الهجوم الصهيوني السيبراني على لبنان.. هل يقود إلى حرب شاملة في المنطقة؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
18 سبتمبر 2024مـ – 15 ربيع الاول 1446هـ
تقريــر|| محمد ناصر حتروش
يحاول الكيان الصهيوني الأمريكي جر المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة لا تبقي ولا تذر، وذلك تغطية على فشله الذريع وهزيمته المدوية في معركته بقطاع غزة.
في السابع من أكتوبر العام المنصرم، أعلنت فصائل المقاومة اللبنانية والعراقية واليمنية تشكيل جبهات اسناد لغزة لمناصرتها في مواجهة العدوان الصهيوني المجرم الذي يرتكب أبشع الجرائم التي تندى لها جبين الإنسانية.
ومنذ تلك اللحظة وجبهات الإسناد تخوض معارك مع العدو الصهيوني ضمن قواعد اشتباك محددة ومعروفة، ومع مرور أشهر من المواجهة، عمد الكيان الصهيوني لكسر قواعد الاشتباك متجاوزاً الخطوط الحمراء بالاعتداء على ميناء الحديدة في اليمن، واغتيال القائد اللبناني البارز في حزب الله فؤاد شكر، الأمر الذي دفع جبهات الإسناد تتوعد الكيان الصهيوني بالرد الحتمي إزاء اعتداءاته.
وعلى إثر ذلك نفذ حزب الله اللبناني عملية نوعية ضد قاعدة الاستخبارات الصهيونية المسماة ” بقاعدة “غليلوت” والتي تم خلالها استهداف الوحدة الاستخباراتية “أمان” المعروفة بـ 8200، مؤكداً أن عملية الرد على اغتيال القائد فؤاد شكر انتهت في حالة حققت النتائج المروجة، والأهداف المرسومة، موضحاً أن علميات الاسناد لغزة ستستمر حتى وقف العدوان الصهيوني على غزة.
وفي خطوة غير مسبوقة، وتصعيد صهيوني خطير نفذ جهاز الموساد الإسرائيلي، الثلاثاء هجوماً سيبرانياً على لبنان استهدف الأجهزة اللاسلكية، ما تسبب في استشهاد 14 فرداً، بينهم طفلان، وإصابة 2800 آخرين، من بينهم نساء وأطفال وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وفي حين حمّل “حزب الله”، الكيان الصهيوني “المسؤولية الكاملة” عن تفجير أجهزة اتصال محمولة من نوع “بيجر” (pager) في أيدي من يحملونها، وتوعد الصهاينة بـ”القصاص العادل” على هذا “العدوان الآثم، لم يبدي الاحتلال الإسرائيلي، أي تصريح رسمي ينفي أو يثبت تورطه وراء عملية الاغتيالات، الأمر الذي يوحي بتورطها الضمني في الجريمة.
وفي تغطية خاصة للمسيرة حول الهجوم الإسرائيلي على لبنان يؤكد مدير مركز سونار الإعلامي حسين مرتضى أن عملية الاختراق الأمني للبنان هي تجاوز لكافة الخطوط الحمراء، وكسر لقواعد الاشتباك المتعارف عليها منذ عدة أشهر.
ويبين المرتضى أن العدو الصهيوني ارتكب حماقة كبرى بتنفيذه هذه المجزرة الكبرى، والتي استهدفت العديد من المدنيين من النساء والأطفال، مؤكداً أن آثارها ستعود سلباً على الكيان الصهيوني المزنوق منذ أحداث السابع من أكتوبر، لافتاً إلى أن المقاومة اللبنانية تمتلك الكثير من الأوراق، والخيارات، والخطط الإستراتيجية الكفيلة بردع العدو الصهيوني المتعجرف، ووقفه عند حده، موضحاً أن الرد على هذه العملية سيكون في القريب العاجل، وبضربة قاصمة، وموجه للكيان تأتيه فجأة من حيث لا يعلم.
ويبين المرتضى أن العدو الصهيوني يتعمد في تجاوز الخطوط الحمراء، وذلك لجر المنطقة إلى حرب شاملة بهدف إضعاف حزب الله وابعاده عن ساحة المواجهة المساندة لغزة، مضيفاً أن هذه العلميات ستواجه برد فعلي، وعنيف وفق خطط مدروسة وذكية.
ويشير المرتضى إلى أن جبهات الاسناد لغزة، ستتواصل بتصاعد ضد الكيان الصهيوني، وبتنسيق وترتيب كبير بين جبهات الاسناد، مؤكداً أن اعتداءات العدوان الصهيوني لن تزيد جبهات المقاومة سوى المزيد من العزم، والثبات، والاصرار في مواصلة العلميات المساندة لغزة.
خطوة استباقية لحرب شاملة كبرى
من جهته يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية الكاتب الصحفي راسم عبيدات أن إقدام العدو الصهيوني على هذه الجريمة الشنعاء دليل على النوايا الصهيونية في تصعيد الحرب، وتأجيج الوضع الأمني في المنطقة.
ويوضح أن حزب الله اللبناني سيوجه ضربة قاصمة للعدو الصهيوني؛ كونه تجاوز الضوابط الأخلاقية في المواجهة التي يلتزم بها حزب الله، مبيناً أن العدو الصهيوني وضع نفسه في مأزق كبير بخلق جبهة جديدة تكون أشد شراسة من الجبهات المتواجدة حالياً.
ويشير إلى أن الرد على العدو الصهيوني لن يكون من حزب الله، فحسب، وإنما من مختلف جبهات الاسناد المواجهة للعدو الصهيوني.
وفي السياق ذاته يرى الأمين العام لحزب العمال الأردني رولا الحروب أن اقدام الصهاينة على هذه المجزرة المروعة في لبنان دليل على الوحشية الصهيونية في ارتكاب المجازر غير آبهة بالمنظمات الحقوقية والدولية.
وتشير خلال حديثها لقناة “للميادين” أن العدو الصهيوني لا يكترث للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، ولا يضع لها أي ميزان، حيث يرتكب مجازر مروعة بحق الطفولة والنساء على مرأى ومسمع من العالم أجمع، مبينة أن تلك المنظمات أنشأت لفرض العقوبات على الدول الضعيفة، وبما يخدم الفكر الليبرالي الغربي.
وتوضح أن عملية تفجير البيجر في لبنان دليل على التواطؤ والعمالة من الداخل لصالح العدو الصهيوني.
وتوضح أن إقدام العدو الصهيوني على هذه المجزرة الكبرى، وغير المسبوقة مؤشر للنوايا المبيتة صوب الحرب الشاملة على لبنان، مبينة أن تصريحات الكيان الصهيوني إزاء إعادة النازحين إلى الشمال دليل إضافي على النوايا الصهيونية في الحرب الشاملة على لبنان.
وتؤكد الحروب أن العملية الغادرة على لبنان تضع المنطقة على مفترق طرق منها الذهاب إلى حرب شاملة وكبيرة تعود آثارها السلبية على كافة المنطقة بما فيها دولة الاحتلال الصهيوني والأخرى تتمثل في المساعي الإسرائيلية للذهاب لوقف مؤقت للحرب، ولملمة شتاتها.
وتبين أن لدى دولة الاحتلال الصهيوني حلم عبري كبير، يتمثل في توسيع رقعة الاحتلال، بحيث تضم كافة الأراضي الفلسطينية، وأجزاء من سوريا ولبنان والأردن ومصر، والمعروف بمسمى إسرائيل الكبرى، موضحة أن حكومة بنيامين نتينياهو رئيس حكومة الصهاينة لا يضع وزناً للحياة لا لأعدائه، ولا للمستوطنين المأسورين لدى حركة حماس.
وتؤكد الحروب أن إسرائيل ستواصل حربها الطويلة ضد الدول المجاورة حتى يتحقق حلمها الاستعماري الخبيث المدون ضمن المتعقدات الإيديولوجية والعقائدية لدى اليهود.
الموساد منفذ علمية تفجير البيجر
بدوره يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية نبيه عواضه أن الهجوم الصهيوني السيبراني في العمق اللبناني يأتي ضمن التحضير المسبق من قبل الصهاينة للعملية، موضحاً أن الاجتماع الإسرائيلي الذي ضم رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو ورئيس الموساد الإسرائيلي دافيد برنياع خرج بنتائج صامته عرفت فيما بعد بهذه العملية اغتيالات البيجر في لبنان.
ويوضح أن العدو الصهيوني أراد من خلال هذه المجزرة المروعة اعلان الحرب الشاملة على لبنان، وذلك بتورط شريكه الرئيسي أمريكا.
وكان موقع “المونيتور” الأميركي قد ذكر في تقرير مسبق أن العدو الصهيوني هو من تبنى عملية تفجير البيجر.
وقال نقلاً عن مصادر استخباراتية إقليمية رفيعة المستوى إن إسرائيل نفذت هجومها بأجهزة البيجر في لبنان بعد أن جمعت معلومات استخباراتية تفيد بأن اثنين من أعضاء حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة.
وأشار الموقع إلى أن قرار تنفيذ العملية فُرض على إسرائيل بسبب هذا الخرق الاستخباراتي “قبل فوات الأوان”.
وذكر أن آلاف الأجهزة التي حصل عليها حزب الله فخختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب، وأن الخطة الأصلية الإسرائيلية كانت تقضي بتفجير الأجهزة في حال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله من أجل تحقيق تفوق إستراتيجي.
وذكر الموقع، نقلا عن المصادر ذاتها، أن إسرائيل كانت أمام 3 خيارات بعد أن همّ أحد أعضاء حزب الله بإخبار رؤسائه بشأن شكوكه.
وكانت هذه الخيارات هي: شن حرب على حزب الله، وتفجير الأجهزة وفقاً للخطة الأصلية، أو تفجيرها على الفور وإلحاق أكبر ضرر ممكن، أو تجاهل الأمر والمخاطرة باكتشاف الخطة.
وتقرر في نهاية المطاف تنفيذ الخيار الثاني في عملية ظلت سرية حتى عن الولايات المتحدة.