الثأر اليمني التكنولوجي
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
16 سبتمبر 2024مـ -13 ربيع الاول 1446هـ
أصدر مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير في لبنان تقريرا مفصلا عن حجم الإنجاز التكنولوجي الذي حققه اليمن بتصنيع صاروخ فرط صوتي تمكن من ضرب قلب كيان العدو الصهيوني متجاوزا 56 منظومة رادارية و13 قمرا صناعيا بالإضافة إلى العشرات من منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والغربية المتطورة.
نص التقرير:
بعد 3 أشهر من استخدام صاروخ “حاطم 2” الفرط صوتي ضد هدف بحري صهيوني في البحر العربي، وبعد 6 أشهر من الاختبار الناجح الأول للصاروخ المذكور، أعلن الناطق باسم الجيش والقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أمس عن نجاح اليمن بإطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي على منشأة عسكرية صهيونية مهمة في يافا، وكشف أن الصاروخ قطع 2040 كلم بـ 11 دقيقة ونصف. ويبدو من خلال المواصفات التي أكدها العميد سريع أن سرعة الصاروخ الذي استهدف تل أبيب أمس 8.6 ماخ يعني 8.6 مرات سرعة الصوت.
يأتي أهمية الخبر بأن التكنولوجية العسكرية اليمنية استطاعت كسر حاجز المدى بزيادة 600 كلم خلال مهلة قياسية لم تتعد ثلاثة أشهر لتصل بالصاروخ الجديد الذي لم يعلن عن اسمه إلى مستوى أكبر من 2000 كلم ليطال وسط فلسطين المحتلة بدون أي كشف أو اعتراض من 56 منظومة رادارية برية وبحرية ذات منشأ (امريكي وصهيوني وبريطاني وفرنسي والماني وإيطالي) و13 قمراً صناعياً عسكرياً ( أمريكي وفرنسي وبريطاني وصهيوني) فضلاً عن عشرات منظومات الدفاع الجوي التابعة لتلك الدول والكيانات وليجبر أكثر من مليوني إسرائيلي في تل أبيب والقدس والمركز على النزول إلى الملاجئ .
كيف تمكن هذا الصاروخ الباليستي الفرط صوتي اليمني المطور من تجاوز كل تلك المعوقات الجدية والوصول إلى هدفه بيسر دون أن يتمكن العدو من كشفه إلا بعد انفجاره بهدفه المحدد على بعد 6 كيلومترات من مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب؟
السر في هذه التكنولوجيا التي لا تمتلكها إلا 9 دول في العالم والتي بدأت تلتحق بها واشنطن نهاية العام الماضي في مشروع لم يبلغ النور بعد بشراكة (يابانية – أمريكية).
فيما يلي لمحة مختصرة عن تقنية الصواريخ الفرط صوتية المختلفة والتي تنقسم إلى نوعين صواريخ باليستية وصواريخ سابحة والتي تمتلك كلاً منها مواصفات ومميزات ترتبط بمستوى مناورة كل نوع وقابليتهما على التملص من أجهزة الكشف والتعقب.
بداية اصطلح على أطلاق اسم صاروخ يعمل بنظام فرط صوتي على كل صاروخ تتجاوز سرعته عند انقضاضه على هدفه 5 أضعاف سرعة الصوت حيث اعتبرت السرعة التي تفوق 5 ماخ (مقياس تقاس به سرعة الصوت) هي الحد الأدنى الذي يفرق المقذوفات الفرط صوتية عن غيرها من المقذوفات الأخرى (الصواريخ الباليستية وصواريخ الكروز) وقبل عرض التكنولوجيا الفرط صوتية لا بد من شرح كيفية عمل الصواريخ الباليستية:
عندما يطلق الصاروخ الباليستي المكون من جهاز حامل ورأس حربي يقوم الجهاز الحامل (الذي يحتوي على المحرك الذي تغذيه طبقة أو عدة طبقات وقود) برفعه بسرعة كبيرة بواسطة محرك يعمل على الوقود السائل إلى خارج الغلاف الأرضي إلى مدى (350 إلى 1200) كيلومتر ثم يعود قسم الصاروخ الذي يحتوي على الرأس الحربي وجهاز التوجيه إلى الأرض مجدداً على مرحلتين الأولى تسمى المسار البالستي. وهي تبدأ من أعلى نقطة وصل إليها الصاروخ خارج الغلاف حتى الغلاف الأرضي وهذه المرحلة قد تعتمد على المرحلة السابقة أو كما في الصواريخ الفرط صوتية تعتمد على نظام تعزيز للدفع يبقي الصاروخ مستمراً بسرعة كبيرة وعندما يدخل المجال الأرضي لا يعتمد على ما يسمى السقوط الحر (كما في الصواريخ الباليستية الكلاسيكية التي لا تحتوي على التكنولوجيا الفرط صوتية ) بل يقاوم عنصري الجاذبية والاحتكاك بما تبقى من الصاروح (الرأس الحربي ومحركه الثاني العامل بالوقود الصلب الذي يمكنه من الحفاظ على سرعته الكبيرة وعلى المناورة كلما اقترب من الارض). إن التقنية المعتمدة في هذه الصواريخ تجعل الجسم الصاروخي العائد للارض غير متأثر بالطاقة الحرارية الحركية الناتجة عن احتكاك الصاروخ والجسم بالهواء وببعض العوامل الاخرى كالمناخ والسحب (التي تتمدد او تتقلص فيها ذرات الهواء) ويظل الجسم منحدراً غير متأثر أيضاً بالجاذبية الارضية بسبب محركه ونظام التوجيه فيه الذي يمنحه القدرة على المناورة وبيقى الجسم الصاروخي الذي يحتوي على الرأس الحربي ومحركه على هذا المنوال بسرعة تفوق ال 5 إلى 20 ماخ حتى ارتطامه بالهدف على الارض.
إذاً فالصاروخ الباليستي الفرط صوتي يختلف نظام عمله عن الصاروخ الباليستي العادي حيث جرى تطوير تكنولوجيا تبدأ بالعمل في المرحلة الثانية (كالأنظمة الروسية والصينية والايرانية) أو في المرحلة الثالثة (كالأنظمة اليمنية والهندية) لأن إطلاق الصاروخ الباليستي الفرط صوتي إلى هدفه يحتاج إلى ثلاث مراحل:
أولاً: مرحلة الدفع: تبدأ هذه المرحلة من لحظة تشغيل أوّل محرّك في منصة الاطلاق وتتواصل حتّى استهلاك كامل كميّة الوقود السائل في الخزانات الموجودة في حامل الصاروخ. خلال هذه المرحلة يُحصّل الصاروخ الطاقة الحركيّة اللاّزمة ليصل هدفه. مدّة هذه المرحلة عادة ما تكون قصيرة نسبيّاً مقارنة بمدّة الطّيران.
ثانياً: مرحلة الطيران البالستي: تكون هذه المرحلة في الفضاء خارج الغلاف الارضي وتُمثّل أطول مرحلة في المسار، خاصّة بالنّسبة للصواريخ ذات المدى البعيد. غياب الدفع في هذه المرحلة يعني أنّ مسار الرحلة قد تحدّد بشكل كامل في نهاية المرحلة السابقة. (في نظام الصواريخ الفرط صوتية الروسية والايرانية والصينية يتم استخدام نظام توجيه خاص لهذه المرحلة ليسمح بزيادة الدقة بسبب أن الصواريخ الايرانية والروسية والصينية أثقل بكثيرمن الصواريخ اليمنية والهندية وتبلغ سرعة الصاروخ الفرط صوتي الروسي والصيني والايراني أكثر من 14 ماخ).
ثالثاً: مرحلة الدخول في الغلاف الجوي: وهنا تبدأ التقنية الفرط صوتية بالعمل لتجاوز المعوقات الفيزيائية الناتجة عن الجاذبية والهواء والعوامل المناخية، وهو ما يسمى بعلم الديناميكا مقاومة المائع أو نسبة اعاقة القوى التي تعيق مرور أي جسم خلال مادة مائعة (غاز أو سائل) مثل الماء أو الهواء. وتتناسب هذه الإعاقة طرديا مع سرعة الجسم في السائل،
وتختلف هذه المرحلة عن المرحلة السابقة (الطيران البالستي) بوجود الاحتكاك بين الهواء والصّاروخ. حيث يُبطّئ هذا الاحتكاك الصّاروخ ويجعله أقلّ توازناً (بسبب الجاذبية والرّياح والاضطرابات الجويّة) ويُولّد كميّة كبيرة جدّاً من الطاقة الحراريّة. لذا درس الخبراء تقنيات متعددة للتغلب على هذه العوائق وتجاوزها بل والاستفادة منها. فعند بلوغ المقذوف الصاروخي سرعة تفوق “5 ماخ” (5 اضعاف سرعة الصوت)، لا يمكن الاعتماد على محركات تقليدية، لأنه ينطلق بسرعات هائلة تحتاج لتصميم مختلف يمكن الصاروخ من الاختراق السلس لمسارالعودة يحافظ من خلاله على تدفق الهواء الأسرع من الصوت داخل محركه. يكمن الحل هنا في وجود محرك احتراق داخلي أسرع من الصوت “SCRAMJET” يمكن تشغيله على سرعات بين 5 ماخ و15 ماخ. وللحفاظ على استمرار تحليق الصاروخ بسرعات خارقة، من الضروري أيضاً احتواءه على أجسام ومعادن تتحمل حرارة ترتفع بدرجات هائلة نتيجة الانطلاق بتلك السرعات.
وهنا ينبغي التنويه كما أسلفنا سابقاً بأن الصواريخ الفرط صوتية تنقسم إلى قسمين:
صواريخ الانزلاق المعزز (البالستي الفرط صوتي): ويحلق الصاروخ في هذا النوع بسرعة كبيرة وبشكل قوس تقع ذروته على ارتفاعات عالية فوق سطح الأرض، وعند بلوغ ذروة القوس ينفصل الصاروخ عن حامله، ويسقط باتجاه الأرض بسرعة كبيرة تفوق سرعة الصوت قد تصل إلى عشرين ضعفاً.
صواريخ سابحة من توع (كروز): على عكس النوع السابق فالمحركات مثبتة على الصاروخ ولا تنفصل عنه، وبالتالي يجب أن تكون هذه المحركات صغيرة وخفيفة نسبياً، مما يحد من السرعات القصوى التي يمكن أن تحققها هذه الصواريخ، وقد تصل إلى عشرة أضعاف سرعة الصوت، وهي أبطأ بكثير مما يمكن أن تحققه أسلحة الانزلاق المعزز.
أبرز الميزات التكتيكية للصواريخ الفرط الصوتية:
قادرة على التحليق والمناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه.
تستطيع التغلب على كافة الأنظمة الدفاعية المتقدمة.
ضغط الهواء أمام هذه الصواريخ يشكل سحابة بلازما خلال التحليق تعمل على امتصاص الموجات اللاسلكية. وهذا يجعل من الصعب رصد هذه الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على جميع أنظمة الرادار.
قادرة على استهداف وتدمير أهم أنظمة الدفاع الجوي.
تُعَد من الصواريخ الموجهة بدقة على مرحلتين.
يحتوي رأسها الحربي على فوهة متحركة تمكنها من المناورة في كافة الاتجاهات.
تحلق بسرعة تفوق 5 أضعاف سرعة الصوت على الأقل وضمن مسار معقد مما يجعل من استهدافها مهمة عصيبة جدا للأنظمة الدفاعية.
قدرة التحكم بها عالية.
إمكانية زيادة مدى الصاروخ إلى مسافات أبعد من 1400 كيلومتر.
وثمة عامل آخر يميز الصواريخ الباليستية الفرط صوتية يتمثل في قدرتها على التحليق على ارتفاع منخفض على خلاف أنظمة الصواريخ الباليستية القديمة التي تعتمد على السقوط الحر والتي تؤثر بها الجاذبية. حيث تتبع هذه الصواريخ مسارًا منخفضًا في الغلاف الجوي، ما يعني أنه عندما تتمكن الأنظمة التقليدية للدفاع الجوي من رصدها، فإنها تكون قد اقتربت بشكل كبير للغاية من أهدافها. وفي كثير من الحالات يكون قد فات الأوان لاعتراضها وتكون قد دمرت الهدف.
كان التحدي الأساس للقوات المسلحة اليمنية هو اجتياز عائقي المدى ومنظومة الدفاع الجوي والصاروخي المتكاملة التي نصبها الامريكان لتغطية منطقة غرب آسيا والتي شملت المسطحات المائية والبرية الممتدة من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي والتي تتألف من المنظومات التالية:
المنظومات عالية الأهداف: منظومات ثاد 3 وباتريوت (1و 2) وآرو (1و 2 و3) صاروخ أرو، وتؤلف تلك المنظومات نظاماً دفاعياً صاروخياً مشتركاً إسرائيلياً أمريكياً يهدف إلى وقف الصواريخ الباليستية في طبقة الستراتوسفير الجوية، وتمتلك إسرائيل بطاريات صواريخ آرو 2 وآرو 3. صاروخ مقلاع داوود، نظام اعتراض دفاعي صاروخي متوسط إلى بعيد المدى. كمظلة للدفاع الصاروخي في الارتفاعات العالية وهي مخصصة للصواريخ البالستية وتتصدى للصاروخ بعدما يخرق الغلاف الجوي عائداً إلى الارض. نظام أي جيس المضاد للصواريخ (بالإنجليزية: The Aegis Ballistic Missile Defense System) هو نظام أمنى ضد الصواريخ الباليستية وجزء من مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي وأغلب مظومات آيجيس ركبت لحماية مجموعات حاملات الطائرات من طراز نيميتس ومهمتها حماية الحاملة وسفتها من استهداف الصواريخ البالستية.
نظام الدفاع في الطبقة المتوسطة: وتتكون من نظام aim 120 بأطواره الأربعة (جو – جو وأرض جو) ونظام إم آي إم-104 باتريوت «ياهالوم»، منصة دفاع جوي تكتيكي عالية إلى متوسطة قادرة على إسقاط الطائرات والصواريخ الباليستية. تم تطوير أنظمة صواريخ باتريوت الإسرائيلية من الناحية التكنولوجية منذ دخولها الخدمة. خلال عام 2014 سجلت البطاريات الإسرائيلية «ياهالوم» أول إسقاطات للنظام في العالم. صاروخ مقلاع داوود، نظام اعتراض دفاعي صاروخي متوسط إلى بعيد المدى. قادرة على إسقاط أي نوع من الصواريخ الباليستية التكتيكية المتقدمة، وصواريخ كروز المتقدمة وكبيرة العيار والطائرات بدون طيار والمقاتلات والطائرات القاذفة.
نظام الدفاع في الطبقة القريبة من الأرض: ويتكون من عدة منظومات دفاعية منها نظام أفينجر أو المُنتقم (بالإنجليزية: Avenger Air Defense System) اختصار (AN/TWQ-1) وهو نظام دفاعي قصير المدى محمول على مركبات هامفي الأمريكية المتعددة المهام مضاد الاهداف الجوية منخفضة الارتفاع.
ونظام القبة الحديدية، وهو نظام دفاع جوي قصير المدى مصمم للدفاع ضد الصواريخ وقذائف المدفعية والذخائر الموجهة بدقة. وأنظمة قصيرة المدى طورتها الولايات المتحدة مثل إم آي إم-23 هوكوشاباريل إم آي إم-72 وإم 163 فادس. والتي سجلت أفضل اعتراضات على مستوى عالمي مع معظم هذه الأنظمة، أرض جو،، ونظام جديد يسمى SPIDRE ALL IN ONE، أو العنكبوت اعلن العدو عن النجاح في تجربته وهو يضم كافة عناصر المنظومة على عربة واحدة .
استطاع الصاروخ اليمني تجاوز معظم تلك الأنظمة بنجاح لسببين:
الأول: هو قدرته على المراوغة والتملص من رادارات معظم المنظومات المذكورة اعلاه.
الثاني: هو ميزة تحويل الطاقة الحركية الناتجة عن احتكاك الصاروخ بالهواء إلى “بلازما” تحمي الصاروخ من كل موجات الكشف الراداري.
ختاماً استطاع صاروخ باليستي فرط صوتي مطور واحد سرعته 8.6 ماخ بقدرات محلية يمنية أن يجتاز كل قدرات التحالف الأمريكي الصهيوني الفرنسي الالماني البريطاني الإيطالي الإلكترونية وكل تكنولوجيا الغرب تقريباً في الدفاع الصاروخي ووصل إلى هدفه بيسر قاطعاً 2040 كيلومتر من منصة إطلاقه في أكثر المناطق رقابة رادارية في العالم إلى فلسطين المحتلة أكثر المناطق المحمية في العالم.
المصدر: مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير ـ بيروت