الخبر وما وراء الخبر

بين المحايد، والمرتزق.

86

بقلم / ضرار الطيب


بعيداً عن التعثر الذي تمر به المفاوضات، وعدم جدية النظام السعودي في التعامل مع هذا الأمر ، وبعيداً عن كل التحليلات السياسية التي تتحدث عن ذلك .. بعيداً عن كل شيء يمكن فهمه في هذه الحرب، نحن مدعوون جميعاً إلى وقفة انبهار واندهاش وتبلد أمام موقف  أغلب من يسمون أنفسهم مثقفين .. محايدين .. متحررين.
كنا نرى هؤلاء القوم منذ بداية الحرب ، يظهرون في قنوات التلفاز أحياناً بربطات عنق  وأحياناً بشعر غير مرتب ( كدليل على شدة الإهتمام بقضية الوطن)، وكان هؤلاء دائماً يشابكون أصابعهم وهم يتساءلون بكل نزق : لماذا لا يتم اللجوء إلى الحوار بدل الحرب؟ لماذا لا تحل طاولة المفاوضات محل المدرعات؟ لماذا لا نقدم التنازلات بدل تقديم التضحيات؟ لماذا .. ولماذا؟
الآن وياسبحان الله- بعد عام كامل من المقابلات التلفزيونية والمنشورات والكتابات الطنانة في محاولة إثبات الحياد الإنساني ، يأتي هؤلاء أنفسهم  بكل ما يستطيعون من النظريات والفلسفة لإثبات عدم جدوى أي حوار، بل ويذهبون لأبعد من ذلك ويحاولون تفسير المفاوضات على أنها صفقة بيع لا أقل ولا أكثر، ثم تجدهم يظهرون في مظهر المتأسف على الجماهير التي ستخدعها قياداتها في هذه المفاوضات .
والآن يأتي دورنا لنتساءل ولا داعي لمشابكة الأصابع : لقد كان الحوار السياسي هو القرآن الذي يرفعه هؤلاء المتفلسفون على الرماح منذ أول الحرب، فما الذي يجعلهم ينقلبون هذا الانقلاب على أنفسهم هكذا؟ ثم أين انتهى مصير الحياد الإنساني  ليتحولوا فجأة هكذا إلى دعاة حسم عسكري ؟ وأخيراً وهو الأهم : ماهي مصلحة هؤلاء من فضح أنفسهم في هذا الوقت ، أو بعبارة  أخرى : ما الذي سيخسرونه إذا كان هناك حوار جاد ؟!
على أية حال ، كانت إجابات تساؤلاتهم منذ بداية الحرب متوفرة لدى النظام السعودي ، وإجابات تساؤلاتنا هناك أيضاً .. وكل ما يمكننا قوله الآن لهؤلاء المراوغين هو : اطمئنوا،  لأن السعودية ليست جادة للدخول في مفاوضات بعد،وربما تستمر الحرب أكثر من عام آخر، ولكن من هنا إلى أن تنتهي هذه الحرب، لم يعد من حقكم أن تتظاهروا بالإنسانية والحياد والثقافة ، لأنكم مجرد منافقين.. ثم عندما تنتهي هذه الحرب ،ستكونون أكثر من يخسر، ونعدكم أن الجميع سيحتفظون لكم بسمعة أسوأ من سمعة المرتزقة .

نقلا عن صحيفة الثورة.