حصاد جبهة الإسناد اليمنية لغزة.. التأثيراتُ المباشرة على العدوّ الصهيوني
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
3 فبراير 2025مـ – 4 شعبان 1446هـ
تقريــر|| ضرار الطيب
سيظل الدورُ المفاجئُ الذي لعبته جبهةُ الإسناد اليمنية لغزة خلال معركة “طوفان الأقصى”، نقطةَ تحول كبيرة في مسار الصراع ضمن المعادلة الجديدة والاستثنائية المتمثلة بالانخراط الإقليمي المباشر والمؤثر في المواجهة.
لقد استطاعت الجبهة اليمنية فرضَ حضورها بشكل سريع وصادم، من خلال تأثيرات كبيرة ومتنوعة تمكّنت من تثبيتها وتوسيع نطاقها برغم تحديات الجغرافيا والإمْكَانات والضغوط الدولية والإقليمية التي وصلت إلى حَــدّ الاشتباك المباشر مع الولايات المتحدة وبريطانيا في أعنف معركة بحرية، بشكل كان له إسهام مباشر في تأمين انتصار المقاومة الفلسطينية.
فيما يلي تلخص صحيفة “المسيرة”، وبإيجاز شديد، أبرزَ تلك التأثيرات المباشرة والقابلة للقياس بالأرقام، والتي استطاعت جبهةَ الإسناد اليمنية تسجيلها في المواجهة مع العدوّ الصهيوني خلال معركة “طوفان الأقصى”.
لقد تمكّنت القواتُ المسلحةُ اليمنية من فرض حصار بحري غير مسبوق في التأريخ على كيان العدوّ، وبرغم تحديات الإمْكَانات والمساحة الشاسعة التي تطلبها هذا المسار، بالإضافة إلى تدخل الولايات المتحدة والغرب بكامل ثقلهم لقمع هذا التوجّـه، فقد استطاعت القوات المسلحة أن تثبّت هذا الحصار كواقع جديد وأن توسّع نطاقه وتأثيراته إلى أقصى مدى ممكن، ويمكن تلخيص هذه التأثيرات في الآتي:
- إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) بالكامل نتيجةَ حظر وصول السفن إليه عبر البحر الأحمر، الأمر الذي ضرب أكثرَ من 51 % من وارادات السيارات إلى كيان العدوّ والتي كانت تشكل أكثر من ثلثَي إيرادات الميناء، حَيثُ كان الميناءُ يعتبر البوابة الرئيسية لهذه الواردات، كما ضرب العديد من الصادرات “الإسرائيلية” ومنها صادرات البوتاس التي كان الميناء يشكل البوابة الرئيسية لها أَيْـضًا، وقد ذكرت تقارير في مايو الماضي أن الخسائر الإجمالية للميناء قد تجاوزت 3 مليارات دولار؛ وهو؛ ما أَدَّى إلى تسريح معظم العمال وتوزيعهم على ميناءَي حيفا وأسدود، وذكرت بيانات إسرائيلية رسمية مؤخّرًا، أنه لم يتم تفريغ أية سيارة في الميناء خلال العام الماضي، مشيرةً إلى انخفاض بنسبة 20 % في إجمالي وارادات السيارات إلى موانئ العدوّ خلال العام نتيجة إغلاق ميناء أم الرشراش.
- طالت تأثيرات الحصار البحري اليمني أَيْـضًا حركة ميناءَي حيفا وأسدود اللذين كانا يعتمدان على البحر الأحمر في 30 % من حركة الحاويات.
- أدى منع عبور السفن المرتبطة بـ “إسرائيل” أَدَّى إلى ارتفاع أسعار الشحن من الشرق إلى كيان العدوّ بنسب كبيرة وصلت إلى أربعة أضعاف، وفقًا لتصريحات رئيس اتّحاد المصنعين في كيان العدوّ.
- زادت مسافة الإبحار بين الصين وكيان العدوّ بنسبة 114 % بعد تحويل طرق الشحن حول إفريقيا، بحسب بنك “إسرائيل” المركزي.
- ارتفعت أقساط التأمين على السفن المرتبطة بكيان العدوّ إلى 2 % من قيمة السفينة، مع إحجام الكثير من شركات التأمين على تغطية هذه السفن؛ بسَببِ المخاطر العالية المرتبطة بها نتيجة تعرُّضها للهجمات اليمنية.
- امتنعت العديد من شركات الشحن العالمية عن التعامل مع موانئ العدوّ؛ خوفًا من تعرض سفنها للعقوبات اليمنية، وكانت بعضها تقوم بتفريغ البضائع في موانئ أُخرى في اليونان، ثم يقوم العدوّ بنقلها إلى موانئه على متن سفن جديدة بتكلفة إضافية، وقال مسؤول إسرائيلي إن أكثر من 40 % من سفن البضائع العامة ترفض الإبحار إلى كيان العدوّ.
- أضاف الحصار البحري اليمني تكاليف سنوية كبيرة على النقل البحري، وفي مارس الماضي قدرت وسائل إعلام عبرية أن هذه التكاليف قد تصل إلى 50 مليون دولار سنويًّا، بالنسبة لسفن البضائع السائبة، و110 ملايين دولار سنويًّا بالنسبة لسفن البضائع العامة، وما بين 400 مليون دولار إلى مليار دولار بالنسبة لسفن الحاويات.
- في بداية العام الماضي اعترفت وزارة الصناعة في كيان العدوّ إن الحصار البحري اليمني أثر على 25 % من واردات المنتجات النهائية، و21 % من واردات مواد الإنتاج، وأثّر على نسبة من الصادرات، كما ألحق أضرارًا جسيمة بالتجارة الخارجية مع 13 دولة، وأشَارَت الوزارة إلى أن ذلك “يضر بسُمعة “إسرائيل” كشريك تجاري طويل الأمد” حسب وصفها.
- ذكر ما يسمى بنك “إسرائيل” المركزي في أحد تقاريره أن الحصار البحري اليمني أثّر على “ما قيمته 3.4 مليار دولار من إجمالي صادرات “إسرائيل” من البضائع كان يتم نقله بحرًا إلى جنوب شرقي آسيا وأوقيانوسيا وشرق إفريقيا، عبر البحر الأحمر”، كما تأثرت الواردات التي ذكر أنها كانت بحجم 20 مليار دولار.
- كان الحصار البحري اليمني من بين أبرز تداعيات الحرب التي ساهمت في موجاتِ ارتفاع أسعار السلع المستوردة إلى كيان العدوّ بما في ذلك المواد الغذائية والمنتجات الإلكترونية، وهي موجات تكرّرت عدة مرات خلال الحرب، وتراكمت تأثيراتها حتى وصلت أسعار بعض المنتجات إلى أضعاف ما كانت عليه قبل الحصار، وقد أقر مسؤول صهيوني مؤخّرًا إن الحصار اليمني يقف وراء “تسونامي ارتفاع الأسعار” الذي شهده كيان العدوّ مع بداية العام الجديد والذي طال مختلف السلع والمنتجات والخدمات (طال هذا التأثير أَيْـضًا أسعار اللحوم التي كان يستوردها العدوّ من الخارج، حَيثُ سلط الإعلام العبري الضوءَ على سفن كانت تحمل المواشي من أستراليا إلى كيان العدوّ وتم منع عبورها من البحر الأحمر، ولم تصل إلا بعد أشهر وقد أُصيبت المواشي بأمراض).
- كان الحصارُ البحري اليمني أَيْـضًا من بين أبرز تداعيات الحرب التي دفعت العديد من الشركات داخل كيان العدوّ إلى الإغلاق؛ بسَببِ ارتفاع أسعار الشحن وتأخر وصول المواد الخام، وقد تسبب أَيْـضًا بانخفاضات كبيرة بإيرادات شركات أُخرى خُصُوصًا تلك المرتبطة بقطاع السيارات ونقل السيارات في ظل إغلاق البوابة الرئيسية لواردات هذا القطاع.
- أثّر إغلاق ميناء أم الرشراش على الوضع الاقتصادي للمدينة المحتلّة بشكل عام، وقد ناشد رئيسُ بلدية المدينة حكومةَ العدوّ التدخل لوقف ذلك التأثير.
تكاملت التأثيراتُ الاقتصادية لمسار عمليات الإسناد البحرية مع التأثيرات الاقتصادية والعسكرية والأمنية ولمسار الضربات المباشرة على كيان العدوّ؛ الأمر الذي جعل جبهة الإسناد اليمنية تتحوّل بسرعة مفاجئة وصادمة “من مصدر إزعاج إلى تهديد استراتيجي” بحسب تعبير إعلام العدوّ، ويمكن تلخيصُ أبرز التأثيرات المباشرة في هذا المسار من خلال الآتي:
- مثّلت الضربات الصاروخية والجوية اليمنية المباشرة على أُمِّ الرشراش (في بداية الحرب) ضربة كبيرة للمنظومة الأمنية لكيان العدوّ ولثقة المستوطنين بها، حَيثُ كان قد قام بنقل عدد كبير من المستوطنين الهاربين من جنوب لبنانَ و”غلاف غزة” إلى المدينة؛ باعتبَارها آمنة تمامًا، وقد ظل المستوطنون طيلةَ الحرب يشتكون من الضربات اليمنية وتأثيرها على استقرارهم وروتين حياتهم، وينتقدون طريقةَ تعامل سلطات الاحتلال مع هذا التهديد، خُصُوصًا بالمقارنة مع المدن المركزية الأُخرى التي تعرضت لاحقًا لضربات يمنية مثل “يافا”.
- أدت الهجمات اليمنية المباشرة على أم الرشراش إلى قتل النشاط السياحي في المدينة التي كانت تعتبر وجهة سياحية بارزة في كيان العدوّ، حَيثُ أصبحت المدينة طاردة للأنشطة، وقد ترابط هذا التأثير مع تأثير الحصار البحري الذي أَدَّى إلى إغلاق ميناء المدينة وخلق حالة ركود اقتصادي بداخلها.
- تسبّبت الضربات الصاروخية والجوية اليمنية التي تصاعدت في نطاقها وحجمها بخسائر مباشرة للعدو في البنية التحتية التي استهدفتها الضربات، وبرغم التكتم على معظم نتائج هذه الضربات فقد استطاعت بعض الأرقام الإفلات من الرقابة الشديدة، حَيثُ أقر رئيس بلدية (رامات غان) في يافا المحتلّة بأن ضربة صاروخية يمنية تسببت بأضرار تكلفتها أكثر من 11 مليون دولار، فيما كشفت تقارير إعلامية عن تلقي سلطات الاحتلال أكثر من 250 مطالبة تعويض نتيجةَ الأضرار التي سببتها طائرة “يافا” المسيرة في أول هجماتها على مركز العدوّ، وقد وثَّقت وسائلُ الإعلام العبرية تضرُّرَ العديد من الأحياء نتيجة الهجمات الصاروخية شبه اليومية التي نفَّذتها القوات المسلحة على وسط الأراضي المحتلّة في الفترة التي سبقت وقف إطلاق النار.
- مع تزايد مدى وحجم الضربات المباشرة اتسع نطاق تأثيراتها، حَيثُ أسهمت العملياتُ الصاروخية خلال الفترة الأخيرة في منعِ عودة شركات الطيران الأجنبية للعمل في كيان العدوّ؛ الأمر الذي ضاعف خسائرَ هيئة الطيران التابعة له والتي بلغت أكثر من 28.5 مليون دولار، بحسب تقارير متحفظة.
- أدَّت العمليات الصاروخية والجوية المباشرة أَيْـضًا إلى انخفاضات متكرّرة في أسهم بورصة (تل أبيب) وانخفاضات في قيمة الشيكل خلال الأيّام التي شهدت هجمات يمنية، وهو ما أبقى تأثيرَ حضور الجبهة اليمنية قائمًا وملموسًا، على المستويَّينِ الأمني والاقتصادي.
- وجَّهت العمليات الصاروخية والجوية اليمنية ضربةً كبيرةً لمنظومات الدفاع الصهيونية، حَيثُ تمكّنت من تجاوزها عدة مرات خلال فترات زمنية قصيرة، خُصُوصًا في الأسابيع التي سبقت وقف إطلاق النار، الأمر الذي مثّل سقوطًا مدويًا ومشهودًا لاستراتيجية الدفاع التي تمثل عنصرًا رئيسيًّا وجوهريًّا في أمنه القومي وكل حساباته المتعلقة بالحرب والسلام، وليس من المبالغة القول إن هذا التأثير ساهم في تأمين انتصار المقاومة الفلسطينية، من خلال مضاعفة الضغط على العدوّ لدفعه نحو قبول وقف إطلاق النار.
- أسهمت العملياتُ الصاروخية والجوية المباشرة بشكل استراتيجي في تثبيت معادلة “منع الاستفراد بغزة” واستطاعت خلال وقت قصير أن تعيدَ العدوّ إلى مواجهة نفس الضغط الأمني والعسكري والاقتصادي الذي كان يحاول التعافيَ منه بعد هزيمته في جنوب لبنان ولجوئه إلى وقف إطلاق النار مع حزب الله.
- أحدثت العملياتُ الصاروخية والجوية اليمنية المباشرة تأثيرًا شاملًا وغير مسبوق فيما يتعلق بالمزاج العام داخل كيان العدوّ، خُصُوصًا في الفترة التي سبقت وقف إطلاق النار، حَيثُ عكست وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث العبرية حالة إحباط عامة طالت المستوى السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، وُصُـولًا إلى المستوى الجماهيري، نتيجة تصاعد الضربات اليمنية والفشل في التصدي لها، فضلًا عن ردعها، وواجه المستوطنون حالةً غير مسبوقة من الاضطراب في روتين الحياة، نتيجة الاضطرار إلى الهروب كُـلّ ليلة نحو الملاجئ بالملايين (وصلت الإحصائية في بعض الضربات إلى 5 ملايين، وهو ما يعني نصف المستوطنين الصهاينة).
- وفقًا للعديد من التقارير العبرية والغربية فَــإنَّ العدوَّ الصهيوني واجه مشاكل فيما يتعلق بتكاليف الذخائر الاعتراضية التي يستخدمها لمواجهة الصواريخ والطائرات اليمنية المسيّرة، حَيثُ تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد من منظومة (السهم3) أكثر من 4 ملايين دولار، وهو ما اضطر العدوّ إلى إبرام صفقة ضخمة للتزود بكميات جديدة منها، والاستعانة بمنظومات (ثاد) الأمريكية التي فشلت هي أَيْـضًا أمام صواريخ (فلسطين2) اليمنية.
- أكّـدت العديدُ من التقارير العبرية أن عملياتِ العدوان الإسرائيلية المباشرة على اليمن كانت مكلِفةً للغاية نتيجة بُعد المسافة، وهو ما يضاف إلى قائمة خسائر العدوّ بالنظر إلى أن تلك العمليات فشلت في تحقيق أي إنجاز أَو تأثير.