سياسيون وصحفيون عرب.. شهادة السنوار ستصنعُ نهجاً جديداً وفاعلاً في خط المقاومة
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
22 أكتوبر 2024مـ 19 ربيع الثاني 1446هـ
تقرير || محمد ناصر حتروش
تفاعَلَ عددٌ من النشطاء السياسيين والكُتَّاب الصحفيين العرب، مع استشهاد القائد المغوار يَحيَى السنوار -رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، معتبرين استشهاده عاملًا معنويًّا في استمرار الصمود الأُسطوري لفصائل المقاومة التي تواجه بشراسة جنود العدوّ الصهيوني ملحقة بالعدوّ الصهيوني خسائرَ جسيمة في الأرواح والعتاد.
ورصدت صحيفةُ “المسيرة” بعضًا من ردود الفعل في صفوف النشطاء والصحفيين والأكاديميين العرب، والذين أكّـدوا أن اغتيال القادة لن يسهم في إضعاف المقاومة وإنما يزيدها اشتعالًا في المواجهة.
ويرى مهند مصطفى، رئيس قسم التاريخ في المعهد الأكاديمي العربي ببيت بيرل، أن “استشهاد القائد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حدث هام ونوعي بالنسبة للكيان الصهيوني؛ إذ إن الصهاينة يعتبرون القائد السنوار العقل المخطّط والمدبر لمعركة (طُـوفَان الأقصى)”، مؤكّـدًا في الوقت ذاته أن “خسارة الأُمَّــة للسنوار ستؤول بالعدوّ إلى ثأر قادم ويفتح حسابًا جديدًا لمعاقبة الصهاينة”.
ويوضح في حديث إعلامي له أن “هناك سخطًا صهيونيًّا تجاه القائد السنوار من قبل العديد من القيادات السياسية والأمنية التابعة للعدو الصهيوني، وعلى رأسهم رئيس حكومة العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي تم تحميله مسؤولية إطلاق سراح السنوار في عام 2011م، حَيثُ وقد ساهم السنوار منذ لحظة خروجه من السجن في بناء قوة المقاومة أمنيًّا واستخباريًّا ووجه ضربات موجعة كبدت العدوّ الصهيوني خسائر فادحة”.
ويقول مصطفى: “مسألة الثأر والانتقام من السنوار ليست مُجَـرّد تفاصيل هامشية قبل معانيها السياسية، بل تحمل دلالات سياسية عميقة؛ فقد سعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للانتقام من السنوار؛ نتيجة الخديعة الاستخباراتية الكبرى التي وقعت بها المخابرات الإسرائيلية والتي مهّدت وسهلت تنفيذ عملية (طُـوفَان الأقصى)”، مُشيرًا إلى الدور البطولي للشهيد السنوار الذي اخترق تحصينات العدوّ العسكرية على الحدود في السابع من أُكتوبر الماضي، وقاد حركة حماس في غزة في مواجهة استمرت حتى الآن عامًا كاملًا دون أن يتمكّن جيش العدوّ الصهيوني من القضاء عليها؛ مما جعل هذه الحرب الأطول في تاريخ الكيان، في حين تؤكّـد تقارير صهيونية أن (طُـوفَان الأقصى) كبّدت العدوّ الصهيوني أكبر خسائر في تاريخه، وهو الأمر الذي يكشف الأوجاع الكبيرة التي ألحقها الشهيد السنوار بهذا الكيان الإجرامي.
شهادة السنوار مصداقية الكفاح:
بدوره يقول الكاتب والباحث الفلسطيني محسن محمد صالح: “يبدو أن الصهاينة لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا حركة التاريخ، ولا يستوعبون سنن الله في الكون والأمم والجماعات”.
ويضيف في مقال صحفي له: “أَنْ تقتل قائدًا أَو رمزًا لحركة عقائدية متجذرة وسط شعبها وأمتها، وفي بيئتها الاستراتيجية، وهو مقبلٌ غير مدبر، مقاتلٌ في الميدان وفي الصف الأول، باذلاً روحه ودمه حتى آخر قطرة، فَــإنَّك أحببت أم كرهت، شئت أم أبيت، ستضعُ مسماراً في نعشك”.
ويؤكّـد صالح أن استشهادَ القائد يحيى السنوار دليل عملي على المصداقية والثقة بفكرته وحركته ومنهجه وسط شعبه وأمته، ومصدر الاحترام والتقدير والإلهام لأحرار العالم.
ويبيّن أن “نجاح العدوّ الصهيوني في استمالة الأنظمة العربية والإسلامية وجعلها خاضعة وخانعة أمام مشروع الصهيونية الاستعماري غير مؤشر على نجاح الاحتلال الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية؛ إذ إن عوامل الصمود والكفاح والثبات ما زالت جلية وواضحة لدى كافة المقاومة الفلسطينية وحلفائها من محور المقاومة”، مؤكّـدًا أن “فصائل المقاومة الفلسطينية ستظل صامدة منتصرة على عدوها الصهيوني لا يضرها تواطؤ المتخاذلين”.
ويشير إلى أن “العدوّ الصهيوني لم يفهم أنه وقع في بيئة حضارية عريقة حَيَّة تملك مقومات الصمود والنهوض، بل وريادة الإنسانية من جديد؛ وأن المذابح والمجازر الوحشية وقوافل الشهداء ليست عوامل تطويع وتركيع لأبناء فلسطين والأمة، وإنما هي عناصر إلهام وتحفيز للمواجهة، ولتوسيع دائرة المقاومة، وتعزيز دوافع التثوير والتغيير والنهضة في البيئات العربية والإسلامية”.
ويلفت صالح إلى أن “فلسطين وبلاد الشام أرض تكفل الله لرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- بها وبأهلها”، مؤكّـدًا أن “عقيدة أبناء الشام تستعصي على الاستئصال والذوبان”.
ويشدّد على أن “إجرام الصهاينة ومخطّطاتهم القذرة لن تنجح في تزوير الهُــوِيَّة الفلسطينية وتشويهها وطمسها، مردفاً بالقول: “هنا وعد الله، فليوفر الصهاينة جهودهم وأموالهم وأسلحتهم ومكرهم ونفوذهم “وخيلهم ورجلهم”؛ لأَنَّها ستكون “عليهم حسرة ثم يغلبون”؛ ومهما كانت موجة عُلُوِّهم فَــإنَّ مصيرها “التتبير”.
استشهاد القائد السنوار محطة رافعة للمقاومة:
بدوه يقول الباحث الفلسطيني المتخصص في شؤون الصراع العربي الصهيوني الدكتور عليان عليان: “في المواجهة المحتدمة بين المقاومة والعدوّ الصهيوني، يتقدم القادة الصفوف للقتال في المتراس الأمامي للدفاع عن الوطن والشعب، مقدمين أرواحهم فداء للقضية ولاستراتيجية التحرير التي بايعهم الشعب على الالتزام بها، وفق عقد كفاحي عنوانُه خذوا منا ما شئتم من الدماء والصمود والتضحيات مقابل استمرار الكفاح على طريق تحرير الوطن من براثن أبشع استعمار كولونيالي استيطاني إحلالي عرفه التاريخ”.
ويضيف في مقال صحفي له “هكذا كان حال القائد الأيقونة يَحيَى السنوار الذي خاض القتال الملحمي ضد العدوّ حتى الرمق الأخير وارتقى مقبلًا غير مدبر في أشرف المعارك وأنبلها، ليلتحقَ بقافلة شهداء الوطن الكبار؛ مِن أجلِ قضية وطنه وشعبه، ومن أجل كرامة الأُمَّــة العربية من المحيط إلى الخليج”.
ويؤكّـد عليان أن الشهيد القائد يَحيَى السنوار صنع نموذجاً راقيًا في القيادة لأبناء أمتنا في أطول معركة خاضها الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.
ويبيّن أن “معركة (طُـوفَان الأقصى) التي دشّـنها القائد التاريخي السنوار في السابع من أُكتوبر 2023 وحطّم بها معادلة الردع الصهيونية، وأذل فيها جنود الصهاينة وطرح سؤال الوجود للكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية ملقيًا بالسردية الصهيونية وفزاعة اللاسامية في مزبلة التاريخ، التي باتت موضع تكذيب وازدراء أوساط عديدة في الرأي العام العالمي”.
ويشير إلى أن “القائد السنوار لم يكتفِ بما حقّقه من نصر تاريخي، بل قاد معركة الدفاع عن قطاع غزة في إطار وحدة كتائب المقاومة التي عمل على ترسيخها على أرض المعركة وفي إطار التفاف الحاضنة الشعبيّة حولها على مدى أكثر من عام، في مواجهة قوات الاحتلال التي أمدَّتها الولايات المتحدة وحلف الأطلسي بآلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر التي ألقيت على قطاع غزة لتحصد أرواح ما يزيد عن 42 ألف فلسطيني وتصيب ما يزيد عن 98 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال”.
ويلفت إلى أن “العدوّ الصهيوني لجأ إلى أُسلُـوب الاغتيالات مجدّدًا ليفت في عضد المقاومة، لكنه فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق أهدافه من الاغتيالات وكشف عن غباء تاريخي بشأن عدم استفادته من تجارب هذا النهج البائس”.
ويختتم عليان حديثه بالقول: “العدوّ الصهيوني سبق أن اغتال القادة غسان كنفاني وأبو جهاد (خليل الوزير) وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والشيخ صالح العاروري، وإسماعيل هنية، وعماد مغنية وسيد المقاومة حسن نصر الله والقائمة تطول وتطول، لكن هذه الاغتيالات لم تفت في عضد المقاومة، بل زادتها اشتعالًا”.
ويضيف “مثل هذا النهج -وفق منظومة قيمنا الوطنية والقومية- يمنح الشعب والمقاومة قوة الحافز لمواصلة النضال والإصرار، على تحقيق الأهداف الوطنية والقومية في كنس الاحتلال وإزالة هذه الغدة السرطانية من قلب الوطن العربي”.
السنوار قائد استثنائي:
من جهته يصف عضو المكتب التنفيذي للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، الدكتور فؤاد هراجة، الشهيد يحيى السنوار بالقائد الاستثنائي في تاريخ الحركات التحرّرية.
ويؤكّـد في مقال صحفي له أن “القائد السنوار، كَسَّرَ كُـلّ البروتوكولات التي ورثها القادة السياسيون وقادة الحركات التحرّرية تاريخيًّا”، مؤكّـدًا أن الشهيد السنوار كان ترجمة عملية لقوله تعالى: “أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”، ويتجلى هذا الأمر حين أبدى كامل الاستعداد لتقديم تنازلات سياسية مقابل تحقيق وحدة وطنية مع حركة فتح، في المقابل كان الرجل صارماً في تعامله مع الكيان الصهيوني، وكان يؤمن جازماً بأن “ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترَدّ إلا بالقوة”.
ويلفت هراجة إلى أن “معركة (طُـوفَان الأقصى) ستبقى المختبر الحقيقي الذي كشف لنا تفاصيل هذه الشخصية القيادية، شخصية نجحت في إقناع قادة الحركة بضرورة الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم والاقتحام، أَو بكلام آخر، الانتقال من مرحلة الانفعال إلى مرحلة الفعل”.