الخبر وما وراء الخبر

الوعد الصادق.. والفائز بالحسنيين النصر والشهادة

1

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
22 فبراير 2025مـ – 23 شعبان 1446هـ

تقريــر || ماجد جدبان

لا يمكن اختصار تأثير خطابات الشهيد القائد السيد حسن نصر الله في بضع سطور.

فخطاباته جمعت بين القوة والشجاعة، الصلابة والتحدي، التدين والتسليم، وأيضًا اللطف والمحبة.

لقد شكلت هذه الخطابات مدرسة متكاملة تُعتبر إرثًا عظيمًا لمحبيه، وتوثيقًا لأهم مراحل تأسيس وتصاعد حزب الله، وفاز بالحسنيين النصر والشهادة معاً.

كان بالنسبة لليمنيين أبرز المدافعين عن مظلوميتهم، فلم تخلُ خطاباته من التأييد والانحياز الكامل للشعب اليمني، وقد اعتبر الشهيد السيد في خطاب له في الأول من مارس 2016م أن [أشرف وأعظم ما فعله في حياته هو خطابه في ثاني يوم من العدوان على اليمن]، مؤكدًا أنه لا توجد مظلومية على وجه الأرض توازي مظلومية الشعب اليمني، وبكى لهذه المظلومية أمام شعبه مباشرة.

بكى أيضًا سيدنا الشهيد في إحدى خطبه عبر الشاشة في مراسم “عاشوراء”، عندما ذكر جده الحسين بن علي -عليهما السلام- لم يستطع السيد إكمال جملته حتى تأثر أنصاره، فرفعوا له حناجرهم صادحةً بالتلبية.

وفي كل مقاطع الأدعية التي كان يقرأها على مسامع محبيه، كانت تخنقه العبرة.

وجه حزب الله عند الخصوم والمحبين

تحدث خصومه عن هالته وتأثيرها من خلال خطاباته، فبعد ارتقائه في 27 سبتمبر 2024، كتبت لوموند: “بعمامته السوداء التي كانت مخصصة لذرية النبي، ونظارته الرفيعة ولحيته الكثيفة، ظل حسن نصر الله وجه حزب الله لأكثر من ثلاثة عقود.

كان الشهيد القائد يحمل مصير البلاد بين يديه، في الحرب وفي السلم، وكان يمتلك كاريزما، ويحظى باحترام ديني من أنصاره والذي يحترمه الجميع، وكان محل إعجاب في المنطقة، يتمتع بالتأثير على مجرى التاريخ بحيوية لا مثيل لها.

ومن خلال خطابات طويلة مشبعة بالإشارات الدينية، تتخللها روح الدعابة والتهديدات المدعومة بإصبع مرفوع.. لقد عاش نصر الله، العدو اللدود لإسرائيل.”

وفي هذا السياق يقول عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد الفرح، : “لو سمحت الظروف لسافر أغلب أهل اليمن إلى لبنان لتشييع السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، لأنهم يعتبرونهم شهداءهم، في المقام الأول”.

وأكد أن الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، ارتبط صوته وخطاباته في مخيلة اليمنيين بالنصر والعنفوان والوعد الصادق منذ مطلع تسعينات القرن المنصرم، ووقف مع أبناء هذا البلد في الوقت الذي خذلهم وتآمر عليهم العرب، وبالتالي أهل اليمن هم أهل الشهامة ولا ينسون من وقف معهم وهم في أشد الظروف وأصعب المراحل”.

وأشار إلى أن الشهيد القائد السيد حسن نصرالله لم يكن خاصاً بلبنان ولا محصور النطاق في طائفة أو حزب، بل كان شخصية عابرة للمذاهب، متجاوزة للأطر الجغرافية والسياسية، فقد جمع كل سمات السمو والأخلاق، وحاز البلاغة والفصاحة والبيان، وسيبقى صوته يقرع مسامعنا عند كل منعطف، وينذرنا عند المنزلقات، فيه عرفنا شجاعة، وأخلاق علي والحسن والحسين عليهم السلام ومنه تعلمنا العيش بلا حقارة أو إذلال.

غداً على العهد نعزي السيدين ونفرح بالحسنيين نصر الله والشهادة

وعند كل خطاب يعتلي صوتك الصادق، وفي كل مرة يعلو فيها، كنا نعتلي معك.. ترتفع قبضات القلوب قبل الأيدي لنقول لك: “أوفِ لنا الكيل”. كبرنا معك، سيدي. تحت منبرك نشأنا وتربينا. كنا نلوذ بخطبك عند اشتداد الأسى، ونلتهم أحرف نصوصك وكأنها مُقدسٌ نازل.

ويواصل : “غدًا، نصر الله ، سيكتب التاريخ، وتقرأه أمم غيرنا، أن الكل كان ينتظرك: المحب والكاره، الصديق والعدو.. أما نحن يا أبانا، فالانتظار لنا شأنٌ آخر. ففيك رأينا آيات الله الكريمة، رأينا فيك “إن ينصركم الله فلا غالب لكم”، ورأينا فيك “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”. وأيضًا، عرفنا معك “كيف تقاوم العين المخرز”، وما رأينا معك إلا كل جميل، وفيك عرفنا معنى “من خاف الله أخاف الله منه كل شيء”.

لم يترك الشهيد القائد السيد حسن نصر الله قضية أو مناسبة أو حدثًا إلا وتحدث عنها من خلال خطاباته، وقد قدم كل الأجوبة والرسائل للأصدقاء والأعداء على حد سواء.

وبعد كل خطاب له، كانت القنوات التلفزيونية المحلية والعربية، وكذلك تلك التابعة للعدو الإسرائيلي، تخصص فقرات مباشرة تحليلية لمضمون خطابه، وتفسير لغة جسده وتعبيراته، ورصد الرسائل التي تُدرج ضمن الإطار المكاني الذي يظهر من خلاله، مع خلفية المشهد وكيفية ظهور وجهه الكريم.

لم يكن ذلك مقتصرًا على القنوات التلفزيونية فقط، بل شمل أيضًا الصحف المكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي. كانت حالة انتظار غير مسبوقة تسبق أي خطاب له بأيام، ومن ثم كان الناشطون في الفضاء الافتراضي يقومون برصد جمل من خطاباته ومشاركتها مع المتابعين أثناء الخطاب وبعده بساعات.