الخبر وما وراء الخبر

الحج .. حاجة إسلامية لإخراج هذه الفريضة من حسابات آل سعود السياسية

200

تقارير | المسيرة نت | إبراهيم الوادعي : من المتوقع أن يلقى مشروع تقدمه إحدى المرجعيات العلمائية حول إدارة إسلامية مشتركة لشعيرة الحج قبولا وصدى في البلدان الإسلامية في ضوء تسييس كبير لشعيرة الحج المقدسة من قبل السلطات السعودية التي أصبحت تمزج بين السماح بأداء هذا الركن الإسلامي والخصومة السياسية , وأضحت سياساتها الخارجية لا تلقى قبولا من غالبية الدول الإسلامية والعربية باستثناء تلك التي تواصل الرياض إغداق الأموال عليها.

وفي هذا الإطار أعلن المرجع الديني آية الله ناصر مكارم شيرازي أنه يضع في الوقت الراهن مخططا لإخراج فريضة الحج والعمرة من التسييس , وسيقدم مخططه في حال الانتهاء منها إلى علماء الأزهر وسائر علماء العالم الإسلامي، ليصار إلى دعوتهم لمؤتمر لبحث سبل تكميله وإيجاد سبل تنفيذه والضغط على الحكومة السعودية للموافقة عليه. وشدد شيرازي وهو أحد القامات العلمائية الإيرانية على أن هذا المشروع يخدم السعودية ولا يتعارض بتاتا مع سيادتها وسلطتها على البلاد، خاصة وأن الحرمان ليسا ملكا للسعوديين وإنما ملك لكل المسلمين.

لافتا إلى إن التجربة برهنت على أن السعوديين غير قادرين على إدارة هذه الفريضة العظيمة بمفردهم، والأحداث الأليمة التي وقعت في العام الماضي في المسجد الحرام وكذلك في منى أكبر دليل على ذلك, وتمزج بين القضايا السياسية وحق المسلمين في الحج بكرامة وعزة. تصريحات شيرازي أتت بعد فشل مفاوضات الحج بين السعوديين والإيرانيين وإعلان طهران ان الرياض تتجه لمنع الحجاج الإيرانيين من أداء فريضة الحج هذا العام.

وإضافة إلى مأساة الحجيج في منى العام الماضي أيضا فقد منع النظام السعودي الحجاج اليمنيين من أداء فريضة الحج برغم دعوة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لإبعاد هذه الفريضة عن التسييس , ومحذرا السلطات السعودية من عقوبة إلهية تطالها , لكنها أضافت إلى عدوانها المستمر على اليمن وقتلها الشعب اليمني عدوانا من نوع آخر وهو منع اليمنيين من حقهم الإلهي والديني في الحج , وصدتهم عن الوصول إلى مكة والكعبة الشريفة, بما يخالف التوجيه الإلهي بمساعدة وحث الناس على القدوم إلى مكة وتعظيم البيت الحرام , وجرم الصد عنهم , إذ قال عز من قائل ” وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ “.

وللنظام السعودي سوابق في الصد عن مكة والمدينة المنورة ومنع الحجيج من الوصول إلى بيت الله الحرام , وأداء شعيرة الحج ففي عهد الدولة السعودية الأولى ففي عام 1220 هـ، بعد أن احتل الحجاز، وارتكب فيها أنواع الجرائم غير عابئ بقدسيتها، ومنع سعود الأول المصريين والسوريين والعراقيين أن يحجوا، بعلة أنه يخشى منهم وأنه لا يعجبه إسلامهم! ويقول العلّامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم السعودية: «إن سعوداً حشد جيوشاً عظيمة قرب المدينة المنورة،في العام 1221 هـ وأمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر والشام، فرجع المحمل الشامي إلى وطنه، وكان أميره عبد الله باشا العظم، ثم بعد ذلك قام سعود بإبعاد آلاف العرب من مكة، ومعظمهم من أبناء الحجاز نفسها واليمن والعراق، وكذلك سافر إلى المدينة وفعل فيها مثلما فعل في مكة، وقد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر والشام واليمن والسودان وتركيا وأماكن شتى من العالم».

وحديثا أعاد النظام السعودي الحالي الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959، وأعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر. ورفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة إما جنيهات استرلينية أو دولارات أميركية، فيما امتنع الكثير من الحجاج في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات، مقسمين ألا يحجوا حّتى يطهروا قبلتهم من الرجس، أما أهالي مصر والشام واليمن فقد امتنعوا عن الحج كلياً طيلة ست سنين , كما قتلت الدولة السعودية الثالثة في بداية نشأتها 2900 حاج يمني عام 1922 م فيما عرف بمذبحة وادي تنومة .

وبالأمس اتهم خطيب صلاة الجمعة في طهران آية الله أحمد خاتمي، النظام السعودي ب”الصد عن سبيل الله”على خلفية وضعه العراقيل أمام الحجاج الإيرانيين. وقال: ” السعودية حاضرة في عمليات القتل والجرائم وتعد المخططات في الداخل وتحاول ألا يشارك الإيرانيون في مراسم حج العام الجاري”. مؤكدا أن مكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتان تعودان إلى العالم الإسلامي برمته ولا يحق للنظام السعودي الصد عن المشاركة في مراسم الحج لأن ذلك يعد مصداقا للصد عن سبيل الله .

وأمام سلسلة من هذه الجرائم المتصلة بالصد عن بيت الله وقتل الحجيج إلى بيت الله الحرام يصبح الحديث عن سن نظام إسلامي للإشراف على مكة والمدينة وإدارة شئون الحج والعمرة أو إحياؤه بالأصح حاجة إسلامية ماسة وملحة بعد أن أصبح للنظام السعودي خلافات مع غالبية الدول الإسلامية والعربية ولم يعد يهتم سوى بإرضاء “إسرائيل” مؤملا فرصة جديدة في البقاء بعد أن ظهرت ملامح تخفيف الرعاية والحماية الأمريكية عنه.