شخصيةُ السَّـيِّدِ القائدِ حُسَـيْن بن بدر الدين الحوثي.. النشأة، الشجاعة، السخاء
وكالات كتب/ ماجد الكُحْلاني
وُلِدَ السَّـيِّدُ القائدُ حُسَـيْن بدر الدين الحوثي في شهر شعبان 1379هـ فبراير 1960م بمنطقة الرويس بني بحر بمديرية ساقين محافظة صعدة شمالي اليَـمَـن، فاتحاً عينيه على الدُّنيا ونور الإيْمَـان والتقوى، كما نشأ وترعرع في رحابِ القُــرْآن الكريم وعلوم أهل بيت النبوة، فنهال مِن هذا المعين الصافي النقي وتعلَّم من أبيه العلمَ والعملَ معاً والشعور بالمسؤولية العظيمة تجاه أمته ودينه.
شَبَّ السَّـيِّدُ القائدُ رضوان الله عليه وكَبُرَ معه هذا الشعورُ حتى أصبح رجلاً متميزاً، منحَه اللهُ من العلم والوعي والحكمة والبصيرة والكرم والأخلاق العالية والتعقل والصبر وسعة الصدر والشجاعة وغيرها من صفات الكمال ما يبهرُ كُلَّ من عرفَه وجالسَه.
عُرِفَ بين الخاصَّة والعامة بالورع والتقوى والمسارعة في الأعمال الصالحة.. كان كثيرَ الاهتمام بإرشاد الناس وإصلاحهم وتعليمهم أمور دينهم وحل مشاكلهم، وكان بيته عامراً بطلاب العلم وأصحاب الحاجات، مولياً الفقراء والمحتاجين اهتماماً ورعايةً خاصة.
كان رضوانُ الله عليه يمتلك نظرة واعية وحكيمة في كُلّ شيء، فمن يقرأ دروسَه وملازمة يجد أنه تناول مجمل تفاصيل الحياة.. وكان جديراً ومؤهلاً بأن يؤتيَه الله ما آتاه من العلم والحكمة والبصيرة والوعي والقُدرة على القيادة كثمرة لما كان يحمله في عُمق روحِه من مؤهلات القيادة والإحسان والشجاعة والمروءة والكرم والرحمة بالناس والثقة القوية بالله والاستشعار بالمسؤولية والإخلاص والوفاء في العمل؛ من أجل خدمة المصلحة البشرية وتأهيلها؛ لتكون بمستوى النهوض بمسؤوليتها المُلقاة على عاتقها.
لم يُخْــفِ السَّـيِّدُ حُسَـيْن الدورَ العظيمَ لوالدة إِلَى درجة انه كان يردّد بأن كُلّ ما لديه هو من بركات والده المجاهد فقيه القُــرْآن السَّـيِّد بدر الدين بن أمير الدين بن الحُسَـيْن بن محمد الحوثي رضوان الله عليه، الذي رعاها ونشّأه تنشئةً قُــرْآنية، كما دفع به وبإخوته البالغ عدد 13 أخاً هو أحدهم إِلَى تحمل المسؤولية الدينية مهما كانت التضحيات.
وفي مجال الإحسان كان السَّـيِّد حُسَـيْن رضوان الله عليه من عباد الله المحسنين.. فكان كثيرَ الإحسان للآخرين، وتميّز وعُرف بهذه الخصلة الحميدة أكثرَ من غيرها من الصفات العظيمة التي كان يتحلى بها، فاهتمامُه بالمجتمع كان واضحاً من خلال عمله الدؤوب على رفع المعاناة عنه.. توج إحسانَه هذا بالجهاد في سبيل الله، نُصرةً للمستضعفين من عباد الله ليصلَ بذلك إِلَى قِمَّــة الإحسان الذي ذكرَهُ اللهُ في كتابِه بقولِه وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” [69، العنكبوت].
أمَّا الشجاعةُ فقد كانت شجاعة السَّـيِّد حُسَـيْن نادرةً، مصبوغةٌ بالرحمة والرأفة، شجاعةٌ يترافق معها الإنصافُ والهدوء والحكمة ورباطة الجأش.. شجاعة -حسب ما ذكره مقربون منه- لم تكن تُعرف إلا في المواقف التي تطلبها، عَلَّ من بين تلك المواقف التي تشهد له هي خلال الحروب التي شنت عليه.. إذ كان لا يكترثُ بكل ذلك وكان مثار إعجاب الناس جميعاً حتى أن المجاهدين الذين كانوا يواجهون كُلّ تلك القوة المحتشدة، مستمدون صمودهم وشجاعتهم من شجاعته، وكانوا يرونه مطمئنَ البال لا تفارق الابتسامة وجهَه، وهو يواجه كُلّ تلك الهجمات والعنف ويدير أشدَّ وأصعبَ معركة بحكمة ودراية واقتدار.
السخاء هي الأُخْرَى صفة امتاز بها السَّـيِّد حُسَـيْن “رضوان الله عليه” طيلة حياته، فكانت من المكارم التي حباه الله بها، فقد كان كرمه متميزاً ليس فيما يقدمه لك من طعام متنوع، وإنما بالحفاوة في تقديمه لك في أجواء من البشاشة والروحية التي تشعر بها وهو يكرمك، فأنت عندما تحل ضيفاً لديه تشعر بأنك تشكل رقماً كبيراً بما تلمسه من الاهتمام بك والعمل على راحتك، دون أَن تشعرَ بتكلفه بالاحترام أَوْ البذل أَوْ الاهتمام بك بل تجد أن السَّـيِّد مرتاح جداً بوجودك ضيفاً عليه.. وكان هذا التعامل وتلك الخلاق سجية وفطرة فطرة الله عليها.
كما كان للسيد القائد مع أسرته أباً حنوناً ومربياً مقتدراً.. يهتم عملياً بتربية أسرته، فكان رضوان الله عليه حريصاً على تربيتهم على أساس تعاليم القُــرْآن الكريم.. وحب الناس والاهتمام بمصالحهم، وكانوا يتعلمون منه إكرامَ الضيف والصدق والوفاء والشجاعة.. يزرع فيهم الوعي والبصيرة وتحملهم المسؤولية الكاملة تجاه دينهم وأمتهم.
خلال العدوان عليه كانت أسرتُه المباركة تقفُ بجانبه في أحلك الظروف وأصعبها، وأثبتت خلال المحنة التي عاشوها في الحرب الأولى وهم محاصرون في جرف سلمان عظم تلك التربية الإيْمَـانية التي تجلَّت في صمودهم ووفائهم حتى آخر لحظة رغم تعرُّضهم لشتى أنواع القهر والتعذيب والظلم.
وإذا ما أردنا أن نعرفَ عظمة التربية الإيْمَـانية التي أولاها السَّـيِّدُ حُسَـيْن لأسرته الكريمة فإننا سنجد ذلك جلياً من خلال أَبْنَـائه الآن، فهم تجسيدٌ واضح لتربية والدهم في حبهم للناس وكرمهم وصدقهم ووفائهم وشجاعتهم.
كذلك فيما يخص أسلوبه في الحوار فقد تفرد السَّـيِّد القائد حُسَـيْن بدر الدين الحوثي بذلك، فقد كان رضوان الله عليه منهجيةً عالية جداً وخبرة عالية في المحاورة، حد تعبير أحد رفقائه وهو الأستاذ يحيى قاسم أبو عواضة الذي نعت ذلك واصفاً بقولِهِ: حضرتُ للسيد حواراتٍ عديدةً مع كُلّ الأطياف، وكان يمتاز بخبرة عالية وصبرٍ عجيب وقُدرة فائقة على الاقناع وسرد الأدلة وتوظيفها توظيفاً سليماً.
مستطرداً بقوله: كان أَيْضاً يمتلكُ قدرةً على التحكُّم في الحوار حتى لا يخرُجَ عن مساره، حريصاً على إبقاءِ حالة الابتسامة والمرَح والضحك أحياناً حاضرةً بقوة في الحوار.. يستمع إِلَى محاوريه بإنصات، لا يتهجَّم عليهم.. يتعامَلُ معهم بكُلِّ احترام وتقدير، ولا يحاول أن يُحْرِجَ محاوِرَه أَوْ أن يستدرجَه؛ لأنه لم يكن يرد في ذهنيته أن يهزِمَ مَن يحاورُه على الإطلاق، وبالتالي كان يَخرُجُ في كُلِّ حواراتِه بنتيجة.