الخبر وما وراء الخبر

بعد تعرضها لضربات يمنية.. حاملةُ الطائرات الأمريكية (لينكولن) تهرُبُ عبر المحيط الهندي

5

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
19 نوفمبر 2024مـ – 17 جماد الأول 1446هـ

بعدَ أَيَّـامٍ من تعرُّضِها لهجومٍ واسعٍ من قِبَلِ القوات المسلحة اليمنية، غادرت حاملةُ الطائرات الأمريكية (يو إس إس أبراهام لينكولن) المنطقةَ بدون أن تتجرَّأَ على الاقترابِ من البحر الأحمر؛ لتكون ثالثَ حاملة طائرات تنسحِبُ من المواجهة أمام اليمن، والثانية التي تفرُّ بعد تعرضها لضربات يمنية؛ الأمر الذي يجدِّدُ التأكيدَ على هزيمة الولايات المتحدة وفشلِ أسطولها البحري بشكل غير مسبوق تاريخيًّا، وهو ما يثبِّتُ الواقعَ الجديدَ الذي فرضته صنعاء في المنطقة.

ووفقًا لخارطة انتشار حاملات الطائرات الأمريكية والتي نشرها موقع (يو إس إن أي نيوز) التابعُ للمعهد البحري الأمريكي، مساء الاثنين، فَــإنَّ (أبراهام لينكولن) انسحبت من البحر العربي جنوبًا إلى أقصى شرق المحيط الهندي، فيما يبدو أنه مسارُ عودتها إلى الولايات المتحدة عن طريق المحيط الهادئ.

ويأتي هذا الانسحابُ بعد أسبوع واحد من تعرضها لهجوم واسع من قبل القوات المسلحة اليمنية بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وهو هجوم حاولت الولايات المتحدة إنكاره والتكتم عليه تمامًا، لكن انسحاب حاملة الطائرات يمثل تأكيدًا واضحًا على وقوعه، كما يؤكّـد ما كشفه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول تراجع الحاملة عقب الهجوم.

ويذكّر هذا الانسحاب بهروب حاملة الطائرات السابقة (أيزنهاور) من البحر الأحمر بعد تعرضها لهجمات يمنية في يونيو الماضي، حَيثُ حاولت الولايات المتحدة آنذاك أَيْـضًا إنكار الضربات اليمنية والتكتم عليها، لكن الحقيقة ظهرت لاحقًا على لسان قائد مجموعة حاملة الطائرات السابق، وفي تقاريرَ أكّـدت وصولَ الصواريخ اليمنية إلى الحاملة.

وتعتبر (لينكولن) ثالثَ حاملة طائرات أمريكية تنسحب من المنطقة في إطار عملية ما يسمى (حارس الازدهار) الأمريكية التي تهدف لوقف الهجمات اليمنية المساندة لغزة، حَيثُ كانت الولايات المتحدة قد أرسلت قبلها حاملة الطائرات (يو إس إس روزفلت) إلى المنطقة، لكنها بقيت طيلة فترة تواجدها بعيدةً عن منطقة العمليات اليمنية قبل أن تنسحب عبر المحيط الهادئ، بدون أن تتجرأ على دخول البحر الأحمر.

وتميَّزَ الهجوم اليمني الواسع على الحاملة (لينكولن) بأنه كان استباقيًّا، حَيثُ كشفت القوات المسلحة اليمنية والسيد القائد أن حاملة الطائرات ومجموعتها من المدمّـرات كانت تحضِّرُ لأكبر هجوم جوي في إطار العدوان الأمريكي على اليمن، لكن الضربات اليمنية أحبطت الهجومَ قبل وقوعه؛ وهو ما كشف عن قدرة كبيرة لدى القوات المسلحة على رصد ومراقبة التحَرّكات الأمريكية ومواكبتها واستباقها في الوقت المناسب.

ويؤكّـد انسحابُ حاملة الطائرات (لينكولن) بعد تعرضها لهجوم استباقي، حقيقة ما تصفه وسائل إعلام أمريكية وغربية بـ “الهزيمة الأمريكية” في البحر الأحمر، حَيثُ يبدو بوضوح أن الولايات المتحدة لا تملك أية خيارات لتغيير الوضع الجديد الذي فرضته القوات المسلحة في منطقة العمليات البحرية، فيما يتعلق بحظر عبور فئات السفن المستهدَفة لارتباطها بالعدوّ الصهيوني وأمريكا وبريطانيا.

كما يؤكّـدُ هذا الانسحابُ الحقائقَ التي بدأ الإعلام الأمريكي يسلِّطُ الضوءَ عليها بشكل متزايد فيما يتعلق بانتهاء زمن حاملات الطائرات، وتحولها إلى عبء كبير على الولايات المتحدة، بحسب تعبير مجلة “ناشيونال إنترست” بالإضافة إلى وجود نقاط ضَعف كبيرة في أُسطول السفن الحربية الأمريكية، وهي أمورٌ لم تتم مناقشتها أبدًا قبل المواجهة مع اليمن، حَيثُ كانت الولايات المتحدة تقدِّمُ أُسطُولَها البحري كقوة ردع أُسطورية لا تُقهَر.

وبالتالي فَــإنَّ هذا الانسحاب يؤكّـد أن القوات المسلحة قد صنعت تحوُّلًا غيرَ مسبوقٍ في تأريخ الحروب البحرية، وَأَيْـضًا في موازين النفوذ والقوة والهيمنة داخل المنطقة؛ فهذه المرة الأولى التي تجد الولايات المتحدة نفسَها عاجزةً عن فرض انتشار قوتها في الممرات المائية كما تريد، فضلًا عن تحقيق ردع عسكري من خلال هذا الانتشار.

ويكتسبُ انسحابُ (لينكولن) صدىً أكبرَ بالنظر إلى توقيته، حَيثُ يأتي بعدَ مرور عام كامل على بدء العمليات البحرية اليمنية المساندة لغزة وتنفيذ عملية الاستيلاء على السفينة “الإسرائيلية” (جالاكسي ليدر)، وهي رمزية مهمة توضح الفشلَ الكبير والفاضح للولايات المتحدة التي تعهَّدت للعدو الصهيوني بالعمل على وقفِ العمليات اليمنية لتجد نفسَها اليوم مضطرَّةً إلى تهريب حاملات طائراتها من بعيد.

كما يأتي الانسحابُ بعد أَيَّـام من تصريحاتِ وكيل مشتريات الأسلحة في وزارة الحرب الأمريكية، بيل لابلانت، حول تطوُّرِ القدرات الصاروخية اليمنية إلى مستوىً “مذهِلٍ” وَ”مخيفٍ”؛ وهو ما يؤكّـد أن الانسحاب جاء “هروبًا” من الخطر الكبير الذي لم تعد البحريةُ الأمريكية تملِكُ أَيَّ خيار لتخفيفه أَو الحد منه، فضلًا عن التخلص منه.