الخبر وما وراء الخبر

الاستهداف الإسرائيلي “لليونيفيل” جنوب لبنان.. مخطط لتغيير قواعد الاشتباك

2

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
12 أكتوبر 2024مـ – 9 ربيع الثاني 1446هـ

الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع “اليونيفيل” في لبنان والتابعة للأمم المتحدة ليست الأولى، فقد سبق للاحتلال الإسرائيلي أن استهدف عدداً من المنظمات الأممية خلال عدوانه الأخير على غزة ولبنان منها “الأونروا” والصليب الأحمر.

وعلى الرغم من ردود الفعل الدولية، من خلال إدانة واستنكار المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، لهذه الهجمات والمطالبة بضمان سلامة قوات “اليونيفيل”، إلا أن الكيان الإسرائيلي يطالب بإعادة تقييم مهام هذه القوات، وهو الأمر الذي جعل من بعض الدول المشاركة في هذه القوات إلى زيادة دعمها لـ”اليونيفيل” لضمان استمرار مهمتها في حفظ السلام، وهذا يعكس التزامًا دوليًا بمواجهة التصعيد.

في السياق، أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”، عزمها البقاء في مواقعها بجنوب لبنان رغم الهجمات الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية، والأوامر التي يوجهها جيش الاحتلال بالمغادرة.

وقال المتحدث باسم القوة الأممية: “أندريا تينينتي”: إن “الهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام، خلال اليومين الماضيين، أدت إلى إصابة اثنين من أفرادها وتعطل بعض قدراتها على المراقبة”.

وذكر في مقابلةٍ له مع “رويترز”: قطعاً أنه ربما يكون هذا من أخطر الأحداث أو الوقائع التي شهدناها على مدار الـ12 شهراً الماضية”، في إشارة إلى المعارك الدائرة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال :”نحن هناك لأن مجلس الأمن الدولي طلب منا أن نكون هناك، لذلك سنبقى حتى يصبح الوضع مستحيلاً”.

من جهته، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام “جان بيير لاكروا”، الخميس، لمجلس الأمن الدولي: إن “سلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان في خطرٍ متزايد”.

وأضاف أن الأنشطة العملياتية لقوات حفظ السلام في لبنان توقفت فعلياً منذ 23 سبتمبر، مشيراً إلى أن “قوات حفظ السلام قابعة في قواعدها مع فترات زمنية طويلة قضتها في الملاجئ”.

وشدد في كلمة أمام مجلس الأمن على أن البعثة مستعدة لدعم كل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل دبلوماسي، لافتاً إلى أن “قوات اليونيفيل مكلفة بدعم تنفيذ القرار 1701، لكن يتعين علينا أن نصر على أن تنفيذ بنود هذا القرار يقع على عاتق الطرفين نفسيهما”.

ويرى خبراء عسكريون، أن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لقوات “اليونيفيل” في لبنان يعكس تصعيدًا خطيرًا في التوترات الإقليمية، وله عدة أبعاد وتداعيات، منها أن كيان الاحتلال يسعى إلى تقليص نفوذ حزب الله في جنوب لبنان، واستهداف “اليونيفيل” قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لإضعاف الدعم اللوجستي والعسكري للمقاومة من جهة، ومن جهةٍ أخرى محاولة الزج بالجيش اللبناني إلى المنطقة الجنوبية وإيجاد صراع بيني مع المقاومة.

وتشير تقارير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تغيير دور “اليونيفيل” لتشمل مراقبة أكثر صرامة على الحدود اللبنانية-الفلسطينية المحتلة، وحتى الحدود السورية، وهذه التداعيات قد تزيد من تعقيد مهام حفظ السلام، كما أن الهجمات المتكررة على “اليونيفيل” تعرقل جهودها في حفظ السلام وتقديم المساعدات الإنسانية، ما يزيد من صعوبة تنفيذ مهامها الأساسية.

وكانت قوات اليونيفيل اتهمت، الخميس، جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار “بشكل متكرر” على مواقع لها في جنوب لبنان، ما أسفر عن إصابة اثنين من القبعات الزرقاء بجروحٍ ما أثار تنديدات دولية.

وتشير تقارير ميدانية إلى أن التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى إخلاء قوات “اليونيفيل” من مواقعها، استناداً إلى عدة عوامل وتحليلات، أهمها الضغط على “اليونيفيل” من خلال تزايد المخاطر التي تواجهها، ما يدفع بعض الدول المشاركة فيها إلى إعادة النظر في مشاركتها أو تقليص عدد قواتها، كما يجعل من الصعب عليها تنفيذ مهامها بفعالية، وبالتالي تنسحب أو تعيد تموضعها في مناطق أكثر أماناً.

ويرى مراقبون أن كيان الاحتلال يسعى إلى تقليص النفوذ الدولي في جنوب لبنان، ما يتيح لها حرية أكبر في التعامل مع المعركة دون تدخل دولي، وهذا يعني أن الضغط على “اليونيفيل” قد يكون جزءاً من استراتيجية لتغيير قواعد الاشتباك على الحدود، مما يسمح للعدو الإسرائيلي باتخاذ إجراءات أكثر دموية ووحشية ضد السكان والأعيان المدنية والبنى التحتية في الجنوب اللبناني.

ويأتي ذلك في وقتٍ شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي، مساء الخميس، دعوات لاحترام القرار 1701، وتنديداً باستهداف “إسرائيل” لقوات اليونيفيل في لبنان، ودعوات للسماح لها بالقيام بمهامها وفق التفويض الممنوح لها.

وقالت اليونيفيل في بيان: “أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي النار اليوم باتجاه برج مراقبة في مقرّ اليونيفيل في الناقورة، فأصابته بشكل مباشر وتسبّبت في جرح الجنديين”، وأوضحت أنّ “الإصابات ليست خطيرة، لكنهما لا يزالان في المستشفى”.

بدوره، أكد جيش الاحتلال، ليل الخميس، أن قواته أطلقت النار في منطقة مقر قوات يونيفيل في جنوب لبنان، زاعما أن عناصر من حزب الله تواجدوا في المكان.

عموماً؛ غياب “اليونيفيل” قد يزيد من معاناة المدنيين هناك، حيث تلعب هذه القوات دورًا مهمًا في تقديم المساعدات الإنسانية وضمان الاستقرار للمدنيين، وعدم اضطرارهم للنزوح، لكن مع النوايا الإسرائيلية للضغط على “اليونيفيل” لإخلاء مواقعها، فإن هذا السيناريو يعتمد على عدة عوامل معقدة وردود فعل دولية متعددة، ستكشفها الأيام القليلة القادمة.