حين يكون العدو مثيرا للشفقة!
بقلم / حمدي دوبلة
أحيانا تشعر بكثير من الشفقة والتعاطف مع النظام السعودي الذي أردى نفسه وشعبه في بحور من المشاكل التي لا يجيد حلولا لها وجعل من خزائنه العامرة مطمعا للطامعين وهدفا سهلا لكل طالب مال في هذا العالم الفسيح وبأقل جهد ممكن.
توزيع الأموال وشراء الذمم والمتاجرة في قضايا وحقوق الآخرين هي الثقافة والنهج الذي دأب عليه نظام أسرة “سعود” منذ أمد بعيد لكن النسخة الجديدة من هذا النظام المتداعي اتسمت بغباء مفرط وغير مسبوق في تاريخ الحكم السعودي وهو ما سهل الموضوع كثيرا على مرتزقة العالم دولا وأنظمة ومنظمات وحتى قبائل وأفرادا.
مع حكام الرياض الجدد بات الأمر بسيطا ولا يحتاج الكثير من العناء والدهاء ولا يتطلب غير وضع خطة على ورق للإجهاز على الخصوم في اليمن أو سوريا أو في أي مكان آخر ترى فيه الأسرة المالكة مصدرا خطرا يتهدد وجودها وسريعا ستتدفق الأموال كأنها الغيث المدرار وإن لم تكن الخطط وصنع الانتصارات الوهمية قادرة على جلب الأموال المكدسة بالنسبة للبعض فإن الابتزاز وإعداد التقارير ومشاريع القرارات المنددة بانتهاكات وجرائم السعودية في حق الإنسان والإنسانية كفيل بتحقيق ذلك وبنجاح مذهل وسرعة منقطعة النظير.
مع كل جولة مباحثات للسلام رأينا ورأى العالم أجمع باستثناء حكام “سعود” وبدءا من تجربتي جنيف السابقتين ووصولا إلى لقاء الكويت الراهن كيف كانت تستبق تلك المساعي أنباء واسعة عن تحقيق “انتصارات” حاسمة ودراماتيكية للعناصر الموالية للرياض والتي تصبح بقدرة قادر على تخوم صنعاء ويصبح خصومها على وشك الانهيار ولفظ انفاسهم الاخيرة والتسليم بانتصار سعودي حاسم ونهائي لكن كل ذلك سرعان مايتلاشى بمجرد ان تستجيب العاطفة السعودية لهوى البعض ومصالحهم وما أن تتعثر مساعي السلام بأيادي “سعود” المعطاءة الطموحة حتى تطير تلك القوى من ضواحي صنعاء إلى صحراء ميدي وتعود سيرتها الاولى في مداخل تعز وقرى كرش والشريجة وفي صحارى الجوف ..لكن الغريب حقا إن مثل هذه الاساليب المفضوحة للناس جميعا والرامية إلى عدم الوصول الى سلام لضمان استمرار تدفق المال السعودي على المرتزقة وتجار الحروب لاتزال تنطلي وبسهولة على سلمان وأركان حكمه.
اليوم فإن على السعودية إذا ما ارادت حقا وقف عدوانها والخروج بأقل ما يمكن من الخسائر وما تبقى من ماء الوجه فليس أمامها إلا أن تعلن على الملأ بأنها ستوقف ضخ المال نهائيا وبدون ذلك لن يتحقق سلام ولن نصل إلى نهاية لهذا الوضع المأساوي المتفاقم والذي بات يحمل في طياته الكثير من الاخطار والتداعيات على جميع بلدان المنطقة دون استثناء لأحد.
نعم نحن نعاني الأمرين من العدوان وتداعياته لكن المعتدي السعودي يعاني أيضا وأصبح بسبب جنون نظامه واستنزافه الهائل لخزائنه واحتياطياته النقدية في وضع لا يحسد عليه وها هو المواطن المترف في بلاد نجد والحجاز أمام شبح رحيل زمان النعيم ومغادرة أيام البذخ والرفاهية غلى غير رجعة مالم يتوقف هذا الجنون بأسرع وقت ممكن قال تعالى ” وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ”. صدق الله العظيم.