حاملة الطائرات (روزفلت) تنسحب من بعيد.. تعاظم شواهد الهزيمة الأمريكية أمام اليمن
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
13 سبتمبر 2024مـ -10 ربيع الاول 1446هـ
تقرير | ضرار الطيب
في مظهر جديد من مظاهر الهزيمة الأمريكية أمام اليمن، والتي باتت أصداءها تتردد على مستوى العالم بما ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها، انسحبت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس ثيودور روزفلت) من المنطقة بعد انتشار دام حوالي شهرين.
لم تجرؤ فيهما الحاملة على الاقتراب من منطقة العمليات اليمنية المساندة لغزة، بالرغم من أن مهمتها كانت تتمحور حول مواجهة هذه العمليات باعتبارها البديل للحاملة الفارة (ايزنهاور) الأمر الذي يعكس مجدداً حالة العجز التي وصلت إليها البحرية الأمريكية، وهو عجز تؤكده أيضاً التأثيرات الاقتصادية المستمرة والمتصاعدة للعمليات اليمنية المستمرة.
وبحسب مسؤولين أمريكيين تحدثوا لوكالة “أسوشيتد برس” يوم الخميس، فإن حاملة الطائرات (روزفلت) في طريقها للعودة إلى الولايات المتحدة، وقد وصلت إلى منطقة القيادة الأمريكية في المحيطين الهادئ والهندي.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين وضعوا هذه الخطوة تحت عنوان “انتهاء مهمة حاملة الطائرات” فإن العنوان الفعلي كان الهروب والفشل، فمنذ إعلان وصولها إلى المنطقة في منتصف 12 يوليو الماضي، حافظت (روزفلت) على أقصى مسافة ممكنة بينها وبين اليمن ومنطقة العمليات اليمنية المساندة لغزة، وتحركت في مسار حذر في خليج عمان، وأقصى شرق البحر العربي، بالرغم أن مهمتها المعلنة كانت استبدال حاملة الطائرات الفارة (ايزنهاور) ضمن ما يسمى تحالف (حارس الازدهار) وهو ما يعني ضرورة التواجد في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقد جاء اختباء الحاملة (روزفلت) بعيداً عن منطقة العمليات اليمنية طيلة فترة انتشارها متزامناً مع خلو البحر الأحمر من السفن الحربية الأمريكية والبريطانية بشكل كامل، وهو ما عكس وصول واشنطن ولندن إلى حالة عجز وخوف لاحظتها وسائل إعلامهما ووصفتها بأنها “هزيمة” و”نكسة” غير مسبوقة، وهو ما أكده أيضاً الانسحاب قبل الوصول إلى المنطقة الرئيسية للمهمة المعلنة.
وبالنظر إلى ما أحدثه هروب حاملة الطائرات (ايزنهاور) ومجموعتها الضاربة من هزة كبيرة، وغير مسبوقة تجلت في تصريحات قادتها وضباطها عند عودتهم من البحر الأحمر، فإن بقاء (روزفلت) بعيداً عن منطقة العمليات اليمنية طيلة فترة انتشارها قد عكس بوضوح إدراك واشنطن لخطورة المجازفة بتكرار التجربة، كما عكس فشل محاولات السيطرة على الرواية الإعلامية، فبرغم أن وسائل الإعلام الأمريكية حرصت على إبقاء الضوء مسلطاً على “سلامة” السفن الحربية العائدة من البحر الأحمر خلال الفترة الماضية، لم تستطع أن تمنع ظهور بعض الحقائق الصادمة التي لم يستطع قادة تلك السفن كتمانها مثل حقيقة أن كل ما واجهوه في البحر الأحمر كان “غير مسبوق” وأنه لا يمكن تطبيق “سياسات الردع التقليدية” ضد اليمن، بحسب تعبير قائد الأسطول الخامس، ولذا كان على (روزفلت) أن تبقى بعيدة وتعود لكي لا يصبح الأمر أسوأ.
ولا يمثل انسحاب حاملة الطائرات (روزفلت) من المنطقة المظهر الوحيد للهزيمة الأمريكية أمام اليمن، حيث أقر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في تصريحات جديدة قبل أيام بأن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو الطريق لـ”تهدئة الأمور في البحر الأحمر” حسب قوله، وهو اعتراف واضح بفشل الجهود العسكرية لإعاقة وإيقاف العمليات اليمنية المساندة لغزة، بل وأيضاً فشل محاولات الضغط والابتزاز السياسية والاقتصادية التي كانت واشنطن قد حاولت اللجوء إليها، مثل إعاقة اتفاق السلام مع النظام السعودي وتصعيد نقل البنوك من صنعاء.
وإلى جانب هروب حاملة الطائرات (روزفلت) واعتراف بلينكن، لا زالت التداعيات الاقتصادية المستمرة للعمليات اليمنية تؤكد بشكل مستمر على الهزيمة الأمريكية بشكل خاص والغربية بشكل عام، حيث أفادت عدة وسائل إعلام بريطانية خلال الأيام القليلة الماضية بأن سلسة التوريد البريطانية تشهد اضطرابات غير عادية قبل موسم “عيد الميلاد”، حيث يلجأ تجار التجزئة في هذا الوقت إلى تخزين البضائع قبل قدوم الموسم وتحمل تكاليف عالية، من أجل محاولة تفادي التأخيرات الناجمة عن تحويل مسارات السفن البريطانية حول رأس الرجاء الصالح، وأيضاً محاولة استباق أي زيادات قادمة في أسعار الشحن التي قد قفزت بالفعل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف بحسب ما أكدت صحيفة الـ”تايمز” البريطانية.
وقد علق موقع “سبلاي تشين 360” البريطاني المتخصص في شؤون سلاسل التوريد على ذلك قائلاً بأن “الوضع في البحر الأحمر يعيد تشكيل تجارة التجزئة في المملكة المتحدة” فيما ربطت صحيفة “تلغراف” البريطانية الشهيرة هذا الاضطراب مباشرة بالفشل في ردع القوات المسلحة اليمنية، وقالت ساخرة: “إذا تأخرت ألعاب السفن الحربية عن موعدها (في إشارة إلى هدايا عيد الميلاد) فإن ذلك يعود إلى أننا لا نمتلك ما يكفي من السفن الحربية الحقيقية”.
وفي سياق متصل فقد أعلنت شركة (كونبولك شيب مانيجمنت) المالكة للسفينة (غروتون) التي استهدفتها القوات المسلحة اليمنية مرتين خلال شهر أغسطس الماضي، أنها ستتوقف عن إرسال سفنها عبر البحر الأحمر، وهو ما يشكل نجاحاً جديداً في فرض معادلة الحظر التي تستهدف سفن الشركات التي تنتهك قرار حظر الوصول إلى موانئ العدو الصهيوني، الأمر الذي يعتبر بالمقابل دليلاً على الفشل الأمريكي والبريطاني والغربي في فعل أي شيء.
وقد أفادت صحيفة “لويدز ليست” البريطانية المتخصصة بشؤون الملاحة البحرية قبل أيام بأن عبور السفن المتصلة بالعدو الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر أصبح “مستحيلا”، وأن هذه السفن لم تعد تواجه فحسب ارتفاعاً كبيراً في أقساط التأمين على مخاطر الحرب، بل وصل الأمر إلى أن التأمين على هذه السفن لم يعد متاحاً أصلاً، حيث ترفض الشركات تغطيتها لكي لا تتكبد خسائر كبيرة نتيجة تعويض الأضرار.
وتضاف إلى كل هذه النتائج والدلائل أيضاً حقيقة تمكن القوات المسلحة من إسقاط تسع طائرات أمريكية بدون طيار متطورة من طراز (إم كيو-9)، بتكلفة إجمالية تقارب 290 مليون دولار، خلال أقل من عام واحد، في الوقت الذي بلغت فيه تكلفة الذخائر التي استخدمتها البحرية الأمريكية في المواجهة مع اليمن حتى منتصف يوليو الماضي 1.16 مليار دولار وفقاً لما كشفه متحدث عسكري أمريكي لموقع “بزنس إنسايدر” مؤخراً، وهي أرقام لا ترتبط بها أية إنجازات تذكر بالنسبة للأهداف الأمريكية المعلنة والمتمثلة في ردع صنعاء وإيقاف العمليات اليمنية المساندة لغزة، الأمر الذي يجعلها في خانة الخسائر المباشرة.
وبجمع كل ما سبق، فإن حديث وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية عن “الهزيمة” و”الانتكاسة” في مواجهة اليمن ليست مجرد عناوين للإثارة بل توصيفات مباشرة وموضوعية لواقع جيوسياسي وعسكري واقتصادي يمكن قياسه وملاحظته، وهو واقع صنعته القوات المسلحة اليمنية ليبقى وليستمر، ولتُبنى عليه متغيرات تأريخية جديدة.