الخبر وما وراء الخبر

حقيقة الاغتيالات وحكمة المتغيرات

5

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
21 أكتوبر 2024مـ – 18 ربيع الثاني 1446هـ

بقلم// أمة الملك قوارة

القتل الخيار الأخير إشباعا لرغبة الحقد والكره وحب الاستحواذ ، ويحدث القتل عندما تغيب الخيارات وتنضب الأساليب وتموت الرغبة في محاولة إيجاد حلول بديلة ، وعند القتل يجازف القاتل بحياته رغبة في الانتقام ، ولن يقبل على الخيار إلا ولديه القناعة الكبيرة بأن بقائه لن يدوم وبقاء الآخر يجب أن ينتهي ! فالبعض يظن أنه إن لم يقتل فسيُقتل ، والبعض يعتقد أن الحياة غير جدير بها الآخرين لاي سبب  وعل هذه الأسباب هي نبذة بسيطة لسبب القتل لدى المجرمين و أبرز مثال حاضر في عصرنا هي الحركة الصهيونية  ومؤسسوها التي اجتمعت فيهم كل أسباب ودوافع الجريمة فهي بثقلها اتجهت نحو أسلوب القتل  لبني البشر ابتداءاً من الأنبياء وأنتهاء بالعامة وليس  الفلسطينين أو العرب بل عامة الناس على مستوى العالم  على اختلاف انتمائهم وفي التاريخ الدلائل المشهودة!  فأي شخص وأي كان  انتمائه وعرقه وجنسيته سيقف أمام هذه الحركة فعقابه هو القتل ، إنها عقيدة الصهاينة في العيش وفي تملك الحياة والأرض دون سواهم لذا نرى الرغبة القصوى في استحلال الدماء  وقوة البطش وعظمة الخبث في التعامل مع من لا يقدرون عليه ، وما لا يدركه البعض أنه لو تمكنت الصهيونية من رقاب أعدائها لنتقلت إلى رقاب حلفائها  وهي الحقيقية الغائبة عن الأنظمة الداعمة لها فلا نقاط ولا حدود ولاخطوط لديها عربياً ولا غربيا وإنما هي المصلحة التي تربطها مع الغرب في العون على العرب .

إن الصهيونية تعلم أن  قاداتنا لم يفتحوا دفاتر القضية ليموتوا ! ولم تحيا الشعوب ولم تنتصر القضايا ولم تتكسر القيود ولم تبزغ الحريات إلا على يدهم ، فهل أُغتيلوا؟ : نعم ، قُتلوا ، نعم . لكنهم لم يخلقوا  ليوأبدوا ، ولم يفتحو دفاتر القضايا ليموتوا !  فما الشهاد على ذلك ؟! لنتساءل لماذا  المسيرة القرآنية باقية وقد قتل مؤسسها؟!  لأنه غمرها بفيض دمه وما كانت لتنمو جذورها وتتعدد فروعها ويعظم ظلها ويقوى تأثيرها دون تلك الدماء التي أشعلت وما خمدت قط ، ثم  إن أنصار ذلك الشهيد يسمعون توجيهاته ويعيشون حركته ويستنشقون علمه هو حيا فيهم ومعهم وبينهم وفي مسيرته بين خصيلات أورقتها ووغزارة فروعها ولذة ثمارها ، إذن لم يفقدوه فهل قتلتموه ؟ وذاك هو نصر الله وهنية  ويحي السنوار وما قبلهم وما يليهم ، لم يجلسوا على الكراسي ليتنفسوا عبير المناصب ولم يخيل لهم يوما أنهم لن  يستشهدوا ولم يتوانوا لحظة عن بناء قادة يخلفونهم وعن بناء أمة متجذرة فيها القضية ؟ ولم تغيب عن ذاكرتهم حتمية النصر  أو الشهادة وغالباً ما كانوا يرسون أهمية الشهادة بحديثهم  ويتوقون إليها وهي دروس كانوا يثبتونها في هوية واعتقاد الأمة ومن يتبعهم ويقتد بهم .

لينسى الأعداء فكرة أن الاغتيالات نصر بل  هي  بمثابة صب الزيت على النار، ولا مفر من الحقيقة _ وهو أنك أن تغتال قائد فأنت بذلك فتحت على نفسك باب لعنته_ التي تجلت بأحداث مسبقة أهلت لإحداث نعيشها اليوم وما كنا لنتخيل أن طوفان الأقصى سيحدث بعد صفقة القرن فمنهم أولئك القادة الذين فتحوا عليكم نار جهنم هل الذين صفيتموهم أو الذين قتلتموهم؟ استشهد المؤسسون وبقيت أساساتهم وجذوتها وحرارتها وبقيت وتطورت وانتصرت حركاتهم وأهدافهم، نعم استشهدوا ؛ لكن مع كل يوم أهدافهم تتحقق وهذا هو النصر بحد ذاته، وسيستشهد قائد ويأتي قائد آخر والأمة ليست عاجرة على أن تلد القادة والرجال .

“أن من أعظم نكبات الأمة أن تفقد الأمة عظمائها” وقد تتالت وتعددت نكباتنا ؛ وكبر معها حتمية انتصارنا لأن الثمن يُدفع مع كل نكبة  وقد دفعه شهدائنا وفي مقدمتهم قاداتنا، لكننا نحن المراقبون للأحدث والمدركون لطبيعتها والمنطلقون من قاعدة عين على الأحداث وعين على القرآن ، ندرك الحكمة مما يحدث: إنها متغيرات إلهية تفرض على الأمة أن تكون تحت قيادة واحدة تدير المعركة على اتساعها وحجمها وخطورتها وهذا الذي يجب أن نعيه نحن جميعاً في محور المقاومة ، ونتجه نحو مزيدا من التراص والاصتفاف في هذه المعركه كما الصلاة لها إماما واحدا يتبعه مئات المؤمنين المتقين ، وأن نكن ضمن منطقة جغرافية متسعة ومترامية لا يعني أن هناك قائد يحدد بعده أو قربه الإطار الجغرافي فهناك قادة لا الأمكنة ولا الأزمنة ولا الجغرافيا تحدد موقعهم من القضية ومستوى ذوبانهم فيها ومستوى نظرتهم الثاقبة والمُقيمة للعدو في كل مراحله ومستوياته ، نأمل أن يكون القادم محور مترامي الأطراف تحت قيادة واحدة ومنهجية واحدة خالصة، فالمرحلة تتطلب المزيد من صفاء الأهداف ونقاء الغايات وعظمة مبدأ الأمة في اتحادها وتوحدها.