الخبر وما وراء الخبر

زيادة الإنفاق العسكري تضايقُ معيشة “الإسرائيليين” وأرقامٌ جديدة وكارثية للهجرة العكسية

2

ذمــار نـيـوز || تقارير ||

13 نوفمبر 2024مـ 11 جماد الاول 1446هـ

لا يمُــــــرُّ يومٌ واحدٌ على الأقل دونَ أن يُسَجِّلَ العدوُّ الصهيوني أزمةً اقتصاديةً جديدةً، على وَقْعِ الصفعات العسكرية المُستمرّة التي يتلقاها من فصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان وجبهات الإسناد اليمنية والعراقية؛ رَدًّا على الإجرام المُستمرّ بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، وهو ما يقود الكيان “الإسرائيلي” إلى الانحسار في طريق ضيق نهايته السقوط الحتمي.

ومع انطلاقة هذا الأسبوع العصيب اقتصاديًّا على الاحتلال شهد عجزًا جديدًا في الميزانية وعزوفًا جماعيًّا لشركات الطيران والمستثمرين وتراجعًا لمؤشرات الأسهم وركودًا للصادرات والواردات، يسجل اقتصاد العدوّ الصهيوني مشكلة جديدة كبدت المستوطنين مبالغ باهظة جراء قيام مالية العدوّ برفع موازنة الإنفاق العسكري على حساب البنود الأُخرى الملامسة للحياة داخل فلسطين المحتلّة، وهو ما أفرز سخطًا متصاعدًا في صفوف “الإسرائيليين”.

ونقلت صحيفة “كالكاليست” الصهيونية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، عما تسمى “وزارة المالية” بحكومة المجرم نتنياهو، تقديرات تؤكّـد أن رفع ميزانية الإنفاق العسكري سيزيد من الأعباء المالية على الأسر “الإسرائيلية”، حَيثُ ستتكبد كُـلّ أسرة تكلفة إضافية تصل إلى 4 آلاف شيكل (نحو 1070 دولارًا) سنويًّا على الأقل.

وأوردت الصحيفة في تقرير عن مسؤول اقتصادي في مالية العدوّ، قوله: إن زيادة الإنفاق العسكري ستموّل عبر رفع الضرائب أَو تقليص الإنفاق المدني، في إشارة إلى أن المستوطنين الصهاينة سيتحملون هذه الأعباء، وهو ما يزيد حالة السخط ضد حكومة المجرم نتنياهو.

وأوضح التقرير أن الزيادة في الإنفاق العسكري ستكلف خزينة العدوّ مليارات الشيكلات في ظل تراجع الإنتاج جراء الشلل الحاصل في قطاع الصادرات والواردات بفعل الحصار البحري اليمني الكبير، وَأَيْـضًا؛ بسَببِ ترنح النقل الجوي لسلاسل البيع بالتجزئة مع عزوف العشرات من شركات الطيران الأمريكية والأُورُوبية عن التعامل مع مطارات العدوّ الإسرائيلي بفعل المخاوف من الاستهداف المتكرّر لمطارات العدوّ من قبل حزب الله أَو باقي محور الجهاد والمقاومة في العراق واليمن وإيران.

وتأتي هذه المعالجات الاقتصادية الاضطرارية التي تقوم بها حكومة العدوّ، جراء العجز المتزايد في الموازنة؛ لما أحدثته الجبهة اللبنانية من فجوة كبيرة بين مخصصات العدوّ العسكرية وبين الاحتياجات الفعلية لتغطية هذه المعركة، والتي تكلف العدوّ الصهيوني في اليوم الواحد أكثر من 135 مليون دولار.

كما تأتي هذه المعالجات في ظل المخاوف الكبيرة من لجوء حكومة العدوّ إلى تغطية الإنفاق بتوسيع العجز عبر اللجوء للموازنات التكميلية، وهو ما يجعل أمامَ العدوّ الصهيوني كوارثَ اقتصاديةً كبيرةً على المَدَيَينِ المتوسط والبعيد.

وفي السياق يؤكّـد مسؤولٌ صهيوني في مالية العدوّ الإسرائيلي يدعى “أبرمزون” أن زيادة العجز ستثقل كاهل الاقتصاد لفترات طويلة جِـدًّا حتى وإن توقفت الحرب على غزة ولبنان؛ بفعل حتمية ارتفاع تكاليف الفوائد وتراجع الاستثمارات الخَاصَّة والعامة، مُشيرًا إلى أن كُـلّ زيادة بـ10 % في نسبة الدين للناتج المحلي قد تخفِّضُ الإنتاجية الاقتصادية للكيان الصهيوني بـ29 مليار دولار سنويًّا، وهو رقم كبير لا يقدر العدوّ على تغطيته في ظل المعطيات المذكورة في هذا التقرير أَو في التقارير السابقة.

وفيما عَبَّرَ عن معارضته لربط ميزانية الإنفاق العسكري بالناتج المحلي، يشير المسؤول الصهيوني إلى أن مثل هذا القرار يفتقر للأَسَاس الاقتصادي، في إشارة إلى أن الإجراءات المتخبطة التي تلجأ لها حكومة العدوّ نتنياهو ستقوده فعلًا إلى مستقبل اقتصادي مظلم للغاية.

إجراءاتٌ ترفعُ وتيرةَ الهجرة والهروب:

وعلى وقع المتاعب الاقتصادية والإجراءات التي يلجأ لها العدوّ وهي تلامس الوضع المعيشي للمستوطنين الغاصبين، فَــإنَّ هذا الإجراء ينبثق عنه ارتفاع وتيرة الهجرة العكسية، وهو ما يشكل تهديدًا آخرَ للعدو على المستويَينِ الاقتصادي وَأَيْـضًا الاجتماعي.

ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تقريرًا مفصَّلًا عن الهجرة العكسية التي يعاني منها العدوّ الصهيوني.

وجاء في التقرير الذي ارتكز على بيانات إحصائية لما تسمى “مؤسّسة شورش” الصهيونية للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، أن هناك زيادة حادة بنسبة 42 % في أعداد “الإسرائيليين” الذين قرّروا العيش خارج حدود فلسطين المحتلّة، محذرة من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية لهذه المعضلة.

ولفت التقرير أن البيانات أظهرت انخفاضًا بنسبة 7 % في عدد العائدين إلى فلسطين المحتلّة بعد أن غادروها؛ ما يؤكّـد أنه إلى جانب الهجرة العكسية التي يعاني منها العدوّ فَــإنَّ هناك توجُّـهًا عامًّا بعدم العودة مجدّدًا؛ وهو ما يضاعف التهديدات الوجودية للعدو الصهيوني.

وأكّـدت الصحيفة العبرية أن التحول المقلق في أنماط الهجرة العسكرية يشكّل مشكلة كبيرة للعدو الإسرائيلي تتطلب معالجة جذرية، في حين أن المعالجة الوحيدة لهذه المشكلة وغيرها من المشاكل هو وقف العدوان الصهيوني على غزة ولبنان.

وما يضاعف المتاعب الاقتصادية للعدو الصهيوني من حساب الهجرة العكسية، أن الهاربين من فلسطين المحتلّة غالبيتُهم من أصحاب رؤوس الأموال والطبقة الثرية، حَيثُ تكشف صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية في تقرير حديث أن ما نسبته 39 % من المهاجرين في عام 2023 كانوا من المناطق الأكثر ثراء في مدن فلسطين المحتلّة، بما في ذلك تل أبيب والمنطقة الوسطى، في حين غادر 28 % من حيفا والشمال، و15 % من الجنوب، فيما يشار إلى أن هذه الأرقام جاءت قبل أن تتصاعد عمليات الجبهة اللبنانية التي توسعت بشكل كبير في حيفا وتل أبيب، وهو الأمر الذي قد يضاعف أرقام المهاجرين، ويزيد من الضغوط الخانقة على العدوّ الصهيوني.

واعتبرت الصحيفة أن هذه الأرقام تؤكّـد خسارة العدوّ الصهيوني لقوى عاملة كبيرة في سن يدخل فيه كثيرون إلى سوق العمل أَو يتابعون دراستهم أَو يتلقون تدريبًا في الخارج.

أزماتُ النقل الجوي تتضاعف:

إلى ذلك زادت مخاوف العدوّ الصهيوني من تفاقم الحصار الجوي على وقع عزوف كُبريات الشركات الأمريكية والأُورُوبية عن التعامل مع مطارات العدوّ الإسرائيلي، في ظل الانضمام المتزايد لخيار تعليق الرحلات، وتمديد فترات التعليق من قبل الشركات التي عزفت مسبقًا عن تنظيم الرحلات من وإلى فلسطين المحتلّة.

وأعلنت خلال الساعات الماضية ثلاث شركات أُورُوبية تمديد فترة تعليق الرحلات حتى نهاية العام الجاري ودخول العام المقبل، وهو ما زاد متاعب العدوّ في النقل الجوي، وفي مقدمة تلك المتاعب هو الشلل الذي يصيب سلاسل الإمدَاد التجارية المجزَّأة، في ظل الحصار البحري اليمني الخانق الذي قطع سلاسل التوريد الكبرى من وإلى فلسطين المحتلّة.

وانضمت مجموعةُ “لوفتهانزا” الألمانية، و”أيبيريا إكسبريس” الإسبانية، و”فيرجن أتلانتيك” البريطانية إلى صفوف الشركات الأمريكية والغربية العازفة عن التعامل مع العدوّ الصهيوني؛ بسَببِ ما أسمته المخاوفَ المحيطة، في إشارة إلى عمليات حزب الله الكبرى والنوعية التي تطال مختلفَ مدن فلسطين المحتلّة في إطار بنك أهداف يضم مجموعة كبيرة من الأهداف الحيوية من بينها مطارات العدوّ، فضلًا عن الزخات الصاروخية المُستمرّة لمختلف أنواع الصواريخ وكذلك الطائرات المسيَّرة التي أربكت بشكل كبير العدوّ وضاعفت المخاطر الجوية؛ ما دفع شركات الطيران للتوقف.

واللافت في الأمر أن الشركة البريطانية “فيرجن أتلانتيك” أعلنت تمديد الرحلات حتى نهاية أُكتوبر 2025، وهو الأمر الذي يخلق انطباعًا لدى باقي الشركات بشأن عدم الثقة في استقرار أجواء فلسطين المحتلّة خلال الأشهر المقبلة، وقد يزيد هذا في تمديد فترات التعليق لتلك الشركات، فضلًا عن احتمالية دخول شركات أُخرى في نفس المسار وقد تعلن قريبًا التوقف عن التعامل مع مطارات العدوّ.

وكانت العديد من شركات الطيران الأُورُوبية، مثل طيران إيطاليا “أي تي أي” والخطوط الفرنسية “فرانس أير” واليونانية “إيجه”، وكذا كبريات الشركات الأمريكية الجوية، أعلنت عن تمديد تعليق رحلاتها إلى فلسطين المحتلّة؛ بسَببِ التهديدات التي تطال العدوّ الصهيوني، فيما أفصحت شركة “طيران أُورُوبا” الإسبانية عن سبب تعليق رحلاتها وقالت إنه سقوط صواريخ حزب الله على مطار بن غوريون؛ ما يؤكّـد أن عمليات حزب الله تجلب تهديدات متعددة للعدو أمنيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا وغيره.

ومع هذه المعطيات، يتأكّـد للجميع أن عمليات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والقوات المسلحة اليمنية باتت تشكِّلُ حصارًا متعددًا على العدوّ الصهيوني وتجعلُ التهديدات ضدَّه شاملة البر والبحر والجو؛ وهو ما يزيد الخناق على العدوّ ويضيق كُـلّ الخيارات أمامه؛ ليكون الخيار الوحيد والأسلم هو وقف الإجرام والحصار على غزة، ووقف العدوان على لبنان، أما دون ذلك فهو الانتحار بعينه، وكل الشواهد تؤكّـد ذلك.