الخبر وما وراء الخبر

خبراء ومحللون أمريكيون: البحر الأحمر هو التحدي الأكثر إلحاحاً لإدارة ترامب

2

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
8 ديسمبر 2024مـ – 7 جماد الثاني 1446هـ

أكّـد خُبَراءُ أمريكيون أن خيارات إدارة الرئيس الأمريكي المنتخَب دونالد ترامب لمواجهة العمليات المساندة في البحر الأحمر، والتي باتت تشكل التحدي الأكثر إلحاحًا للولايات المتحدة، لا تختلف كَثيرًا عن الخيارات التي كانت بين يدي إدارة بايدن؛ وهو ما يعني عدم وجود أي أفق مضمون للنجاح في وقف جبهة الإسناد اليمنية أَو الحد منها بدون وقف الإبادة الجماعية في غزة.

ووفقًا لمجلة “نيوزويك” الأمريكية، فَــإنَّ “تغيير الوضع الراهن في البحر الأحمر هو التحدي الأكثر إلحاحًا الذي ستواجهه إدارة ترامب عندما تتولى مهامها في يناير المقبل” من بين كُـلّ المِلفات الأُخرى فيما يتعلق بالشرق الأوسط.

ويعود هذا التقييمُ إلى خطورة ما أبرزته معركةُ البحر الأحمر من فشل أمريكي مدوٍّ ذي تأثير استراتيجي كبير على مستقبل هيمنة الولايات المتحدة ونفوذها، وعلى سُمعتها أَيْـضًا؛ فالهزيمة التي تلقتها البحريةُ الأمريكيةُ في مواجهة اليمن من شأنها أن تعتبر “أهمَّ نقاطِ التحوُّل في تأريخ الحروب البحرية” وفقًا لتعبير معهد دراسات أسترالي.

وأوضحت المجلة أنه “برغم إنفاق البنتاغون ما يزيد على مليار دولار لمواجهة هجمات الحوثيين؛ فَــإنَّه لم يتمكّنْ من تغيير حساباتهم” لكنها اعتبرت أن “الأسوأ من ذلك هو أن إدارة بايدن كما يبدو قد رضخت بشكل أَسَاسي للحالة الحالية في البحر الأحمر”.

وقالت: إن “المسؤولين العسكريين والمراقبين الخارجيين أصبحوا متشائمين بشكل متزايد بشأنِ إمْكَانية تغيير الوضع الراهن”.

مع ذلك فَــإنَّ كُـلَّ الخيارات المتاحة لإدارة ترامب لا تتضمن أيَّ حَـلّ مضمون لتغيير واقع الهزيمة بل تنطوي على مخاطرَ إضافيةٍ أكبرَ من شأنها أن توسع مفاعيل هذا الواقع.

وفي هذا السياق، نشر موقعُ “تريد ويندز” النرويجي البريطاني السبت، تقريرًا نقل فيه عن عدة خبراءَ أمريكيين قولهم إنه من الصعب تحديد ما ستفعله الإدارة المقبلة لـ دونالد ترامب بشأن الوضع في البحر الأحمر.

لكن هذه الصعوبة لا تعود إلى غموض إدارة بايدن بقدر ما تعود إلى انعدام الخيارات المضمونة لتغيير الواقع الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في البحر، حَيثُ ينقل التقرير عن بريان كارتر، المحلل في معهد أمريكان إنتربرايز، قوله: إن “نهج حكومة ترامب الأولى تجاه اليمن، لم يكن مختلفًا كَثيرًا عن نهج بايدن” وهو ما يعني أن الخياراتِ لا تختلفُ كَثيرًا باختلاف الإدارة الموجودة في البيت الأبيض، بل إن هذه الكلماتِ تعزِّزُ دقة قراءة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي رَدَّ بشكل مبكِّر على محاولات التهويل على اليمن بعودة ترامب قائلًا: إن اليمن قد خبر ترامب في ولايته الأولى وصمد في وجه مخطّطاته العدوانية.

اقتراحاتُ المحلل الأمريكي نفسه توضح ذلك، حَيثُ قال: “إن الولايات المتحدة بعد تولي ترامب منصبَه في يناير، تحتاج إلى التركيز على استعادة الردع من خلالِ ضربِ أهدافٍ من شأنها منع تنفيذ المزيد من الهجمات البحرية” بالإضافة إلى فصل المناطق الحُرَّة في اليمن عن نظام “سويفت” المصرفي، وفقًا لما نقل التقرير، وهذه المقترحاتُ ليست جديدة وقد حاولت إدارة بايدن تنفيذَها وفشلت، فعلى مستوى الضربات العسكرية أكّـد المسؤولون الأمريكيون أكثرَ من مرة أن الولايات المتحدة تعاني من حالة “عمى” استخباراتي كامل بشأن الأهداف داخل اليمن، وقال قائد الأسطول الخامس إنه لا يمكن العثور على مركَز ثقلٍ لضربه، ولا يمكن استخدام “سياسة الردع الكلاسيكية”؛ ما يعني أن المسألة مستعصية عسكريًّا وميدانيًّا ولا تتعلق بالقرار السياسي.

والحالُ نفسُه فيما يتعلق بنظام “سويفت” المصرفي، حَيثُ كانت إدارة بايدن حاولت الدفعَ بالسعوديّة نحو هذا التصعيد خلفَ واجهة البنك المركزي في عدن، لكن القيادة اليمنية أفشلت هذا التوجّـه بموقفٍ حازمٍ وصارم أجبر النظام السعوديّ على التراجع بسُرعةٍ بل وتهديد مرتزِقتِه بقطع الدعم عنهم إن لم يتراجعوا، وفقًا لما كشفت وكالة “بلومبرغ”، الأمر الذي يعني أن هذا المسارَ مستعصٍ أَيْـضًا ومفخَّخٌ بتداعياتٍ عكسيةَ أكبر.

وهذا ما أكّـده كارتر نفسُه الذي قال: إن “كُـلّ هذا يحمِلُ الكثيرَ من المخاطر” وهو ما يعني أنها ليست حلولًا حقيقيةً.

ونقل التقرير أَيْـضًا عن جون هوفمان، الباحث في مجال الدفاع والسياسة الخارجية في معهد “كاتو” الأمريكي قوله: إن “ترامب ليس لديه على ما يبدو خطة عمل ملموسة” فيما يتعلق بالبحر الأحمر واليمن، وهو تأكيدٌ إضافيٌّ على غياب الخيارات التي يمكن أن تبنى عليها خطط متماسكة.

وَأَضَـافَ هوفمان: “في اليمن، تظل حُجتي بالنسبة لترامب كما كانت بالنسبة لبايدن: إنهاء هذه المناوشات غير الضرورية مع الحوثيين، والتحَرُّكُ لمعالجة الأسباب الجذرية للتصعيد في المنطقة، والاعتراف بعدم جدوى سياسات الوضع الراهن بشكل عام”.

ويعني ذلك أن وقفَ الحرب على غزة لا يزال وسيبقى الخيارَ الوحيدَ والمضمونَ أمام إدارة ترامب، وأنه لا جدوى من البحث عن أية خيارات أُخرى تحافظُ على التصعيد الذي أثبتت الولاياتُ المتحدةُ أنها عاجزة عن التحكم بتداعياته بالقوة، كما ظهر جليًّا في معركة البحر الأحمر.

ووفقًا لما سبق يبقى عنوانُ “النهاية المسدودة” هو العنوان الأبرز لكل خيارات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر وجبهة الإسناد اليمنية لغزة، ولا عجب أن وسائل الإعلام الأمريكية قد بدأت باستخدام هذا العنوان مؤخّرًا بعد عنوان “الهزيمة” في شهادة واضحة على انعدام الخيارات، وهو ما يؤكّـدُ أن اختلافَ الإدارة المتواجدة داخلَ البيتِ الأبيض لن يغيِّرَ شيئًا.