الخبر وما وراء الخبر

قطر تعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة

2

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
15 يناير 2025مـ – 15 رجب 1446هـ

أعلن رئيس وزراء قطر وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مساء اليوم الأربعاء، عن التوصّل لاتفاق وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وكيان العدو الصهيوني في قطاع غزة بعد 15 شهرًا من العدوان وحرب الإبادة ارتكب فيها الكيان أعمال إبادة جماعية وآلاف المجازر.

وأوضح رئيس وزراء قطر، في مؤتمر صحفي من الدوحة أن وقف إطلاق النار في غزة سيدخل حيز التنفيذ الأحد المقبل، مبينا أنه حسب الاتفاق ستطلق حماس في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين.

وأشار إلى أن تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة ستعلن بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من الاتفاق، لافتا إلى أن فرق من قطر ومصر والولايات المتحدة ستعمل على مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

ونوه رئيس الوزراء القطري إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق تبلغ 42 يوما وتشهد وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الصهيونية حتى حدود قطاع غزة وتبادل الأسرى والرهائن وفق آلية محددة وتبادل رفات المتوفين وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج.

من جهتها قالت حركة حماس في تصريح صحفي، مساء اليوم، تابعه موقع “المسيرة نت” حول الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النَّار والعدوان على قطاع غزَّة: إن اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهراً.

وأكدت أن “اتفاق وقف العدوان على غزَّة إنجازٌ لشعبنا ومقاومتنا وأمّتنا وأحرار العالم، وهو محطَّة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة”.

وأشارت إلى أن هذا الاتفاق، يأتي انطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصَّابر المرابط في قطاع غزَّة العزَّة، بوقف العدوان الصهيوني عليه، ووضع حدٍّ لشلاَّل الدَّم والمجازر وحرب الإبادة التي يتعرَّض لها.

وأعربت الحركة عن تقديرها وشكرها لكلّ المواقف المشرّفة الرَّسمية والشعبية التي تضامنت مع غزَّة، ووقفت مع شعبنا، وساهمت في فضح الاحتلال ووقف العدوان، عربياً وإسلامياً ودولياً، والشكر الخاص للإخوة الوسطاء، الذين بذلوا جهداً كبيراً للوصول إلى هذا الاتفاق، وخاصَّة قطر ومصر.

وفي وقت سابق، مساء اليوم، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إن قيادة الحركة سلّمت الوسطاء ردّها على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار”.

وأضافت حركة “حماس” في أن المكتب السياسي للحركة عقد اجتماعاً طارئاً، لمناقشة المقترح المقدَّم من الوسطاء”.

وأكدت أنها تعاملت “بكل مسؤولية وإيجابية، انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه شعبنا الصَّابر المرابط في قطاع غزَّة العزَّة، بوقف العدوان الصهيوني عليه، ووضع حدٍ للمجازر وحرب الإبادة التي يتعرَّض لها”.

يُشار إلى أنّ المفاوضات غير المباشرة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، التي تجري عبر وسطاء، تعثرت أكثر من مرة طوال الأشهر الماضية؛ بسبب تعنت موقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ومماطلته والتنصل مما تم الاتفاق عليه لأغراض سياسية.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023 شنّ كيان العدو بقوته العسكرية وفرض حصارٍ مشدد، حربًا ضروس على قطاع غزة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث، طالت كل مناحي الحياة حتى أصبح القطاع منطقة منكوبة غير صالحة للعيش، لكن أهلها يتعهدون بإعادة إعمارها من جديد رغم كل ما حلّ بهم.

وخلّف العدوان الصهيوني أكثر من 46 ألفًا و707 شهداء، فضلا عن أكثر من 110 آلاف و265 مصابًا، و11ألف مفقود، 70% من إجمالي الضَّحايا هم من الأطفال والنساء، وفق أحدث إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.

لكن في الأيام الأخيرة برزت أصوات تقول إن أعداد ضحايا حرب الإبادة التي يشنها منذ خمسة عشر شهراً أكبر بكثير من الأعداد الواردة في الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة، إذ مجلة “ذا لانسيت” نتائج دراسة بريطانية تفيد بأنّ عدد الشهداء منذ بداية الحرب وحتى نهاية حزيران/ يونيو 2024 يزيد عن 64 ألفًا.

وإلى جانب الضحايا والمفقودين، اعتقلت قوات العدو 6 آلاف و600 فلسطيني من قطاع غزة بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.

وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء، حسب إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي المنشورة في الثامن من يناير الجاري.

في غزة، مات الناس جوعًا ومن البرد أيضًا، فقد أحصى “الإعلام الحكومي” استشهاد 8 فلسطينيين بينهن 7 أطفال من شدة البرد في الخيام، فيما استشهد 44 نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها الاحتلال خلال أشهر الحرب ضد سكان القطاع تحديدًا محافظتي غزة وشمالها لحملهم على الهجرة القسرية، ولا يزال الموت يتهدد نحو 3 آلاف و500 طفل في القطاع بسبب سوء التغذية.

وتعمّد العدوان خلال أشهر الحرب الثقيلة، تدمير الأبنية السكنية والبنية التحتية والمرافق الصحية والتعليمية والحكومية، والأراضي الزراعية والتربة والمياه، بشكلٍ غير مسبوق وهائل، حيث قدرت الأمم المتحدة في مايو المنصرم تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 40 مليار دولار، على أن يستغرق التعافي من تبعات العدوان نحو 80 عامًا وهي “مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية”.

وبالرغم من سياسة قوة النار الهائلة، وغير المتناسبة التي اتبعها كيان الدو ضد غزة والمدة الطويلة التي مضت في ساحات القتال، وسياسة الاغتيالات المستهدفة للقادة العسكريين الميدانيين والسياسيين، إلا أنّ إعلانات فصائل المقاومة عن عملياتها وكمائن مقاتليها لم تتوقف بل واشتدت حتى في الساعات الأخيرة التي سبقت إعلان التوصل لاتفاق.

وبحسب معطيات رسمية سمح بنشرها كيان العدو فإنّ 840 ضابطا وجنديا قتلوا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، بينهم 405 قتلوا في المعارك البرية داخل قطاع غزة، منهم 55 جنديا قُتلوا خلال العملية العسكرية في محافظة شمال القطاع التي بدأها الاحتلال في 5 أكتوبر 2024.

وعادة ما تشير تقارير إسرائيلية إلى أن “جيش” لا يفصح عن حجم الخسائر الحقيقية، وأنها أكبر من هذه الأرقام.

ويؤكد خبراء عسكريون أنّ المقاومة تمتعت طوال أشهر الحرب بقدرات عالية على الرصد والتخطيط والتنفيذ؛ ما جعلها تنجح في توجيه ضربات نوعية وخوض معركة استنزاف طويلة ضد جيش الاحتلال رغم التحديات الكبيرة التي فرضها العدو على أرض الواقع.

وفي الشهور الأخيرة، أظهرت طبيعة العمليات التي أعلنت عنها فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام، ووثقت بعضًا منها، تحولًا لافتًا في النهج الذي تقاوم به قوات الاحتلال وآلياته، حيث تنفيذ عمليات واشتباكات من مسافة الصفر وعمليات استشهادية وأخرى طعن، بالإضافة لتنفيذ ما يُعرف بـ “كمائن الموت” التي تقوم على استدراج القوات لمناطق أو مبان مفخخة ومن ثم الإجهاز على من يتبقون أحياء.

وحاربت المقاومة تحديدًا في الآونة الأخيرة جيش الاحتلال بقنابله غير المتفجرة، حيث نجحت في تطويع القنابل والقذائف التي خلّفها الجنود في الميدان، من أجل تصنيع عبوات ناسفة، وبعضها يزن طنًّا، وفق تقارير إسرائيلية، ومشاهد مصورها عرضتها القسام وأظهرت لافتات كُتب عليها “هذه بضاعتكم ردّت إليكم”.

ومرارًا أكدت مستويات أمنية وعسكرية صهيونية، بفشل تحقيق الأهداف التي أعلن عنها بنيامين نتنياهو في بداية الحرب والمتمثلة في “سحق حركة حماس كليًا، وإنهاء وجودها وتدمير قدراتها العسكرية”، واستعادة الأسرى بالقوة.

ولا يغل المراقبون، دور القوات المسلحة اليمنية ومشاركتها في معركة إسناد غزة، بقصف كيان العدو وصولا إلى عاصمة كيانه، وكذلك فرض الحظر والحصار البحر على دخول السفن إلى موانئ العدو، والتي أصابت موانئ العدو الجنوبية بالشلل الكامل وأثرت على اقتصاده ورفعت من تكلفة المعيشة داخل الكيان، ناهيك عن الرعب الذي فرضته الصواريخ اليمني على الكيان وحرمت المستوطنين من النوم خلال الشهرين الأخيرين.