الخبر وما وراء الخبر

المنافقون يستاءون عند انتصار المجاهدين

8

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
23 أكتوبر 2024مـ – 20 ربيع الثاني 1446هـ

بقلم// عدنان علي الكبسي

رغم أن العدو الإسرائيلي واضح للجميع أنه عدو، والجميع يقر بأنه عدو شرير مفسد مجرم ظالم طاغية مستبد محتل مغتصب ولكن التعامل مع العدو الإسرائيلي لم يكن من الجميع على أساس أنه عدو ولذلك لم تتخذه الأمة الإسلامية عدو، وتبني واقعها على أساس العداوة لهذا العدو.

رغم أن الله أكد في القرآن الكريم أن الأشد عداوة للمسلمين، بين كل الأعداء والذي هو في رأس القائمة (اليهود)، فقال سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، أن اليهود رقم واحد في كونهم الأشد عداءً لأمتنا، فهم ليسوا بأصدقاء، هم أعداء، بل هم الأشد عداء.

حكى الله عن اليهود أنهم يودون للأمة كل ضرر فقال سبحانه وتعالى عن هذا العدو: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}، بمعنى أنهم يرغبون في أن يلحقوا بهذه الأمة أبلغ الضرر وأشده، يقول الله عن عدائهم الشديد: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}، فهم يعيشون حالة من الشعور بالعداء نحو هذه الأمة، إلى درجة أن يعضوا على أناملهم تغيظاً عليهم، وحنقاً عليهم، فحالة المشاعر العدائية لدى اليهود هي ساخنة جدًّا، تتأجج في مشاعرهم حالة العداء، والكراهية، والبغضاء، ضد أمتنا الإسلامية.

يقول الله عنهم وهو يحكي عن عقيدة من عقائدهم الدينية: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}، عقيدة يستبيحوننا بها كأمةٍ مسلمة استباحةً شاملة، يستبيحون دماءنا، وقتلنا، يستبيحون الأموال، يستبيحون انتهاك الحرمات والأعراض، وهذه عقيدة عدائية خطيرة.

الأمة كل الأمة الموالية والمعادية تعرف أنَّ الكيان الصهيوني نشأ على أساس الاعتماد على الجرائم: جرائم القتل، والإبادة الجماعية، والوحشية، والكل يعرف سلوك اليهود الإجرامي، العدواني، الحاقد، الطغياني والذي قتل في كل المراحل الماضية مئات الآلاف من أبناء أمتنا الإسلامية، وبالذات من أبناء شعبنا الفلسطيني، وأنه شرَّد الملايين، واغتصب الأراضي، ولا يزال سلوكه الإجرامي على نحوٍ يومي بحق الشعب الفلسطيني، وتصاعد عدوانه الإجرامي في هذه المرحلة.

هناك في أوساط الأمة وإن رأى نفسه متخاذلًا، وإن رأى نفسه جامدًا ولكنه يستاء ويتألم إذا رأى العدو الإسرائيلي يرتكب الجرائم في حق أبناء أمته، ويفرح وينشرح صدره ويرتاح ويستبشر إذا المؤمنون نكلوا بالعدو الإسرائيلي.

ولكن هناك في أوساط الأمة فئة يفرحون عند سقوط شهداء، وعندما تتناثر أشلاء نساء وأطفال أبناء أمته يستبشر ويرتاح ويهلل ويكبر ويفرح ويبتهج وخاصة إذا سقط قادة عظماء على أيد العدو الصهيوني، يفرحون بكل سيئة يمكن أن تنال الأمة المجاهدة، أي شيء ينال هذه الأمة، أي سوء، أي شر، أي ضر، أي خطر، أي عناء، أي مصيبة تلحق بهذه الأمة العملية المجاهدة، ويستاءون ويتألمون ويعلوا أنينهم عندما يحقق رجال المقاومة في فلسطين ولبنان الإنجازات والإنتصارات، يستاءون من صمود غزة في مواجهة إسرائيل، قال الله حاكيًا عن هؤلاء المنافقين: {إِن تُصِبۡكَ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡۖ وَإِن تُصِبۡكَ مُصِيبَةٞ يَقُولُواْ قَدۡ أَخَذۡنَآ أَمۡرَنَا مِن قَبۡلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمۡ فَرِحُونَ}، يرتاحون عندما تُنكب الأمة، مرتاحين جدًا عندما يرتقي قادة المقاومة شهداء؛ فرحوا عندما سقط المجاهد الكبير إسماعيل هنية شهيدًا، وهللوا عندما سقط السيد حسن نصر الله شهيدًا، وكبروا عندما سقط المجاهد الكبير يحيى السنوار شهيدًا، وهكذا مع استشهاد المجاهدين يعلنوا بكل وقاحة فرحهم وسرورهم وابتهاجهم، يستَّاؤون من أي حسنة تحصل عليها الأمة المجاهدة، من أي نجاح في واقع المجاهدين، من أي خيرٍ يتحقق لهم، أي حسنة تسوؤهم، يستاؤون منها.

ترى وتسمع هؤلاء المنافقين في أوساط الأسر الحاكمة وفي الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة، وترى وتسمع هؤلاء المنافقين وللأسف حتى في الأوساط العلمائية والمثقفة، وفي أوساط الذي يدعون أنهم متدينون.

الحالة الطبيعية لهؤلاء المنافقين لو بقي فيهم مثقال ذرة من إنسانية أن ينظروا إلى غزة كيف العدو الإسرائيلي يلقي قنابله المدمرة والفتاكة على أبناء غزة، أفلا ينظرون إلى أولئك الأطفال والنساء والناس كيف تمزقت أجسادهم إلى أشلاء، وتفحَّمت جثامين أكثرهم، يكفي مشهد واحد مؤثر مما يحصل في غزة أن تجعل هذا المنافق إنسانًا سليمًا طبيعيًا عاديًا؛ ليتأثر بذلك المشهد، مشهد مأساوي، أولئك الأطفال الذين لا يزالون يعانون من الجراحة، ودماؤهم تنسكب، وأجسادهم تتلوى من الألم، وهم يصرخون من الأوجاع، مشهد مؤلم جدًّا، يكفي أن تبقى فيه بقايا من إنسانيته؛ ليتألم، وليدرك بشاعة ما يفعله اليهود الصهاينة بالفلسطينيين.

فمن لا يأسى ولا يبالي، ولا تتحرك فيه المشاعر الإنسانية أمام مجازر الصهاينة ولا يتفاعل فهو إنسان مات ضميره وتبلد إحساسه، ولم يعد إنسانًا طبيعيًا، فقد فقد فطرته السليمة، وفقد رجولته وإنسانيته.