الخبر وما وراء الخبر

أصداء الهزيمة الأمريكية أمام اليمن تتعالى وتؤكّـد تفوق صنعاء عسكريًّا

5

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
10 نوفمبر 2024مـ – 8 جماد الاول 1446هـ

لا زالت أصداءُ الهزيمة الأمريكية أمامَ جبهة الإسناد اليمنية لغزةَ تتردَّدُ على نطاق عالمي واسع، كاشفةً عن تغييرات كبيرة في الموازين، بما في ذلك موازين القوة العسكرية.

واعتبر معهدٌ السياسَة الاستراتيجية الأُسترالي، أن ما حقّقته القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر يمثّل واحدًا من أهم نقاط التحول في التأريخ العسكري، وأن على الجيش الأمريكي نفسه أن يأخذ الدروس ويتعلَّمَ من التكتيكات اليمنية في حروبه القادمة مع القوى المنافسة مثل الصين.

ونشر المعهد هذا الأسبوع، تقريرًا وصف فيه ما حدث في البحر الأحمر بأنه “درس” قدمته القوات المسلحة اليمنية للجيش الأمريكي عنوانه “كيف تستطيع قوة برية خوض حرب بحرية؟” في إشارة إلى القدرة على المواجهة المُستمرّة وفرض المعادلات على البحر، بدون امتلاك سفن حربية وأساطيل تقليدية.

ووفقًا للتقرير فَــإنَّ “طبيعة الحرب تتغير دائمًا، وربما تكون الهجمات المُستمرّة التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر واحدة من نقاط التحول الأكثر أهميّة في التأريخ العسكري” حسب وصفه، موضحًا أن هذا التحول يتمثل في “السيطرة على البحر ومنع الوصول إليه من خلال تطبيق إطلاق الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى واستخدام الطائرات بدون طيار ذاتية التشغيل من الشاطئ” أي بدون امتلاك قطع بحرية تقليدية.

وَأَضَـافَ أن القوات المسلحة اليمنية “مزجت بشكل فعال بين الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار الهجومية أُحادية الاتّجاه للسيطرة على البحر الأحمر” مُشيرًا إلى أن هذا المزيج حقّق نجاحًا في إصابة عشرات السفن وإغراق بعضها.

ونصح التقرير الولايات المتحدة بأن تتعلم من هذه التكتيكات، وقال إنه “ينبغي للجيش الأمريكي أن يفكِّرَ في استعارة صفحة من كتاب قواعد اللعبة الذي يستخدمه الحوثيون في اليمن” حسب وصفه، وهو ما يعتبر شهادة جديدة ليس فقط على فشل واشنطن وهزيمتها أمام اليمن، بل أَيْـضًا على تفوق القوات المسلحة اليمنية وقدرتها على تجاوز قواعد الاشتباك التقليدية التي تسيَّدت الغربُ ميدانَها لعقود طويلة وفرض قواعدَ جديدة، وهي إهانةٌ أشَدُّ وَقْعًا.

وَأَضَـافَ التقرير أنه “يتعين على الجيش الأمريكي أن يسعى إلى تحقيق نفس القدرة في بيئة ساحلية متنازع عليها ضد عدو مثل الصين” مُشيرًا إلى أنه “في أية حرب بحرية بغرب المحيط الهادئ، من المرجح أن يضطر الجيش الأمريكي إلى العمل على قواعدَ في جزر بعيدة ومهاجمة السفن بنفس الطريقة التي يفعلها الحوثيون من داخل اليمن” حسب تعبيره.

وأشَارَ إلى أن “أحد الجوانب الرئيسية لعمليات الحوثيين تمثل في استخدام الطائرات بدون طيار الهجومية أُحادية الاتّجاه، وصواريخ كروز التي تعمل بالمراوح وهي رخيصة للغاية وواسعة النطاق، وتشكل تحديًا اقتصاديًّا؛ نظرًا لتكلفة الصواريخ الاعتراضية الدفاعية مثل (إس إم-2) و (إس إم-6)”.

وتابع: “هنا أَيْـضًا، يمكن للجيش الأمريكي أن يتعلم من الحوثيين ويتكيف مع استخدام تكتيكات مماثلة”.

وقال إنه “يمكن للجيش الأمريكي والقوات المتحالفة معه تحقيق ميزة تُغَيِّرُ مسار الحرب إذَا تعلموا من تكتيك الحوثيين المتمثل في السيطرة على البحر من الشاطئ باستخدام طائرات بدون طيار غير مكلفة وأسلحة هجومية دقيقة بعيدة المدى، وَإذَا تمكّنوا من مزج هذه التقنية مع التنقل الجوي” حسب وصفه.

واختتم بالقول: إن اليمنيين أصبحوا “معلِّمين” في هذا السياق، وإن “عملياتهم أثبتت أن السيطرة على البحر من الشاطئ ومنع الوصول إليه يمكن أن يكونا فعَّالَين للغاية”.

 

وبغض النظر عن نقاط القوة الأُخرى التي لم يسلط التقرير الضوء عليها، والتي جعلت التكتيكات اليمنية فعالة، مثل صوابية الموقف والقرار وعدالة القضية، فَــإنَّ مثل هذه التناوُلات تزيدُ من إحراج الولايات المتحدة الأمريكية وتجعلها محاصَرة بحقيقة الهزيمة الكبيرة والفاضحة في البحر الأحمر إلى حَــدّ أنه أصبح عليها أن تقر بتفوق القوات المسلحة اليمنية تكتيكيًّا وتبدأ بالتعلم منها؛ لتفادي الوقوع في هزائمَ مستقبلية.

وبطبيعة الحال فَــإنَّ هذه التناولات تصادقُ على ما أكّـدته العديدُ من التقارير الأمريكية طيلة الأشهر الماضية حول عدم جدوى القطع العسكرية البحرية التي يعتمد عليها الجيش الأمريكي بشكل أَسَاسي مثل حاملات الطائرات، وأنها أصبحت متأخِّرًا عن مستوى التطور الذي أثبتته القوات المسلحة اليمنية في المواجهات البحرية.

والحقيقة أن الجيش الأمريكي قد قام فعلًا بتقليد بعض التكتيكات البحرية اليمنية قبل المعركة الأخيرة، حَيثُ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في يناير الماضي أنه خلال السنوات الماضية نجحت القوات المسلحة اليمنية في إرباك القوات الأمريكية وشركائها في الشرق الأوسط “لدرجة أن مخطّطي الحرب في البنتاغون بدأوا في تقليد بعض تكتيكاتها” مشيرة إلى أنه بعد أن تمكّنت القوات اليمنية من تسليح أنظمة الرادار التجارية المتوفرة عادة في متاجر القوارب وجعلها أكثر قابلية للتنقل “قام قائد أمريكي كبير بتحدي قوات مشاة البحرية التابعة له لاكتشاف شيء مماثل، وبحلول سبتمبر 2022 كان مشاة البحرية في بحر البلطيق يتكيَّفون مع أنظمة الرادار المتنقلة المستوحاة من الحوثيين” حسب وصف الصحيفة.

وأضافت وقتَها أنه: “لهذا السبب، بمُجَـرّد أن بدأ الحوثيون بمهاجمة السفن في البحر الأحمر عرف كبارُ مسؤولي البنتاغون أنه سيكون من الصعب ترويضُهم”.