من حضرموت إلى جيبوتي والبحر الأحمر
بقلم / زيد أحمد الغرسي
بعد فشل العدوان السعودي الأمريكي في تحقيق أهدافه خلال عام من العدوان على اليمن يحاول المهندس الأمريكي مجددا تنفيذها بطرق أخرى وتكتيكات جديدة والتي أستطيع أن أصفها بأنها تعبر عن الفصل الثاني من العدوان على اليمن.
* يأتي ذلك بالتزامن مع اعلان تهدئة ووقف لإطلاق النار بين الجانبين اليمني والسعودي وانطلاق المفاوضات اليمنية اليمنية بالكويت التي عقدت بنفس توقيت زيارة أوباما إلى السعودية وانعقاد القمة الخليجية الأمريكية مستغلا انشغال اليمنيين بها وبخروقات العدوان …
وتمثلت تلك التحركات في زيارة أوباما للسعودية ولقائه بسلمان ثم عقد قمة خليجية أمريكية وقبلها زيارة وزير الحرب الأمريكي للإمارات والسعودية ولقائه بولي عهد أبو ظبي ومحمد بن سلمان والتي كان الملف اليمني أبرز الملفات الحاضرة بقوة في هذه الزيارات والتصريحات التي تلتها وقبلها أيضا المناورات البحرية المشتركة بين الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.
* مجمل هذه الزيارات والتصريحات والتحركات تكشف بوضوح عن اهداف هذه الزيارات وماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذه في اليمن في المرحلة المقبلة خصوصا بعد قدوم رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية ( بعد شهور قليلة من الآن ) والتي منها احتلال اليمن بشكل مباشر ووضعه بين كماشتين الأولى كماشة الاحتلال من الجنوب والثانية العدوان السعودي من الشمال مع تحريك أدوات داخلية أمنية وسياسية لإثارة الفوضى وتمزيق النسيج الاجتماعي وتقسيم اليمن مستخدما عدة أوراق كالمناطقية والمذهبية والقاعدة وداعش وغيرها.
فمن الجهة الشرقية لليمن وفي محاولة لاحتلال محافظة حضرموت بشكل مباشر وصل عدد من الجنود الامريكيين والخليجيين إلى مقر المنطقة الاولى بسيئون مؤخرا والإعلان عن بدء حملة عسكرية على القاعدة وداعش في حضرموت ” بعد أن سلمها الاحتلال لهم في بداية العدوان ” وكانت بعض خطوات التهيئة لذلك استقبال على محسن محافظي حضرموت وسقطرى ثم خروج بحاح ليبشر بحملة عسكرية ضد القاعدة وداعش في حضرموت ليلة وصول اوباما إلى الرياض ” مع أنه نفي وجود لهذه العناصر الأجنبية في وقت سابق من العدوان عندما كان رئيسا للوزراء ” ثم قام الاحتلال بقصف جوي لما يدعي انها مناطق للقاعدة وداعش ليخرج بعدها ناطق البيت الابيض ويصرح بأن الولايات المتحدة الامريكية تقصف إرهابيين في حضرموت لإيهام الرأي العام المحلي والدولي أنها تحارب الإرهاب في اليمن واستكمالا لهذه التهيئة أعلنت ما يسمى القاعدة وداعش عن تفخيخ ميناء الضبة بمديرية الشحر ومطار الريان بالمكلا محافظة حضرموت كخطوة لإيصال رسالة بأن هناك صراع حقيقي بينهما ، لكنه في الحقيقة إعطاء الأمريكان ذريعة ومبرر لاحتلال حضرموت ثم يأتي طلب الإمارات من الأمريكيين مساعدتهم في ما أسموه مواجهة الإرهاب في اليمن وفعلا دخلت منتصف شهر ابريل الحالي حوالي مائتي مدرعة إماراتية إلى حضرموت بعد يوم واحد من وصول اوباما إلى الرياض ولقاءه بولي عهد أبو ظبي وكان قبلها لقاء وزير الحرب الامريكي بولي عهد أبو ظبي أيضا.
* وهنا التساؤل لماذا سيبدأ الأمريكيون الاحتلال من حضرموت ؟ والإجابة على ذلك لأنها منطقة تقع الى جانب سقطرى التي اصبحت تحت الاحتلال ولموقعها الجغرافي الاستراتيجي ولأنها تحت السيطرة الكاملة لأدواتها الاستخباراتية المسماة قاعدة وداعش بالإضافة إلى عدم وجود الجيش واللجان الشعبية هناك وبعد المسافة بين هذه المحافظة وبقية محافظات الجمهورية وبالتالي نستطيع القول إن الاحتلال يريد تأمين احتلاله للمنطقة الشرقية اليمنية كاملة.
* أما من الناحية الغربية لليمن المطل على ساحل البحر الاحمر فقد تم لقاء بين محمد بن سلمان في الحادي عشر من شهر ابريل أثناء زيارته للأردن للمطالبة بجنود اردنيين بدلا عن الإماراتيين الذين انسحبوا من صافر بمارب وخلال هذه الزيارة التقى محمد بن سلمان مع رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو في مدينة العقبة بالأردن وتم توقيع اتفاق احتوى على ست نقاط منها قضية بيع جزيرتي تينار وصنافير من مصر للسعودية بتنسيق اسرائيلي وكان في الاتفاق مما يخص اليمن :
– توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين الجانبين الصهيوني والسعودي في البحر الأحمر
– تكثيف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الجانبين في البحر الأحمر (على حد قولهم)
– توسيع العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين.
وهو ما يعني احتلال الشريط الساحلي الغربي لليمن تحت مبرر مكافحة الارهاب، كما قال وزير الحرب الامريكي مع نظيره امين عام مجلس التعاون الخليجي في مؤتمر صحفي عقد يوم الاربعاء العشرون من شهر ابريل لعام 2016م “ستتم تسيير دوريات مشتركة لاعتراض سفن تهريب الأسلحة الإيرانية لليمن”. وهو ما يعني أيضا احتلال البحر الاحمر ومضيق باب المندب تحت مبرر اخر وهو منع تهريب أسلحة ايرانية إلى اليمن مع أن هناك تصريح للبيت الابيض قبل أيام قال فيه الناطق الرسمي للبيت الابيض إن لا ادلة على تواجد لإيران في اليمن أو دعم لها للحوثيين في اليمن.
أيضا كان قبل ذلك بحوالي أسبوعين مناورة بحرية مشتركة بين الأمريكيين والخليجيين أعلن فيها قائد البحرية الامريكية أن هدفها تامين الممرات المائية كباب المندب وقناة السويس ومضيق هرمز بما يؤكد أيضا احتلال باب المندب وخليج عدن تحت ذريعة ثالثة وهي تأمين الممرات المائية.
هذه التحركات الامريكية والاسرائيلية كلها للتنسيق وايجاد الذرائع للاحتلال الامريكي الاسرائيلي المباشر للبحر الاحمر ومضيق باب المندب ولا ننسى قلق نتيناهو بداية العدوان على باب المندب وتخوف اسرائيل من سيطرة اليمنيين عليه كما كانت المعارك في ميدي وضرب الجزر واحتلال جزيرة حنيش الخالية من السكان ومعارك تعز كلها كانت تهدف للسيطرة على باب المندب والساحل الغربي لليمن
* أما من الجهة الجنوبية لليمن فبالإضافة إلى إقامة القواعد العسكرية البحرية في جيبوتي وتحديث الاساطيل الموجودة من سابق عمد النظام الامريكي إلى تحريك نظام جيبوتي ليقدم له المبررات والذرائع لاحتلال مضيق باب المندب وخليج عدن حيث عملت على توقيع اتفاقية امنية للتعاون في مكافحة الارهاب بين السعودية وجيبوتي وبعدها بيوم تقريبا أو في نفس اليوم خرج وزير الداخلية الجيبوتي باتهام أنصار الله بمحاولة تفجير بعض السفارات الاجنبية الموجودة في بلاده فرد عليه مسئول العلاقات لانصار الله حسين العزي بالنفي والتكذيب، والغرض من هذا التصريح وتوقيته هو ايهام الراي العام العالمي بان جيبوتي ومصالح دول الاستكبار في باب المندب مهددة مما يعني احتلال جنوب اليمن وخليج عدن واضفاء الشريعة على تواجدهم العسكري في جيبوتي وباقي المنطقة تحت مبرر حماية مصالحهم، وفي نفس السياق التقى رئيس جيبوتي وامير قطر في بداية شهر فبراير لعام 2016م وتباحثا حول ما اسماه محاربة الارهاب في اليمن.
هذا جزء من تحركات الامريكيين خلال أقل من شهر ولعل ذلك يشير إلى مدى اهتمام الامريكيين بالملف اليمني ومحاولة ترتيب اوراقهم فيه من جديد مع عملاءهم في المنطقة لتمهيد الارضية للرئيس الامريكي القادم.