اليمن قاب قوسين أو أدنى من الإنتصار الكبير
بعد 400 يوماً من العدوان البربري والغاشم على اليمن ستثبِت الأيام القليلة القادمة أن اليمن انتصرت وستنتصر، وأنها لم تعد ضعيفة، مكسورة الجناح، خائبة الرجاء، فقد أثبتت على الأرض قوة وبسالة، وجرأة وشجاعة، وقدرة وإرادة، وتصميمًا وعزمًا، شهد بها العدو واكتوى، وشكا منها واستوى، وأن الجرح اليمني سيكون أقوى من السكين، وأن الدم المهراق انتفض، وكان وسيكون ثورةً لا تنطفئ، ولهبًا دومًا يتقد، وأن الإرادة اليمنية ستتفوق، وستبقى قوية صلبة، وأن الكرامة اليمنية ستتحقق، والعِزَّة ستكون، والوحدة ستتجلى، والتوافق سيصمد، والاتفاق سيمضي بقوة، وسيتحدى بإرادة، وسيثبُت بصدق.
اليمن انتصرت بإذن الله، وهزِمت العدوان وردت كيدهم إلى نحورهم، وطوت خططهم، وأبطلت سعيهم، وأوقفت بغيهم، وأفشلت هدفهم، وصدت اعتداءهم، وواجِهت جيوشهم، وستتحدّى جنودهم، وستُنهي خدمة ضباطهم، وستُعرِّض قادتهم للمساءلة والمحاكمة، وستُنهي مستقبلهم السياسي والعسكري، إذ سيُعاقبون وسيُحرمون، وسيُقصَون وسيستقيلون.
وسيدفع قادة العدوان ثمن غيهم، وضريبه ظلمهم، وسيسقطون كما سقط من قبلهم، ورحل من اعتدى مثلهم، وسيندمون أنهم أخطؤوا وضلوا ، وأنهم اتبعوا السفهاء، وأطاعوا الرعناء، ولبوا نداء الدهماء، ومشوا وراء من لا يفهمون في السياسة، ولا يعرفون معنى الإرادة، ولا يقرؤون سِيَر الشعوب، ولا يتعلَّمون من تجارب الحياة.
اللجان الشعبية تقول إذا لم يتوقف العدوان على اليمن فستجعل من مطاراته صحراء، لا تهبط فيها طائراتٌ ولا تُقلِع، ولا تُحلِّق في سمائها ولا قريبًا من أجوائها، وستُقاطِعها المزيد من الشركات العالمية، خوفًا أو عقابًا، قلقًا أو غضبًا، وسيتجنبها المسافرون، وسيتأخر إليها العائدون، وسيعلق بعيدًا عنها كثيرون، ينتظرون ولا يصلون، وسترتفع قيمة التذاكر وكلفة السفر، وسترفع شركات التأمين من أسعارها، أو تتوقف عن تقديم خدماتها.
إنها ليست أحلامًا ولا أماني، ولا هي شعاراتٍ ولا دعاياتٍ، كما أنها ليست كذبًا ولا تخريصًا، ولا هي دغدغة عواطف وإثارة مشاعر، ولا هي محاولة للتحميس والتشجيع، ولا هي تحريض وتوريط، بل هي حقائق ووقائع، وأرقامٌ وإحصائيات، وملاحظاتٌ ومشاهدات، وقراءاتٌ واستنباطات، وتحليلٌ واستقراء، فقد أوجعت اللجان الشعبية العدوان، ونالت منه وأخافته، وقتلت منه وأسرت، وجرحت جنوده وأصابت، وقصفت مدنه ومنشآته، وطالت البعيدة منها والقريبة، وهدَّدت الاقتصاد وخرَّبت السياحة، وشوَّهت السمعة وأضرت بالسيرة، وكشفت الزيف وفضحت الباطل،
هذه اليمن ولجانها الشعبية ستنتصر في هذه المعركة، والعدوان يعلم أنها ستنتصر عليه، وإن كان يعلم أنه أقوى منها عددًا وسلاحًا، وعدةً وقدرة، وأنها لن تستطيع هزيمته عسكريًا، وتفكيك كيانه ماديًا، وشطب وجوده نهائيًا، ولكنها ستجبره على الخضوع لها والقبول بشروطها، والإصغاء لها والاستماع إليها، والموافقة على مطالبها، وهي مطالب محقة، ومسائل إنسانية، لن تقوَ ومن معها من الحلفاء، العرب والغرب، على الوقوف ضدها، والتصدي لها، والامتناع طويلًا عن تنفيذها.
سيُرفع الحصار عن اليمن ، وسيُجبِر تحالف العدوان والمحاصرون الآخرون على فتح الموانئ والمطارات ، وستدخل البضائع والمؤن والمساعدات، وسيتدفق النفط والوقود والحديد والإسمنت، وسيعاد إعمار اليمن وستبنى بيوتها من جديد، وستتعمر مؤسساتها ومنشآتها، وستُعبَّد طرقها وشوارعها، وسيسوَى ركامها، وسيزول ردمها.
وستمخر مراكب صياديه وزوارقهم عباب البحر، وستجوب قبالة شواطئ اليمن عميقًا في المياه الإقليمية، تصطاد كيف شاءت، وتعود وقتما أرادت، وسيعود المزارعون إلى حقولهم، وسيزرعون أرضهم، وسيجمعون جنى بساتينهم،
ولن تتكرَّر معاناة المسافرين، ولا عذابات العالقين، ولا معاناة المرحلين، بل ستفرِض الجان الشعبية وصبر الشعب، ودماء الشهداء والجرحى، وأرواح الأطفال والنساء، والشيوخ والشباب، حلًا على المجتمع الدولي، يكون فيه لليمن بواباته الحُرّة المستقلة، مطارٌ تحط فيه الطائرات، وموانىء ترسو فيه السفن، وتحط فيه المراكب، تُفرِّغ حمولتها، وتنقل من ايمن منتجاتٍ محلية بديلة إلى بلادٍ أخرى، وموانئ بعيدة.
إنها الحياة قد علَّمتنا، وسير الشعوب وقصص الأمم قد فقَّهتنا، أن الشعوب المقاومة دومًا تنتصر، وأنها تحقق أحلامها، وتصل إلى أهدافها، وأنها ترغم العدو في نهاية المطاف على القبول والتسليم، والخضوع والخنوع، فما من شعبٍ إلا وتحرَّر، وما من أمةٍ إلا وانعتقت، وما من استعمارٍ إلا واندثر، وما من احتلالٍ إلا وانتهى.
ولكن هذه الخواتيم السعيدة لا تكون بغير الصمود والثبات، والتضحية والعطاء، وقد أعطى شعبنا الكثير وضحَّى، وما واجهة ويُواجهه اليوم من عنفٍ مفرطٍ، ومذابح دمويةٍ بشعة على أيدي تحالف العدوان السعودي الأمريكي كما فعل في كل أرجاء قطاع غزة ذات عدوان عليها ، ليس إلا إيذانًا بالرحيل، ودليلًا على قرب الزوال، فما ساعات الظلمة الحالكة إلا تباشير فجرٍ أبلج، وصبحنا بات قريبًا، وغدنا بات وشيكًا، وإن كان الجرح غائرًا، والألم شديدًا، والمعاناة كبيرة، والفقد عظيمًا، والخسارة كثيرة، إلا أن الخاتمة ستكون بإذن الله سعيدة، تُرضي الشعب، وتُنسيه همومه، وتُعوِّضه عمّا فقده، وتُعيد إليه الأمل من الجديد.
فهذه الثورة واللجان الشعبية عز نظيرها، وقل في الزمان مثيلها، فالنصر بإذن الله حليفها، والمستقبل كله لها، وعد الصدق، وقول الحق، الذي نؤمن به نعتقد، وستذكرون الغداة أن أحزان الأمس هي أفراح الغد، وأن دماء البارحة هي أمال المستقبل، وأن الدمع المسكوب سينسج أثواب الحرية، وسيُكحِّل عيون الأمهات، وأن الردم يقوي الأرض، والركام تُكوَّن منه الجبال.