الخبر وما وراء الخبر

أمريكا والمسارعة نحو استثمار عام من العدوان على اليمن

182

بقلم/ إسماعيل عبد الله المحاقري


يبدو أن المرحلة الأولى من العدوان على اليمن تُطوى صفحاتها ومرحلة التدخل العسكري المباشر بدأت تنحسر بترك معارك الداخل للقاعدة و(داعش) ومرتزقة الإخوان لتأجيجها وإدامتها فيما ينحصر التركيز الخارجي على الأماكن ذات الأهمية الإستراتيجية كمضيق باب المندب وخليج عدن وجزيرة سقطرى وغيرها من المناطق التي ظلت مطمعا وهاجسا مؤرقا للولايات المتحدة الأمريكية والعدو الإسرائيلي على حد سواء.

هذا ما يمكن قراءته واستشرافه من خلال التحركات والمواقف الأمريكية منذ ما قبل العدوان على اليمن وحتى اليوم الذي انكشف فيه بجلاء البعد الصهيو أمريكي فيه.

فعلى كل المستويات وفي مختلف الاتجاهات يتحرك الأمريكيون لتطويق المنطقة وإخضاعها لسيطرتهم وقطف ثمرة ما أنتجوه من فوضى خلاقة كان للسعودية الدور الأكبر والأبرز في أنتجاها ولعل زيارة أوباما الأخيرة إلى الرياض ما هي إلا لتدارس تلك الأنشطة والمخططات التي بدأت من أفغانستان والعراق منتقلة إلى سوريا ومن ثم ليبيا وليس آخرا اليمن.

وأيا كانت حدة التباين والخلاف بين المتبوع الأمريكي والتابع السعودي في بعض القضايا والملفات الإقليمية إلا أن الملف اليمني يحظى بأهمية كبيرة لدى الطرفين ويستوجب منهما الاتفاق لجهة ضمانة تحقيق أهدافهما الجيو سياسية.

فالسعودية أشعلت حربا مفتوحة دخلت عامها الثاني لتركيع اليمنيين والعودة باليمن إلى زمن الوصاية والتبعية فيما تشرف أمريكا على هذا العدوان وترقب باهتمام مآلات الأوضاع الكارثية وتوسع نشاط القاعدة و(داعش) مستغلة بذلك كل ما من شأنه تدمير هذا البلد وتمزيقه وفرض الهيمنة وإطباق الحصار عليه وعلى مياه الإقليمية.

المشروع القديم المتجدد والذي تجلى مؤخرا بالإعلان عن اتفاق خليجي-أمريكي يقضي بنشر دوريات لمنع ما أسموه تهريب الأسلحة الإيرانية لليمن كما صرح به أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدا للطيف الزياني في ختام الاجتماع الذي عقده وزراء الدفاع بدول الخليج مع  اشتون كارتر وزير الحرب الأمريكي وذلك قبيل لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالملك السعودي والذي ناقشا خلاله ما أسموها  تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ، والجهود الدولية تجاهها من بينها مكافحة الإرهاب.

ما يسمى الإرهاب الذي يغيب الحديث عنه متى ما اقتضت الحاجة الأمريكية إلى ذلك ويحضر بقوة متى ما أرادوا استغلاله وتوظيف لتمرير أجنداتهم الخاصة وهو الحاصل في اليمن حيث التقى آشتون كارتر قبل أيام بولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد آل نهيان لمناقشة طلب إماراتي بدعم عسكري أمريكي يساعدها في شن هجوم على القاعدة في اليمن وهو ما كشفه تقرير لوكالة رويترز للأنباء أشار فيه إلى حقيقة توسع القاعدة في جزيرة العرب وسيطرته على مساحات من الأراضي اليمنية في اعتراف وان كان متأخرا إلا أن توقيت الحديث عنه بهذا الشكل بعد عام من التضليل والتغطية يكشف عن إستراتيجية جديدة للولايات المتحدة من أهدافها تطويق البلد والتحكم بمقدراته.

وبطبيعة الحال فهذه المعطيات والمؤشرات وهي إذ تؤكد عن مساع  أمريكية لإخراج السعودية من مستنقع اليمن بأي شكل من الأشكال وبما يضمن هيمنتها ويحفظ مصالحها إلا انه لا يمكن بأي حال فصل ذلك عما يجري في الضفة المقابلة من لهث سعودي وراء تطبيع الأوضاع مع الكيان الصهيوني.

فالكيانين علاقات مشتركة وتقاطع مصالح باتت معلنة ومكشوفة ومن أولوياتهما وأكثر ما يشغلهما في الوقت الراهن هو في كيفية السيطرة والتحكم بمضيق باب المندب الذي يشكل خطرا على أمن إسرائيل اكبر من البرنامج النووي الإيراني بحسب مسؤولين صهاينة.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار إلى جانب هذه الحقائق تصريحات وزير الداخلية الجيبوتي حسن برهان الأخيرة وان كان شقها الأول مجرد افتراءات وتصريحات جوفاء هدفها الاسترزاق  الرخيص بقوله إن بلاده أحبطت محاولات حوثية لتفجير سفارات الدول العربية المشاركة في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في تحالف العدوان إلا ان شقها الآخر والذي يقول فيه إن السعودية عازمة على إنشاء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي في وقت أبرمت اتفاقية تعاون في المجال الأمني بين هاتين الدولتين ﻧﻅﺭﺍ لما أسموه موقع جيبوتي الاستراتيجي  والمهم للعالم ﻋﻧﺩ ﻣﺿﻳﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻣﻧﺩﺏ، ﺍﻟﻣﺩﺧﻝ ﺍﻟﺟﻧﻭﺑﻲ ﻟﻠﺑﺣﺭ ﺍﻷﺣﻣﺭ، ﻭﻫﻭ ﺷﺭﻳﺎﻥ ﺍﻟﺣﻳﺎﺓ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛﻝ ﺍﻟﺩﻭﻝ، ﻭﺍﻟﻣﻣﺭ ﺍﻟﺭﺋﻳﺳﻲ ﻟﻠﻁﺎﻗﺔ، بحسب الوزير الجيبوتي وهو ما يؤكد على ما أسلفنا الحديث عنه وعلى أن ثمة مخطط يستهدف اليمن في ثرواته وموقعه الجغرافي يجري الإعداد له بالتنسيق المباشر بين هذه الدول والقوى مجتمعة وهو ما أفصح عنه سابقا أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجدة في ندوة مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن بحضور دوري غولد مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية وأحد كبار مستشاري بنيامين نتنياهو حيث أشار إلى وجود حقل نفطي واعد في الربع الخالي قال إن من واجب مجلس التعاون حمايته واستغلاله لافتا إلى مشروع بناء جسر النور الذي يربط بين مدينة النور في جيبوتي ومدينة النور في اليمن حسب قوله واضعا عدة أمور لا نجاح هذا المشروع من ضمنها تحقيق السلام بين العرب وإسرائيل وإحياء الميناء الحر في عدن وتغيير النظام السياسي في إيران الخصم التقليدي للنظام السعودي.

وإمام ذلك تعتقد واشنطن وأدواتها الوظيفية في المنطقة أنها قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المخطط والمشروع لكن ما لم يدركه الجميع هو أن السعودية وخلال عام من حكم الملك سلمان قد فقدت مكانتها وهيبتها نتيجة ارتمائها في أحضان الكيان الصهيوني وسياستها العدائية لمعظم الدول المجاورة والمحيطة بها إضافة إلى الخلافات العميقة داخل الأسرة الحاكمة وعلى ما يبدو هنا أن النظام السعودي بات إلى السقوط أقرب من أي وقت مضى.