من وحي خطاب السيد القائد.. المشروع الصهيوني وخطره على الأمة
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
21 ديسمبر 2024مـ – 20 جماد الثاني 1446هـ
تقرير || إبراهيم يحيى الديلمي
في خطاب يوم الخميس الموافق 19/12/2024 لاحظنا مواكبة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) لتطورات عملية طوفان الأقصى والمستجدات الإقليمية والدولية في المنطقة بعقل تحليلي ومسؤولية قيادية في محور المقاومة. هذه المواكبة تبلورت في تناوله للعديد من القضايا المهمة والحساسة
والتي أصبحت الشغل الشاغل للمهتمين بمتابعتها أولًا بأول، باعتبارها تشغل حيزًا كبيرًا من واقع المجتمعات والأنظمة العربية، لذا سوف أقوم في هذا التقرير بتناول أهم هذه القضايا وإسقاط كل ما قاله السيد القائد عليها إسقاط المحلل المتواضع بالطبع.
المشروع الصهيوني (الوصول إلى مكة والمدينة)
لا يخفى على الكثير من أبناء أمتنا العربية والإسلامية اليوم، حقيقة ما يدور على الساحة الإقليمية العربية (سوريا تحديدًا)، من تحركات عسكرية مشبوهة للعدو الإسرائيلي، وذلك في إطار العمل الحثيث والجاد للعدو، على تجسيد مشروعه الشرير كواقع مفروض على العرب والمسلمين، وهذه التحركات لم تكن لتقع لولا سيطرة الجماعات التكفيرية على سوريا؛ وبالتالي فقد جاءت كنتيجةٍ مباشرة لها، حيث سارع العدو الإسرائيلي إلى احتلال جزء كبير من الأراضي السورية والاستيلاء على مواقع مهمة للغاية في العمق السوري منها على سبيل المثال احتلال جبل الشيخ المطل على أغلب مناطق إقليم الشام والاستيلاء على أماكن تواجد المياه في الإقليم، هذه التحركات ولا شك تأتي في سياق تنفيذ مشروع صهيوني خطير يؤدي إلى إنشاء دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد حدودها من الفرات في العراق إلى النيل في مصر، وعليه فإن ما حدث في سوريا مؤخرا يمثل حجر أساس تنفيذ هذا المشروع برعايةٍ أمريكية غربية، وبتواطئ مفضوحٍ من الجماعات التكفيرية المسلحة التي بدلًا من أن تتجه لجهاد وطرد هذا العدو تمثيلًا لمزاعم الجهاد التي قامت على أساسها، أبدت عدم استعدادها لمواجهته بذريعةٍ واهيةٍ مفادها: أن سوريا ليست في وضعية تسمح لها بمواجهة إسرائيل. هذا الموقف بطبيعته لم يكن مفاجئًا للكثير من الناس؛ ممن يعرفون جيدًا حقيقة هذه الجماعات وحقيقة أهدافها سلفًا، وما هذا الموقف المتخاذل إلا انعكاسًا طبيعيًا لمواقف بقية الأنظمة العربية المتخاذلة تجاه ما يحدث في قطاع غزة ودليلًا ملموسًا عليه.
هذه الصورة المؤسفة للتوسع الإسرائيلي ليست ضربًا من الخيال بل هي أمر واقع باتت الصهيونية تسعى لتثبيته في المنطقة العربية، الأمر الذي دعا السيد القائد إلى الإشارة إليه قائلًا: “إن إعلان المجرم نتنياهو لـ”حرب القيامة” كعنوان للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يأتي في إطار سعي اليهود الصهاينة لإنشاء ما يسمونه بالمملكة الثالثة”.
وبوصول العدو الإسرائيلي إلى العمق السوري، يبدو واضحًا أنه عازم على تنفيذ مشروعه العنصري القذر؛ ليصل به إلى ما بعد الفرات والنيل، ليصل به إلى أقدس بقاع المسلمين (مكة والمدينة) بغطاء خادع سبق وأن رأيناه في الحالة السورية، وهذا ما عبر عنه السيد القائد في كشفه لصور هذا المشروع بقوله إن: “الصورة الأخيرة للمشروع الصهيوني الأمريكي هي السيطرة على القدس ومكة والمدينة” وهنا يكشف السيد القائد أن نهاية هذا المشروع ستكتمل بسيطرته على مكة والمدنية المنورة ولا شك أن ذلك لن يتم له إلا بمساعدة من طرف ثالثٍ يجب أن يحظى من الشعوب العربية بالرضا والقبول.
حقائق صارخة أمام موقف الحياد والنأي بالنفس.. ماذا بعد؟
اليوم وأمام كل ما يجري من خذلان وتناقضات أفرزتها المخططات والمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية القذرة، تتضح لنا الحقيقة في أبهى صورها فتنفيذ المشروع الصهيوني مثلًا لكي يتم يحتاج لمقومات وتمهيد مسبق، فمثلًا الجماعات التكفيرية التي اتخذت من الدين جلبابًا لها، نراها اليوم لا تمت بأفعالها وأقوالها إلى الدين بصلة؛ فهي عند مواجهتها للمناؤين لها من المسلمين تنهض لقتالهم بعزم وإصرار، وفي المقابل يتم تمويلها وإمدادها بالسلاح والعتاد من عدة دول عربية، ناهيك عن دعمها بالموقف السياسي، لكنها عندما تصبح على مرمى حجر من مواقع تموضع العدو الحقيقي للأمة تنكفئ على نفسها، بل وتدفن رأسها في التراب، لتؤكد لنا أنها ليست إلا جماعات تكفير ونفاق وفتنة. وفي هذا يقول السيد القائد: “العدو أراد أن تكون شعوب الأمة ضائعة وشبابها مجندون لصالحه ويقاتلون في الفتن التي يخطط لها باستماتة واستبسال”.
أيضًا ومن خلال الاستقراء العميق لخطاب السيد القائد الأخير، تتضح لنا من خلال ما عبر عنه بقوله: إن ” من يرفعون عبارة النأي بالنفس والحياد يتجاهلون الحقائق الصارخة الواضحة المعلنة من قبل العدو الإسرائيلي” صوابية ورجاحة هذا القائد الشجاع إذ أن ما قاله يتطابق تمامًا مع الواقع المؤسف الذي نعيشه اليوم، كما يبين لنا أن تلك المواقف المتخاذلة هي السبب الأول لما نعانيه من ويلات الفرقة والتمزق والاختلاف الذي لا يستفيد منه إلا العدو فقط.
واجب الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني:
كثيرا ما تم التحذير من مخاطر استمرار حالة التيه والغفلة التي تمر بها أمتنا اليوم أمام ما تواجهه من تحديات تستوجب منها اتخاذ المواقف المناسبة، في مواجهة كل المخططات والمؤامرات الأمريكية والصهيونية التي كانت السبب في نشوء هذه الحالة واستمرارها إلى اليوم بما يخدم مصالح العدو ويؤدي إلى استعباد الأمة ونهب مقدراتها وثرواتها، وهذا بالضبط ما نوه إليه السيد القائد بقوله: إن” سبب هذه الحالة هو الفساد الذي انتشر في أوساط الأمة وخاصة بين الشباب قائلا: “جزء من شباب الأمة مستغرقون في الفساد ولا يمتلكون أي موقف أو وعي مما ساعد العدو على الفتك بالأمة وتدميرها وإنهائها”. ولم يكتفِ السيد القائد بهذا بل حرص على إيجاد العلاج الناجع للخروج من هذه الحالة المذلة قائلًا: ” ينبغي على الجميع الوعي بحقيقة ما يجري لأن البعض يتجهون باللوم على الموقف الصحيح في هذه الأمة ممن يعارض المشروع الصهيوني”.
الاستعداد للمواجهة الكبرى
وأمام كل هذا نجد أنفسنا أفرادًا وجماعات ملزمين باستشعار هذا الخطر، والسعي بكل الوسائل والأساليب الممكنة إلى تحاشي وقوعه، وأن نعي جيدًا أن أول ما علينا فعله هو اتخاذ الموقف الصحيح وتجسيد هذا الموقف بالفعل والتحرك القوي والصادق، وأن يكون لدينا الاستعداد النابع من إيماننا بالله وبالقضية للمواجهة الكبرى مع العدو، وهو ما حث عليه السيد القائد بقوله: ” أمام المشروع الصهيوني تتجلى قيمة وأهمية الموقف الصحيح الذي فيه نجاة الناس وعزتهم وكرامتهم بالجهاد في سبيل الله ومواجهة العدو”.
وهذا لا يعني إلا شيئًا واحدًا وهو ضرورة الاستعداد للمواجهة مع العدو والثبات في هذه المواجهة مهما كانت التحديات والصعوبات، ولعل التجربة اليمنية في مواجهة العدو الإسرائيلي خير دليل على صحة رؤية السيد القائد الذي أكد بأننا على قناعة تامة بموقفنا وعلى استعداد لمواجهة أي مستوى من التصعيد بمعونة الله تعالى ولسنا أبداً ممن يقبل الاستباحة كحال البعض.