تقاسم النفوذ والاحتلال وتدمير القدرات العسكرية.. المؤامرة لا تزال مستمرة على سوريا
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
18 ديسمبر 2024مـ 17 جماد الثاني 1446هـ
تقرير|| زين العابدين عثمان
منذ سيطرة جماعات الجولاني على العاصمة دمشق، بدأت سوريا تتجه دراماتيكياً إلى واقع كارثي على كل المستويات الأمنية والعسكرية والاستراتيجية.
فمن جهة خسرت سوريا ثلاثة أرباع قدراتها وترسانتها الدفاعية على رأسها أسلحة الردع الاستراتيجي “قوة الصواريخ والقوة البحرية والقوة الجوية و الدفاع الجوي”، بالإضافة الى خسارة أجزاء واسعة من أراضيها في الحد الجنوبي الممتد من المنطقة العازلة بالجولان، وصولاً إلى ريف دمشق، حيث تمكن كيان العدو الاسرائيلي خلال حملته العدوانية من تدمير معظم الترسانة العامة للجيش السوري، واحتلال القطاع الجنوبي، وصولاً إلى نقاط متقدمة لا تبعد أكثر من25كيلو متراً من العاصمة دمشق.
ومن الجهة المقابلة تحركت أمريكا بشكل موازٍ لحماية ما يسمى “قوات قسد” لتعزيز سيطرة الأخيرة على الجغرافيا الشمالية -الشرقية مناطق النفط ابتداء” بالقاشملي -الحسكة -الرقة وصولاً إلى دير الزور “.
من جهة أخرى عملت تركيا أيضاً على تحريك قواتها لتحتل القطاع الشمالي الشرقي لسوريا “إدلب وحلب” وصولاً إلى حماة، وقد قامت بنشر قوات خاصة في هذه المناطق، مع انشاء قواعد تمركز ثابتة ومتقدمة.
سوريا تحت براثين مثلث الاحتلال
ووفقاً للمعطيات والمتغيرات التي طرأت على ساحة سوريا يمكن رؤية وضعها يذهب إلى منحى خطير للغاية، فقد أفرغت من عناصر القوة لحماية أمنها القومي، كما أن سيادتها ووحدة أراضيها مستباحة كلياً جواً وبحراً وبراً، فكيان العدو الاسرائيلي مستمر في التوغل، وقضم الأراضي في الجنوب السوري، اضافة إلى عملياته الجوية التي تواصل قصف ما تبقى من المواقع، والثكنات العسكرية للجيش، ومن المتوقع أن كيان العدو لن يكتفِ بما حققه من مكاسب، وقد يسعى إلى توسيع نطاق احتلاله لمناطق أخرى تشمل حتى العاصمة دمشق، فهدفه هو تحييد سوريا كلياً، أما في الاتجاه الآخر، فالاحتلال الأمريكي والتركي يسعيان بشكل متزامن في تثبيت سيطرتهم المباشرة على مناطق الشمال الشرقي، ومناطق الشمال الغربي لسوريا، وهنا يمكن أن نرى حالة من تقاسم النفوذ والسيطرة وفق سيناريو منظم، أو بالأحرى تطبيق “سايكس بيكو” مصغر لسوريا وأراضيها.
وفيما يتعلق بالجولاني وجماعاته التي تتحرك بدعم تركي، فهي لازالت منشغلة على التربع على حكم العاصمة دمشق، وتنفيذ حملات الاعدامات الهمجية ضد الشخصيات والقيادات البارزة في الجيش السوري، واغتيال النخب والعلماء وعباقرة سوريا في المجالات العلمية والتقنية والبحثية.
أما على مستوى موقف الجولاني، وجماعته ضد ما يحصل، وخصوصاً تجاه العدوان الغاشم الذي يطبقه كيان العدو الإسرائيلي، فمازال الصمت والتماهي سيد الموقف، فلم يصدر أي بيان ادانة لهذا العدوان من تلك الجماعة، بقدر ما تسعى الأخير للتواصل مع حكومة كيان العدو، لطمأنته، وإفساح المجال أمامه ليتحرك بحرية كاملة في القصف والتدمير والتوغل.
لذا، كتقدير موقف يمكن ملاحظة الواقع الكارثي الذي تعيشه سوريا، فمع خسارتها لمعظم قدراتها الدفاعية ومعها مئات المليارات الدولارات كخسائر مباشرة هناك انهيار تام لسيادتها واستقلالها واستقرارها بالكامل عسكرياً وسياسياً وأمنياً، وسيطرة ثلاثي الشر أمريكا واسرائيل وتركيا على قرار سوريا ومستقبلها، فالفترة القادمة ستتضح مخططات هذا الثلاثي الاجرامي وستتباين مواقفهم بشكل أكبر لتظهر عبثهم بسوريا أرضاً ومقدرات وثروات وبحياة الشعب السوري الشقيق، وسيظهر موقف الجولاني وجماعته التي يمكن اعتبارها أداة لتغطية تحركات هذا الثلاثي.
* باحث عسكري