخلات السعودية في الشأن اليمني التي ظلت تديره طوال ستة عقود من خلال أدواتها وأذرعها لم تعد كذلك اليوم، وما فشلت في تنفيذه والوصول إليه عبر طرق ملتوية وبدعم بريطاني في ستينيات القرن الماضي، تسعى اليوم لتحقيقه من خلال توجيه “قيادات الارتزاق اليمنيين” ودفعهم لتحقيق أهدافها وأطماعها التي لم تعد تتوقف عند حدود الاستيلاء على المناطق الغنية بالنفط أو الحصول على اتفاق يمنحها الحق في تنفيذ مشروعها المتمثل في مد أنابيب تصدير النفط عبر الأراضي اليمنية وبناء ميناء خاص بها على المحيط الهندي لتصدير النفط كما كانت تأمل من قبل، ولكن من خلال إحياء أطماعها وسيناريوهاتها القديمة وتحظى اليوم بدعم ومباركة من قبل أحزاب وقيادات سياسية يمنية تقاتل معها من أجل تحقيقها، رغم علمهم أنهم من خلال الانخراط في مخططاتهم سيحققون للسعودية كل ما حاولت وفشلت في تحقيقه منذ نشوئها.

إذا كانت السعودية قد غلفت أطماعها وسعت بطرق ملتوية لتحقيقها من خلال دعوتها لإقامة “الاتحاد الشرقي” بين السلطنة الكثيرية والسلطنة القعيطية والدخول معهما في اتحاد كونفدرالي، فهي اليوم تكاد تحصل على أكثر مما كانت تحلم به، وإذا كانت المطامع السعودية قد انحصرت قديما في ضم محافظة حضرموت فها هي اليوم تسعى إلى توسيع اتحادها الشرقي القديم وتضم إليه محافظات أخرى وهي شبوة والمهرة وسقطرى، الذي سبق أن أطلقوا عليه مسمى “إقليم حضرموت” وفق نظام “الأقلمة” الذي أعلن عنه الفار هادي “المنتهية صلاحيته” ورفضه أبناء الشعب اليمني.