الخبر وما وراء الخبر

اليمن يوسّع تأثير عمليات الإسناد إلى الميدان التفاوضي.. ثلاثُ هجمات نوعية في 12 ساعة

3

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
14 يناير 2025مـ – 14 رجب 1446هـ

على وقع انهيار آمال العدوّ الصهيوني بردع جبهة الإسناد اليمنية بعد العدوان المشترك، أعادت القوات المسلحة اليمنية رفع مستوى التصعيد المساند لغزة إلى الذروة بشكل سريع من خلال ثلاث عمليات نوعية في ظرف 12 ساعة فقط.

وقد أعادت هذه العمليات معها الواقع المخيف الذي حاول العدوّ جاهداً الهروب منه خلال الأسابيع الماضية، وهو واقع الفشل المشهود والفاضح لمنظوماته الدفاعية في التصدي للضربات اليمنية، مضيفة على ذلك ممارسة ضغط كبير عليه في توقيت حساس.

العمليات التي أعلن عنها المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، في بيانين منفصلين مساء الاثنين، وصباح الثلاثاء، تضمنت ضربَ عدة أهداف حيوية للعدو الصهيوني في منطقة يافا المحتلّة بصاروخ بالستي فرط صوتي نوع (فلطسين2) وأربع طائرات مسيّرة، ثم استهداف مقر ما يسمى بوزارة الدفاع التابعة للعدو بصاروخ آخر من نوع (فلسطين2) وهي المرة الثانية التي يتم فيها إطلاق صاروخين من هذا النوع في أقل من 24 ساعة منذ بدء تصعيد عمليات الإسناد اليمنية.

العمليات حقّقت أهدافها بنجاح، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في تصريحات جيش العدوّ الإسرائيلي بشأن الضربة التي استهدفت وزارة الحرب الصهيونية، حَيثُ أصدر متحدث جيش العدوّ تصريحات مرتبكة في البداية لم تتضمن أي تأكيد على اعتراض الصاروخ، ثم أصدر تصريحاً آخر أكثر ارتباكًا قال فيه: إنه “تم اعتراض الصاروخ على ما يبدو بعد عدة محاولات” في مسعى مكشوف للغاية للتغطية على فشل الاعتراض.

ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن مصادر في جيش العدوّ الصهيوني قولها: إن “الصاروخ كبير وثقيل” مشيرة إلى أنه تم إطلاق عدة صواريخ اعتراضية للتصدي له.

ونشر مستوطنون صوراً ومقاطع لسقوط شظايا كبيرة على منازل في مناطق “ميفو بيتار” و”تسور هداسا” وبدا أنها شظايا لصواريخ اعتراضية من نوع (السهم) المكلفة والتي يبلغ ثمن الواحد منها أكثر من 4 ملايين دولار.

وتوقفت حركة مطار بن غوريون الدولي مرتين؛ بسَببِ الصاروخين اليمنيين، وقد وثّقت مقاطع فيديو التقطها مسافرون ارتباك حركة الطيران جراء الهجوم الأول (مساء الاثنين) والمحاولات الكثيفة التي قام بها جيش العدوّ لاعتراض الصاروخ، كما وثقت حالة هلع وهروب المستوطنين داخل المطار.

وأعادت العمليات ملايين المستوطنين إلى روتين القلق والخوف والإرهاق الذي عانوا منه طيلة الأسابيع الماضية؛ بسَببِ الضربات اليمنية المتلاحقة، حَيثُ دوت صافرات الإنذار في مناطق واسعة بعمق كيان العدوّ، وأجبرت المغتصبين على دخول الملاجئ مرتين في ليلة واحدة.

وأعلنت ما تسمى “نجمة داوود الحمراء” (الإسعاف الإسرائيلي) عن إصابة 15 شخصًا على الأقل، زعمت أنهم كانوا في طريقهم إلى الملاجئ، وأن بعضهم أُصيبوا بنوبات قلق واضطرابات.

وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” التابعة للعدو قد ذكرت الاثنين، أن هناك خيبة أمل “إسرائيلية”؛ لأَنَّ العدوان الذي شنه جيش الاحتلال يوم الجمعة الماضية، على اليمن بالاشتراك مع القوات الأمريكية والبريطانية فشل في منع استمرار الهجمات الصاروخية والجوية اليمنية، وهو ما يعني أن العمليات الثلاث الجديدة قد رسخت حقيقة العجز التام للعدو عن ردع جبهة الإسناد اليمنية، كما رسخت واقع فشل المنظومات الدفاعية للعدو في التصدي للضربات وحماية المستوطنين، الأمر الذي يمثل ضربة جديدة لمصداقية قادة كيان الاحتلال الذين حاولوا خلال الأيّام الماضية صرف الأنظار عن فشلهم من خلال العدوان المشترك وتهديد القيادة اليمنية.

وقد ذكرت وسائل إعلام العدوّ بعد الضربة الأخيرة أن العمليات اليمنية الأخيرة لا تنسجم مع ما يتردّد حول إضعاف القدرات العسكرية لمن وصفتهم بالحوثيين، في إشارة صريحة إلى الدعايات التي حاولت قيادة العدوّ ترويجها خلال الأيّام القليلة الماضية.

وإلى جانب ما رسَّخته العملياتُ الثلاث الجديدة فيما يتعلَّقُ بواقع العجز الصهيوني على الردع، والتفوق اليمني الكبير على منظومات العدوّ، وتعاظم الخطر الاستراتيجي لجبهة الإسناد اليمنية على أمن ومستقبل كيان الاحتلال، فَــإنَّ العملياتِ حملت أَيْـضًا دلائلَ خَاصَّةً مهمة فيما يتعلق بتوقيتها، حَيثُ جاءت بالتزامن مع حديث واسع عن قرب التوصل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما يمثل إسناداً كَبيرًا ومهماً للمفاوض الفلسطيني في هذا التوقيت الحساس، كما يتكامل مع العمليات البطولية التي تنفذها المقاومة في غزة لمضاعفة الضغط على العدوّ بالتوازي مع التطورات التفاوضية.

ويعكس هذا الإسناد اليمني في هذا الظرف حقائق مهمة أبرزها تعاظم تأثير الجبهة اليمنية على مسار الصراع وتفاصيله وحرص قيادة هذه الجبهة على توسيع نطاق هذا التأثير لضمان تحقيق أكبر قدر ممكنٍ من الضغوط على العدوّ، بالإضافة إلى امتلاك القدرات والإمْكَانات اللازمة لممارسة هذا الدور في التوقيت المطلوب برغم كُـلّ الصعوبات والتحديات؛ الأمر الذي من شأنه أن يشكل صدمة جديدة للعدو الذي أصبح فجأة يقف أمام تعاظم التأثير السياسي للعمليات اليمنية، بينما لا يزال غارقاً في عجزه عن معالجة تأثيراتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمعنوية.

وقد برز تحقّق هذا التأثير في تناولات وسائل الإعلام العبرية التي ركزت بشكل واضح على تأكيد ناطق القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، على أن العمليات اليمنية “لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة” وهو ما يشير إلى إدراكٍ واضح من جانب العدوّ لرسالة الإسناد اليمنية للمفاوض الفلسطيني، وما تشكله هذه الرسالة من تحدٍّ صريح وشجاع لكل مساعي العدوّ لتحييد الجبهة اليمنية والاستفراد بغزة سواء على ميدان المواجهة أَو على طاولة التفاوض.

وليست هذه المرة الأولى التي تُظهِرُ فيها القيادة اليمنية وقوفها المؤثر إلى جانب المفاوض الفلسطيني على الطاولة الدبلوماسية، حَيثُ كانت صنعاء قد أعلنت سابقًا أن القرار بشأن مصير السفينة الصهيونية المحتجزة (جالاكسي ليدر) وطاقمها هو بيد المقاومة الفلسطينية.