مفاوضات الكويت والتعامل بمسؤولية من أنصار الله
يبدي أنصار الله حرصاً كبيراً على إنجاح المفاوضات الجارية في دولة الكويت وكانت قد بدأت منذ وقت سابق، يتمثل ذلك في التعامل بمسؤولية حيال المواضيع المدرجة في جدول أعمال المفاوضات والنقاط محل الخلاف.
ولو عدنا إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى ما قبل عام من الآن، لوجدنا أن أنصار الله قدموا تنازلات عديدة سواءً في مؤتمر الحوار الوطني أو مفاوضات ما بعد المؤتمر، فيما يتعلق باتفاقية السلم والشراكة مروراً بمفاوضات جنيف وانتهاءً بمفاوضات الكويت.
ونتذكر ما قاله السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير، حيث قال ما نصه “إن المصلحة الحقيقية للمنطقة بكلها، ولشعوبنا وبلداننا العربية والإسلامية هي في الاستقرار، وإطفاء نيران الحروب والفتن، وإن شعبنا اليمني هو مصدر سلام تجاه كل محيطه العربي والإسلامي، ويحمل إرادة الخير تجاهه كله، وموقفه اليوم هو الدفاع اضطرارا في مواجهة العدوان غير المبرر وغير المشروع، ولذلك فإن سعينا في العمل لوقف العدوان، على شعبنا كما هو في الميدان، بالتصدي للغزاة، وقتالهم ومواجهتهم هو أيضا قائم في ميدان السياسة”.
وبخلاف الأطراف التي تقف على الجبهة الأخرى، والتي كانت ولا زالت تبدي تشدداً ملحوظاً تجاه القضايا في محاولة منها لتأزيم الوضع القائم، ووضع المزيد من العقبات في طريق الوصول إلى حل توافقي يرضي جميع الأطراف من شأنه إخراج اليمن إلى بر الأمان.
والمتتبع للتصريحات الصادرة من قيادة أنصار الله يجد أنها جاءت متسقة مع سياسة تصب في مصلحة اليمن أولاً وأخيراً، وأن هذه التصريحات توحي بما لا يدع مجالاً للشك حرصهم على إنجاح مفاوضات الكويت.
ويؤكد ذلك حضور وفد أنصار الله وبمعيته وفد المؤتمر الشعبي العام، والذي أطلق على كليهما مصطلح (الوفد الوطني) في مفاوضات الكويت.
ورغم عدم التزام الطرف الآخر بما تم الاتفاق عليه بوقف الأعمال القتالية، بعد تعهدات من قبل المجتمع الدولي بأن تكون هذه الجزئية هي النقطة الأولى التي يمكن مناقشتها على طاولة المفاوضات، تعبيراً عن حُسن نية الوفد الوطني بخصوص الرغبة الجادة في التباحث حول إيجاد حلول سلمية وسليمة وجذرية، والمضي قدماً في إنجاح جولة المشاورات القادمة وفقاً لما جاء على لسان القيادي في عضو الوفد الوطني حمزة الحوثي.
وأكد من خلاله حمزة الحوثي على أن الوفد الوطني قدم الكثير من التنازلات، وخاصة بعد توقيع اتفاق وقف الأعمال القتالية في العاشر من أبريل الجاري، الذي التزم به أنصار الله دون الأطراف الأخرى التي لم تلتزم، حتى أن الطرف الآخر لم يلتزم حتى اللحظة بوقف كامل لكافة الأعمال العسكرية، والكف عن التحليق المكثف والمستمر للطيران فوق مدن ومحافظات الجمهورية اليمنية، وعدم رفع القيود الاقتصادية والتجارية المفروضة على اليمن منذ بداية العدوان.
وعليه يُخشى بأن مفاوضات الكويت قد تبوء بالفشل بسبب تعنت الطرف الآخر، والتشدد الذي يبديه تحالف العدوان، بما في ذلك الأمم المتحدة التي تسير سيرهم وتدور في فلكهم، حيث طالبت كشرط أساسي لاستمرار العملية السياسية وتنفيذ بقية الشروط من وجهة نظرها بتسليم سلاح اليمنيين، وهذا الأمر ما هو إلا من قبيل الاستخفاف بعقول اليمنيين.
وهذا الشرط بحد ذاته هو ما أدى إلى انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي دام قرابة العشرة الأشهر، وهو نفس السبب الذي أدى إلى استمرار مفاوضات موفمبيك بعد ذلك حتى بداية العدوان، وهو السبب الذي روجت له دول التحالف كهدف لعدوانها على اليمن، وهذا إنما يدل على أنه لا توجد ثمة حُسن نوايا للخروج بنتائج مثمرة، وأن الغرض ما هو إلا كسب المزيد من الوقت في محاولة لتقليم أظافر أنصار الله وقص أجنحتها لا أقل ولا أكثر، ليتم الانقضاض فيما بعد على اليمن أرضاً وإنساناً.
وتدرك دول التحالف أن هذا الشرط ما هو إلا المستحيل وضربٌ من ضروب الخيال، ولا يمكن لعاقل أن يتقبل مثل هذا الطرح، مع أنه قد تم رفض هذا الشرط من قبل، خلال مؤتمر الحوار الوطني وبعده أيضاً.
وعليه فما الداعي لطرح هذا الشرط مرة أخرى، برغم المعرفة المسبقة برفضه جملةً وتفصيلاً، وما الداعي لأن يبقى هذا الشرط قائماً حتى الآن، سيما بعد أكثر من عام ونيّف على عدوان همجي وغاشم ودمار وحصار اقتصادي شامل، إلاّ أن تكون هناك أهداف استخباراتية وإرادة دولية للمضي في المشروع الصهيوني الذي يخدم الدول الكبرى ومصالحها ويستثني مصلحة اليمنيين منه، ويُراد له أن يفرض علينا بالقوة.
والمصيبة تكمن في أن العدوان لم يفهم بعد ولم يتعلم بأننا لسنا سذجاً أو أغبياء إلى هذه الدرجة، لكن أن نكون بلهاء ومغفلين فلا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإصرار على تنفيذ مثل هذا الشرط يدل على غباء مستفحل وبلاهة وسخف لا يضاهيه أي سخف.
وبما أن التحالف يعترف للعالم بأنه قد خسر المعركة وانهزم في عدوانه السافر على اليمن، سيما ودأبه منذ الوهلة الأولى على التصريح بين الفينة والأخرى والإعلان أمام الملأ بأن هدف العدوان تدمير أسلحة اليمن، وراح يروج بأنه استطاع أن يحقق نجاحاً منقطع النظير في تدمير الترسانة العسكرية اليمنية.
إن تحالف دول العدوان والذي بات على وشك السقوط، وبهذا الاستجداء إنما يقدم شهادة معترف بها دولياً وعالمياً بأن اليمن قد انتصر، ولم يتبق أمامه سوى قطف ثمار انتصاره.
*المسيرة نت-كتب: محمد علي الديلمي