كيف تناولت الصحافة العبرية استهداف “يافا” المحتلة بصاروخ يمني فرط صوتي؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
16 سبتمبر 2024مـ – 13 ربيع الاول 1446هـ
أحدَثَ الهجومُ الصاروخيُّ التأريخيُّ الذي نفَّذته القواتُ المسلحةُ اليمنية، الأحد، على منطقة يافا وسطَ الأراضي الفلسطينية المحتلّة، هزةً كبيرةً داخلَ كِيانِ العدوّ الصهيوني.
وعلى الرغم من محاولته التغطيةَ على الضربة، من خلال إطلاق التهديدات وإنكار تطور القدرات اليمنية، لم يستطع منعَ تصاعد الأسئلة التي أثارها الهجومَ حول حجم وخطورة التهديد اليمني المباشر لـ”إسرائيل”.
وفي محاولة لتهدئة قلق المستوطنين الذي دخل أكثرُ من مليونَينِ منهم الملاجئ صباح الأحد؛ بسَببِ الصاروخ اليمني الذي فشلت كُـلّ أنظمة الدفاع “الإسرائيلية” في التصدي له، لجأ جيش العدوّ إلى إنكار امتلاك اليوم صواريخ فرط صوتية، متجاهِلًا الأسئلةَ التي لم تتوقف حول سبب الفشل في اعتراضه والتصدي له، فضلًا عن اكتشافه بشكل مبكر.
ومع ذلك فَــإنَّ هذه المحاولة لم تفلح، حَيثُ ذكرت صحيفة “كالكاليست” العبرية الاثنين، أن مصدرًا عسكريًّا رفيعًا أثار احتمال أن يكون الصاروخ فعلًا فرط صوتي، وقال إنه “إذا كان هذا هو الحال، فَــإنَّه سيمثل تغييرًا جوهريًّا في المنطقة” مُضيفاً أنه يشير أَيْـضاً إلى “فشل استخباراتي كبير من جانب الجيش الإسرائيلي ومؤسّسة الدفاع” حسب تعبيره.
وبالإضافة إلى ذلك؛ فَــإنَّ ادِّعاء جيش العدوّ بأن الصاروخ المستخدَمَ كان صاروخًا بالستيًّا عاديًّا، يتناقض مع الفشل في التصدي له، فبحسب الصحيفة العبرية فَــإنَّه “كان من المفترض أن تكتشف أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في مرحلة مبكرة، وهناك أنظمة مخصصة لهذا النوع من التهديد هي (آرو2) وَ (آرو3) والتي من المفترض أن تعترض الصواريخ البالستية العادية على مسافة بعيدة وارتفاعات عالية”.
وأضافت: “هذه القدرات، خَاصَّة خلال الحرب المُستمرّة التي تكون فيها جميع أنظمة سلاح الجو في حالة تأهب قصوى؛ بسَببِ التهديدات العديدة الموجهة إلى “إسرائيل” من عدة ساحات، كان ينبغي أن توفر مؤشرات كافية لتمكين تحذير أفضل من صاروخ في طريقه إلى وسط البلاد، وإعطاء نظام الدفاع الجوي عدة فرص لاعتراضه بعيدًا عن الأراضي الإسرائيلية”.
وبالإضافة إلى ذلك، أشَارَت الصحيفة إلى أن “إسرائيل ليست وحدَها التي تراقب الصواريخ التي تُطلَقُ من اليمن، حَيثُ تشترك في ذلك قوات التحالف في البحر الأحمر، التي تعمل بالتنسيق الوثيق مع القيادة المركزية للجيش الأمريكي، بقيادة الجنرال مايكل كوريلا” لافتة إلى أن “أحد الأسئلة التي يحاول سلاح الجو الإجَابَة عليها هو لماذا لم تتلقَّ إسرائيل تحذيرًا من قبل هذه القوات؟”.
وأضافت الصحيفة: “على حَــدّ علمنا، فقد فشلت محاولة اعتراض الصاروخ من اليمن من قبل منظومات (أرو) ومن ثَمَّ تم إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز القبة الحديدية، على الرغم من أن هذه المنظومة تهدف إلى اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، ولم تكن المحاولة ناجحة تمامًا”.
ونقلت عن مصدر أمني مطلع، قوله: إن ما حصل “حدث غير عادي وسيء وغريب ويتطلب تحقيقًا شامِلًا”.
وأضافت “لا ينبغي تجاهل أن شظايا الصاروخ كانت متناثرة على بُعدِ بضعة كيلومترات من أحد أكبر المواقع الاستراتيجية في إسرائيل، وهو مطار بن غوريون”.
ويعكس هذا التناول بوضوح أن جيش العدوّ فشل في محاولة تحجيم الضربة والتغطية على حقائقها، حَيثُ أصبح محشورًا بين الاعتراف بتطور القدرات اليمنية (وهو ما يحاول التهرب منه بشدة) أَو تفسير الفشل الذريع في التصدي للصاروخ واكتشافه مبكرًا، وهما خياران يلتقيان عن نقطةٍ واحدةٍ هي أنه لا توجدُ حمايةٌ من النيران اليمنية.
وفي هذا السياق أَيْـضاً قالت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية: إن “الحادثة الصاروخية من اليمن توضح تعدد الساحات وضرورة التنبه والجاهزية والقدرة على الرد في وقت قصير على كافة الساحات والمساحات، لكنها توضح أَيْـضاً حقيقة أنه لا يوجد تأمينٌ كاملٌ ولا توجد استجابةٌ محكمة، حتى لو كان تهديدًا واحدًا واستخدمت ضده مجموعة أدوات تحتوي على أكثر من حَـلّ واحد”.
وقالت صحيفة “هآرتس”: إن إطلاق الصاروخ من اليمن كان متوقَّعًا بالنظر إلى التحذيرات التي سبقته بيوم واحد من جانب وزير الدفاع، ومع ذلك فقد فشلت الدفاعات “الإسرائيلية” معتبرة أن ما حدث “يشير إلى عيوب في أنظمة الدفاع الإسرائيلية ويثير المخاوف”.
وأضافت: “إذا استمر الحوثيون في إطلاق النار على مطار بن غوريون؛ فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الطيران والسياحة بالفعل، حتى مع تكثيف الجيش الإسرائيلي لجهوده الاعتراضية” حسب تعبيرها.
واعتبرت مجلة “إيبوك” العبرية أن إطلاق الصاروخ كان “إنجازًا معرفيًّا حقّقه الحوثيون، مثلما فعلوا عندما أطلقوا الطائرةَ المسيَّرةَ على تل أبيب والتي نجحت في قتل إسرائيلي”.
ونقلت المجلة عن مصدرٍ أمني رفيع قوله: إن القوات المسلحة اليمنية “خطيرةٌ وعنيدةٌ وانتقاميةٌ، وقد خاضت صراعًا عسكريًّا مُستمرًّا لسنوات ضد السعوديّة والإمارات ونجحت في شل جزء كبير من صناعة النفط في المملكة، والتسبب في أضرار اقتصادية جسيمة، من خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار”.
ويختبئُ جيش العدوّ من هذه المخاوف المعلَنة والأسئلة المتصاعدة، وراء عنوانِ “التحقيق في الحادثة” وهو ما يعني محاولةَ إيجاد رواية لتخفيف وَقْعِ الضربة التي لن يكونَ من السهل إقناعُ المستوطنين بأنها كانت “صدفة”؛ لأَنَّها تأتي بعد شهرَينِ من ضربة أُخرى ناجحةٍ بسلاحٍ مختلف.