الخبر وما وراء الخبر

ماذا حققت ثورة 21 سبتمبر في القطاع الزراعي؟

7

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
22 سبتمبر 2024مـ – 19 ربيع الاول 1446هـ

تعتبر ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المنقذ الوحيد للشعب اليمني التي حررته من قيود الوصاية الخارجية، وأنقذته من حالة الانهيار في مختلف الجوانب وعلى كافة الأصعدة.

في القطاع الزراعي الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني، فقد أعادت الثورة لهذا القطاع اعتباره ومكانته وأهميته بالتوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي؛ ليكون رافداً اقتصادياً كبيراً بشكل تطلبه المرحلة.

وبالعودة قليلاً إلى ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر؛ سيجد المتأمل كافة أشكال الاستهداف الذي تعرض له القطاع الزراعي من مؤامرات ومخططات خبيثة من شأنها القضاء على كافة مقومات الحياة.

وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها الثورة في بداية المرحلة، فقد تمكنت -بفضل الله- من التغلب على كافة الاشكاليات والصعاب والمعوقات، وذلك بتعاون كافة الجهات ذات العلاقة وتضافر الجهود التي أساسها موجهات القيادة الثورية والسياسية بصورة متواصلة.

التعليم الزراعي والبحوث

لقد حققت ثورة الحادي والعشرين جمة من الإنجازات في جانب القطاع الزراعي، وركزت على التعليم الزراعي بشكل أساسي باعتباره اللبنة الأولى لتحقيق النهضة الزراعية.

وفي هذا السياق يقول أستاذ مشارك بكلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة صنعاء الدكتور علي المساوى إن القيادة الثورية والسياسية ممثلة بوزارة الزراعة واللجنة الزراعية والسمكية العليا وهيئة البحوث الزراعية، وكذا مؤسسة بنيان قد شجعت الطلاب الخريجين من الثانوية على الإقبال على كلية الزراعة، مبيناً بأن عدد المتقدمين للدراسة في الكلية كان في السابق لا يتعدى 120 إلى 150 طالباً وطالبة، في حين ارتفع هذا العدد بعد ثورة 21 سبتمبر (ما بين 600 إلى 800 طالب وطالبة) بسبب الدعم المالي للطلاب المتقدمين، وضمان توظيفهم بعد التخرج في زراعة محاصيل الحبوب والبقوليات في قيعان اليمن المنتشرة في إب وذمار والجوف وغيرها.

ويشير المساوى في تصريح خاص “لليمن الزراعية” إلى أن كلية الزراعة كانت تتضمن ثمانية أقسام فقط، فيما بعد ثورة 21 سبتمبر تم اعتماد 14 برنامجاً دراسياً، لافتاً إلى أنه تم افتتاح كليات زراعية جديدة في كل من محافظات الحديدة وصعدة وعبس والبيضاء إلى جانب الكليات السابقة في صنعاء وذمار و إب، كما تم افتتاح كلية الطب البيطري في جامعة صنعاء، بالإضافة إلى معاهد التعليم الفني والتقني الزراعية المنتشرة في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.

وبخصوص الأهمية التي تكمنها البحوث العلمية في جميع دول العالم يقول الدكتور المساوى إنها تركــــز على المشاكل التي يعاني منها البلد، وتقديم الحلول الناجحة لكل مشكلة، لافتاً إلى أن الأبحاث في كلية الزراعة التي يقوم بها الدكاترة قد كانت تهدف للحصول على الترقية الأكاديمية، ولا توجد شبكة معلوماتية بين الباحثين في مختلف المحافظات وبعدها توضع على الرفوف ولا يستفاد منها.

ويتابع القول بأنه بعد الثورة قامت اللجنة الزراعية والسمكية العليا بالتعاون مع كلية الزراعة، وهيئة البحوث الزراعية بوضع إستراتيجية بحثية لمشاكل مختلف الأقاليم اليمنية، بحيث لا يمكن لأي باحث سواءً الأكاديميين أو طلاب مشاريع التخرج في البكالوريوس، أو رسائل الماجستير والدكتوراه القيام بعمل أي بحث خارج عن هذه الإستراتيجية البحثية في المجالات الزراعية المختلفة، كما توجد مشاريع مستقبلية للدعم المادي للباحثين والطلاب والأكاديميين.

ويواصل: “لقد ارتكز اهتمام رئاسة جامعة صنعاء وعمادة الكلية بأن يكون النهوض بالتعليم الزراعي ليس من حيث الكم فقط، بل ومن حيث النوعية وأن يكون مرتبطاً بواقع سوق العمل وبما يخدم المجتمع اليمني؛ لذلك قامت رئاسة الجامعة بتغيير مسمى الكلية من كلية الزراعة إلى كلية الزراعة والأغذية والبيئة، كما قامت بتوصيف المقررات الدراسية التي تدرس في 14 برنامجاً دراسياً بما يتوافق والواقع اليمني واحتياجات سوق العمل، وأيضاً حسب المواصفات المعمول بها في مختلف الجامعات العالمية”، مواصلاً :” ليس هذا فحسب بل وأدراجت برامج دراسية جديدة لها علاقة بتغذية الإنسان وغذائه و أيضاً البيئة والتنمية المستدامة (الذي يركز على دراسة نواحي البيئة الزراعية اليمنية المتعددة وطرق الحفاظ على الموارد الزراعية الأرضية من ماء ونبات وتربة من التدهور والأسمدة والسموم والمبيدات )”.

وكذلك العمل على تطوير المعامل والمختبرات وتزويدها بالأجهزة الحديثة التي تستخدم في تحليل التربة والنبات والمياه والأسمدة والمخصبات الزراعية والمبيدات والصناعات الغذائية.

ويرى أنه من المهم ذكر دور القيادة الثورية في توسع الاهتمام بالقطاع الزراعي خلال عمر الثورة الذي تمثل بإنشاء مؤسسة الحبوب والاهتمام بزراعة القمح في القيعان الزراعية في محافظات الجوف وذمار و إب، وتشجيع المبادرات المجتمعية في مجال بناء الحواجز المائية بمختلف أنواعها، وكذا تشجيع المزارعين على استبدال زراعة القات بالمحاصيل الزراعية المفيدة وتقديم شتلات زراعية للمزارعين للعديد من المحاصيل مثل محصول البن كمحصول نقدي اشتهرت به اليمن عبر العصور، وتقديم منظومات ري بالتقطير مجاناً للمزارعين، ويضاف إلى ذلك إلغاء الجمارك على أجهزة الطاقة الشمسية البديلة بهدف تخفيض قيمتها وجعلها في متناول المزارع اليمني، وغيرها من الإجراءات التي ترمي إلى تشجيع القطاع الزراعي.

ويختتم قائلاً :” تتجلى أهمية القطاع الزراعي في بلدنا كون العالم يمر منذ ثمانينات القرن الماضي بثلاث ثورات تمثل أهم مجالات التطور والرقي؛ أولاً الثورة الصناعية والتكنولوجية ونحن في اليمن غير قادرين على تبوؤا مكانة في هذا المجال، وثانياً الثورة المعلوماتية والبرمجيات ونحن في اليمن غير قادرين أيضاً على مجارات العالم في هذا المجال، وأخيراً الثورة الزراعية، وهذا هو المجال الوحيد المتاح لنا أن نجاري فيه العالم؛ لأن جميع عوامل ومقومات النهوض بهذا المجال متوفرة بشكل يبشر بالخير الكثير، فالأرض المعطاء موجودة والأيادي العاملة متوفرة وتبحث عمن يشغلها، والسوق يحتاج للكثير من المنتجات الزراعية بدلاً عن الاستيراد من الخارج بالعملات الصعبة”.

تنمية وإنتاج الحبوب والبقوليات

وتعد المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب ثمرة من ثمار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر والتي تم إنشاؤها في العام 2016م؛ وذلك لتنمية وإنتاج الحبوب والبقوليات لتعزيز جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.

ويوضح القائم بأعمال المدير التنفيذي للمؤسسة المهندس صلاح المشرقي بأن المؤسسة استطاعت تحقيق العديد من الإنجازات وتقوم بالعديد من الجهود التي أدت إلى توفير البذور لمحاصيل الحبوب والبقوليات وبدرجة أساسية من القمح، مؤكداً امتلاك حوالي 30 ألف طن من بذور القمح، وهي كمية ممتازة جداً مقارنة بما كانت عليه السنوات السابقة.

ويقول المشرقي في تصريح خاص لصحيفة “اليمن الزراعية” بأن المؤسسة تعمل على قدم وساق على مدار الساعة وفي ثلاث ورديات لتجهيز هذه البذور لتوفير متطلبات المزارعين في الجوف بدرجة أساسية، مشيراً إلى السعي لشراء بذور القمح، والفاصوليا للمرتفعات الوسطى والشمالية، بعد زراعة العديد من الأراضي الزراعية في محافظة إب وذمار وصنعاء وعمران، وذلك بهدف توفير بذور القمح التي تناسب وتلائم البيئات في هذه المحافظات.

أما محصول الذرة الشامية فيقول المشرقي بأنها من المحاصيل الأساسية التي تسعى المؤسسة إلى توفير بذور محصول الذرة الشامية، وسيكون لدينا في الأيام المقبلة نحو حوالي 3 آلاف كيس من بذور الذرة الشامية لمواجهة طلبات المزارعين، منوهاً بأنهم يقومون بالشراء من المزارعين سواءً القمح أو الذرة الشامية بأسعار ممتازة، بحيث تشجع المزارعين على الاستمرار والتوسع في الزراعة.

وفيما يتعلق بمحصول الفاصوليا، يؤكد أن لديهم قاعدة لتوفير بذور الفاصوليا حيث استطعنا توفير نحو ألف كيس، وتم زراعة العديد من الأراضي لهذا المحصول سواءً في محافظة إب أو ذمار وعمران، وذلك عبر المؤسسة وعبر اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ونحن بطور حصاد هذه البذور، متبعاً بأنهم وبتوجيهات من القيادة الثورية والسياسية قد ساهموا في توفير الذرة الرفيعة والدخن والسمسم للمزارعين في تهامة.

ويتابع: “استطاعت المؤسسة توفير حوالي 1500 كيس من هذه البذور وتوزيعها عبر الجمعيات التعاونية الزراعية في محافظة الحديدة، وأن المؤسسة ساهمت في زراعة حوالي 4 آلاف هكتار في هذا الموسم مع سقوط الأمطار”، مشيراً إلى قيامهم وبالتعاون مع مكتب الزراعة والري بمحافظة الجوف بزراعة الصحراء في كل من مديرية الحزم ومديرية الخلق ومديرية المتون، مؤكداً بأن المؤسسة تهدف بأن يشعر المزارع أن الدولة واقفة بجانبه في كل طلباته واحتياجاته.

ويرى أن المؤسسة تسعى إلى تفعيل تصنيع الآليات الزراعية، لافتاً إلى أنهم صنعوا في العام الماضي 12 حصادة بالمواصفات التركية وأفضل منها، وفق جوانب علمية منظمة، والتي بدورها تنتج حوالي 40 كيساً في الساعة الواحدة، مبيناً بأنه وبعد أيام سيتم إطلاق الدفعة الجديدة من الحصادات، وسط تأكيد على الاستمرار في ذلك وبدعم من اللجنة الزراعية العليا ومن وزارة الزراعة والري والموارد.

مجال التسويق

أما في مجال تسويق الحبوب، يقول القائم بأعمال المدير التنفيذي لمؤسسة الحبوب بأنهم على تنسيق مستمر مع وزارة الاقتصاد والاستثمار، وذلك لتوجيه التجار المستوردين للقمح والذرة الشامية لشراء منتجات المؤسسة التي تقوم بشرائها من المزارعين، وأنهم مستمرون في التنسيق مع وزارة الاقتصاد والاستثمار، مؤكداً السعي إلى كيفية الرفع من الإنتاج المحلي، بما يؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستيراد وفق مراحل.

وبخصوص الخطط المستقبلية للمؤسسة يقول المهندس المشرقي أنه ومع بداية العام 2023م قمنا بإعداد رؤية وطنية لتنمية محاصيل الحبوب والبقوليات، وهو برنامج يحتوي على خمسة مشاريع تبدأ من العام 2023م وتنتهي في العام 2032م بهدف توضيح الرؤية لمتطلبات رفع تنمية محاصيل الحبوب والبقوليات، وصولاً للاكتفاء الذاتي.

ويوضح بأن هذه الرؤية ستؤدي إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي بالنسبة لمحصول القمح بنسبة 33.3٪ في العام 2032م، وبالنسبة للذرة الشامية سيكون نسبة الاكتفاء الذاتي نحو 67.6٪، فيما بالنسبة للفاصوليا سيكون نسبة الاكتفاء الذاتي نحو 120٪ وذلك في حال تم تطبيق هذه الرؤية.

كما يضيف بأن هناك العديد من البرامج القادمة منها زراعة 60 ألف كيس من بذور القمح في محافظة الجوف بالتنسيق والتعاون مع مكتب الزراعة بالجوف وإشراف وزارة الزراعة، مشيراً إلى قيامهم بالعديد من الإجراءات خلال الموسم والتي منها تنفيذ جوانب إرشادية ومدارس حقلية وعملية إشراف ومتابعة الإكثار البذور، منوهاً بوجود مستثمرين جدد لهذا العام، وأنهم يقومون بتشجيع المستثمرين والمزارعين بحيث من أنتج أكثر سيكون التعامل معه للاستثمار أكبر وأكثر.

وبهذا نجد بأن الأنشطة والانجازات التي تحققها مؤسسة إنتاج وتنمية الحبوب ملموسة على أرض الواقع، وفق توجيهات القيادة الثورية والسياسية الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي بحشد كل الطاقات والامكانات للوصول إلى ذلك.