رسائل المقاومة الفلسطينية في عملية التبادل الرابعة ضمن المرحلة الأولى لاتفاق وقف اطلاق النار
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
1 فبراير 2025مـ – 2 شعبان 1446هـ
سلّمت حركةُ المقاومة الإسلامية حماس في غزة، السبت، 3 أسرى “إسرائيليين”، ضمن دفعة التبادل الرابعة في سياق المرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النار في “صفقة طوفان الأحرار”.
هذه العمليةُ بحسب مراقبين؛ هي الإنجازُ العسكري والسياسي للمقاومة الأكثر إشراقًا، ليس كونها تعتبر جزءًا من “صفقة طوفان الأحرار” تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، بل كونها جاءت في سياق مهرجانٍ إبداعي وعرض عسكري؛ ما عزَّزَ مكانةَ المقاومة في الساحة العسكرية كقوةٍ مؤثرةٍ وفعالة، وكقوةٍ سياسية من خلال إظهار قدرتها على التفاوض وتحقيق الأهداف؛ ما زاد من شعبيتها محليًّا ودوليًّا.
القوة والجاهزيةُ والالتفاف الجماهيري:
في الإطار؛ يرى خُبراءُ عسكريون أن العروضَ العسكرية التي نظمتها كتائب القسام في غزة، السبت، أظهرت القوة والجاهزية العالية للمقاومة، مؤكّـدين أن هذه العروض ليست مُجَـرّد استعراض للقوة، بل هي رسالةٌ واضحةٌ للاحتلال الإسرائيلي وللعالم بأن المقاومةَ ما زالت قوية وقادرة على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وهو ما أشَارَت إليه حركةُ حماس في بيانها، إلى أنّ “عمليةَ التسليم تمّت أمامَ مِنصة تحمِلُ صور القادة الشهداء الضيف (قائد هيئة أركان كتائب القسام الشهيد محمد الضيف) وإخوانه أعضاء المجلس العسكري؛ ما يُشكّل رسالةَ عهد ووفاء، بأن رجال القسام باقون وسيكملون المشوار”.
إذ يلفت الخبراء إلى أن هذه العروض حملت رسائل رمزية قوية، مثل الوفاء للشهداء والاستمرارية في الجهاد والنضال، كون استخدام صور القادة الشهداء مثل “محمد الضيف وأعضاء المجلس العسكري”، عزز من الروح المعنوية للمجاهدين والمناصرين والمجتمع ككل.
وأكّـد الخبراء أن هذا الالتفافَ الجماهيري الكبير حول العروض العسكرية التي قدَّمتها المقاومة في غزة، وعمليات التبادل عكست الدعم الشعبي الكبير، وهذا الدعم يعزِّزُ من شرعية حماس ويزيدُ من قوتها التفاوضية، مشيرين إلى أنهُ رغم الحرب والعدوان لأكثر من 15 شهرًا، لم تتأثر هذه الحاضنةُ الشعبيّة؛ ما عكس عمق ومدى تجذر ثقافة المقاومة في المجتمع الغزاوي، وقدرة المقاومة على الحفاظ على دعم الشعب حتى في أصعب الظروف.
وأوضح الخبراء أن ما حدث في غزة أثناء عمليات التبادل للأسرى، من عروض عسكرية والاحتفالات الجماهيرية وغيرها، ترفع من الروح المعنوية للمجتمع الفلسطيني ككل؛ كون هذه الفعاليات تُظهِرُ أن الشعبَ الفلسطيني ما زال متمسكًا بحقوقه ومستعدًّا لدعم المقاومة بكل قوة، في رسالةٍ قوية للمجرم “ترامب” بأن هذا الشعب لا يمكن أن يتزحزح عن أرضه، فما فشل الاحتلال الإسرائيلي بتحقيقه بالقوة لن يحصل عليه بألاعيب السياسة الأمريكية.
وأيضًا أشار مراقبون إلى أن ذلك يرسلُ رسالةً قوية للاحتلال الإسرائيلي بأن المقاومة ما زالت قوية ومتماسكة، وأن محاولات القضاء عليها باءت بالفشل وأن ادِّعاءات حكومة المجرم “نتنياهو” بتدمير المقاومة وسلاحها مُجَـرّد أوهام تحاول حكومة الكيان تصويرها واقعًا للداخل الصهيوني.
والمتأمِّلُ لكل الفعاليات التي شاهدها العالمُ في غزة مع كُـلّ عملية تبادل تعكس عمق الوحدة والتضامن بين فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني، وهذه الوحدة هي العاملُ الأَسَاسي في تحقيق الإنجازات والصمود أمام العدوان، ولعل المقاومة في غزة استفادت من التجارب السابقة في تحسين استراتيجياتها وتكتيكاتها؛ إذ تُظهر هذه الفعاليات التطور المُستمرّ في قدراتها واستعدادها لمواجهة التحديات المستقبلية.
القيمُ والمبادئُ من خلال تقديم الرعاية الصحية للأسرى:
في السياق؛ ومن خلال البيان الصادر عنها، لفتت حماس إلى أنه “في إطار صفقة (طوفان الأحرار) أفرجت المقاومة عن عدد ثلاثة أسرى للعدو الصهيوني أحدهم (إسرائيلي) يحملُ الجنسية الأمريكية، مقابل تحرير دفعة جديدة من أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال”.
وتابع البيان “رغم الظروف القاسية، حرصت كتائب القسام على توفير الرعاية الصحية اللازمة للأسير (الإسرائيلي) الذي يحمل الجنسية الأمريكية ويعاني من أمراض متعددة”، موضحًا أنّ “صورَ الالتفاف الجماهيري والحشود الشعبيّة المرافقة والمحتفلة بهذا الإنجاز لَهو استفتاءٌ حقيقي على نهج المقاومة سبيلًا لتحرير الأرض والمقدسات”.
وَأَضَـافَ البيان، “الحالةَ الجسدية والنفسية الجيدة التي يظهر بها أسرى العدوّ، تُثبت قيم مقاومتنا والتزامها الأخلاقي تجاه الأسرى، بينما يرتكب الاحتلال المجرم أبشع الانتهاكات بحق أسرانا في السجون”.
في الإطار؛ يلفت مراقبون إلى أن المقاومة في غزة حرصت على توفيرِ الرعاية الصحية للأسير “الإسرائيلي” الذي يحمل الجنسية الأمريكية، والذي يعاني من أمراض متعددة، وهذا يعكسُ الالتزامَ القيمي والإنساني لحماس في التعامل مع الأسرى.
وبحسب المراقبين، فــإنَّ الحالةَ الجسدية والنفسية الجيدة التي يظهر بها الأسرى “الإسرائيليون” تُبرِزُ قيمَ المقاومة والتزامَها الأخلاقي تجاه الأسرى عُمُـومًا، رغم الظروف القاسية التي يمر بها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، لكن ورغم النجاح في تحرير الأسرى، يستمر الاحتلال في ارتكاب انتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، وهذا يتطلب المزيد من الجهود لضمان حقوق الأسرى وتحقيق العدالة.
وكانت حماس قد ختمت بيانها بالقول: إن “إنجازَ المقاومة لعملية التبادل الرَّابعة اليوم بكلّ إبداع وكبرياء هو ترسيخٌ لِقِيَمِها والتزامها المبدئي ببنود الاتّفاق، وندعو إلى الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ البروتوكول الإنساني وعدم المماطلة والمراوغة”.
183 أسيرًا فلسطينيًّا ينتزعون حريتَهم من سجون الاحتلال في الدفعة الرابعة من التبادل:
في السياق؛ يؤكّـد مراقبون أن مختلفَ المشاهد التي تعمدت المقاومة إبرازها خلال عملية التبادل هذه، أثَّرت على الأسرى الصهاينة أنفسهم وعلى عائلاتهم، وقدمت تفاصيلَ قصص إنسانية توضحُ التأثيرَ الإيجابي لهذا الإنجاز على الأفراد والمجتمع الصهيوني، وسلَّطت الضوءَ على قصص النجاح والتحرير وتأثيرها الإيجابي داخلَ المجتمع الفلسطيني.
وبحسب المراقبين، هذه المشاهد المنبثقة من ساحات الفعاليات المختلفة الخَاصَّة بعمليات التبادل أثَّرت بشكلٍ كبيرٍ على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وعزَّزت من وحدة وتضامُن المجتمع الفلسطيني، ودفعة بتقوية الروابط العائلية والاجتماعية الفلسطينية؛ كون كُـلّ أسير فلسطيني محرّر هو أسير ينتمي لكُلِّ العائلات الفلسطينية.
بدوره؛ أفرج كيانُ الاحتلال الإسرائيلي، السبت، عن عددٍ من الأسرى الفلسطينيين من سجونه ضمن الدفعة الرابعة التي شملت 183 أسيرًا، تنفيذًا للمرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وجاء تحرير الأسرى، مقابلَ تسليم المقاومة الفلسطينية في غزّة 3 أسرى إسرائيليين، اثنان منهم سُلّما للصليب الأحمر الدولي في “خان يونس” والثالث سُلّم من ميناء غزّة، بحضور القائد “هيثم الحواجري” قائد كتيبة الشاطئ، وسط مشاركة مجاهدين من مختلف الفصائل بين الحشود الجماهيرية، التي حضرت إلى ساحات التسليم رافعةً راياتِ المقاومة وصور شهدائها.
وعليه؛ يمكن تحليلُ الخطوات المستقبلية للمقاومة، بحيث تستفيدُ من هذا النجاح لتقوية موقفِها وتحقيقِ أهدافها المستقبلية، في ظل تصاعد دعوات دولية جديدة لدعم القضية الفلسطينية، وإدانة الانتهاكات الصهيونية، ما يشجِّعُ الأنظمةَ العربية والإسلامية على التفاعل مع هذا الإنجاز، والسير نحو خطواتٍ ملموسة لتقديم الدعم لفلسطين ومقاومته الباسلة.