الخبر وما وراء الخبر

معتقلات وسجون سرية ومعاملات لا إنسانية.. الجنوب المحتل أسيراً

9

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
7 سبتمبر 2024مـ – 4 ربيع الاول 1446هـ

تقريــر | هاني أحمد علي

بعد عقدٍ من الزمن، وجد أبناء عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة أنفسهم أسرى داخل سجون سرية، وزنازين محكمة الإغلاق، كهدية جلبها المحتل لسكان تلك المناطق.

10 سنوات من زمن العدوان على بلادنا، تبخرت معها وعود الغزاة بتحويل عدن إلى نسخة مطورة من دبي، كانت مدة زمنية كفيلة بأن يصحو أبناء المحافظات الجنوبية من غفلتهم، وإدراك حقيقة واحدة لا غير وهي إن الإمارات نسخة مطورة من بريطانيا، وأن القاسم المشترك بينهما هو الاحتلال، وإذلال وتركيع شعب اليمن من جديد بعد أكثر من 50 عاماً من الاستقلال.

السجون السرية.. المشروع الوحيد الذي يحمله الاحتلال الإماراتي السعودي الأمريكي لانعاش وتنمية المحافظات الواقعة تحت سيطرته، وهو ما يجيدان فعله “الرياض وأبوظبي” كنظامي، قمع وترهيب لكل المناهضين للتواجد الأجنبي والرافضين لمخطط التدمير الممنهج للبلد، وهو ما كشفت عنه مليونية عشال الثانية التي شهدتها مديرية زنجبار بمحافظة أبين المحتلة، السبت الماضي، للمطالبة بالكشف عن مصير مئات المختطفين والمخفيين قسراً داخل سجون الإمارات ومليشيا الانتقالي.

وتلبية للدعوة التي أطلقتها قبل أيام ما يسمى باللجنة التحضيرية لمليونية عشال، فقد توافد الآلاف من سكان مدينة عدن، وقبائل لحج للمشاركة في الفعالية، تضامناً مع قبيلة “الجعادنة” للمطالبة بالكشف عن مصير نجلها المختطف المقدم علي عشال الجعدني منذ منتصف يونيو الماضي في سجون الاحتلال الإماراتي بعدن.

ولم يقتصر الحضور على عدن ولحج وأبين فقط، بل كانت قبائل شبوة حاضرة في الزمان والمكان، الأمر الذي يكشف عن حجم المظلومية الكبرى التي يعيشها سكان المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، جراء الانتهاكات الإنسانية والجرائم الجسيمة التي يتعرضون لها من قبل دويلة الاحتلال الإماراتي، واخفاء المئات منهم قسراً داخل سجون سرية منذ سنوات واخضاعهم للتعذيب النفسي والجسدي دون الكشف عن مصيرهم.

وقد أظهر التوافد الكبير لأبناء المحافظات المحتلة المشاركين في مليونية عشال الثانية بزنجبار أبين، حجم التلاحم والاصطفاف الشعبي لمواجهة الاحتلال الإماراتي وميليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، والوقوف بوجه الظلم الذي وصل إلى مدى بعيد.

وفي الفعالية المليونية، رفع المشاركون صور المختطف علي عشال الجعدني، وسط مشاركة واسعة من أسر وأهالي المختطفين والمخفيين قسراً داخل سجون الامارات والانتقالي طيلة سنوات.

وتأتي مليونية عشال الثانية السبت، بعد قمع المشاركين في الفعالية الأولى التي أقيمت بساحة العروض في عدن مطلع أغسطس الماضي، حيث أطلق مرتزقة الاحتلال الإماراتي الرصاص الحي على المشاركين ومنع القادمين من محافظات أخرى الدخول إلى عدن للمشاركة في المليونية.

جرائم الاحتلال الاماراتي بشهادة دولية

ويواصل الاحتلال الإماراتي السعودي إحكام قبضته على مدينة عدن والمحافظات الجنوبية الشرقية، من خلال ارتكاب الجرائم، وانشاء السجون السرية في “حضرموت وعزان شبوة، وأبين ولحج، والمخاء والخوخة في الساحل الغربي” بعد افراغ مواقع ومؤسسات ومنشآت حيوية خدمية من مضمونها وتحويلها إلى مقرات لارتكاب أبشع جرائم التعذيب والانتهاكات، أبرزها مطار صلاح الدين القديم في عدن، ومطار الريان بالمكلا، الذي يعد ثالث أكبر مطار في اليمن، ومن أهم المواقع الاقتصادية الحيوية في البلاد.

وعلى مدى السنوات الماضية، سلطت عشرات التقارير الحقوقية الدولية، الضوء على الجرائم والانتهاكات الإماراتية في المحافظات الجنوبية المحتلة، أبرزها السجون السرية التي تخفي بداخلها مئات المعتقلين قسراً، وسط رفض قاطع من قبل أبو ظبي تحويلهم إلى النيابة والمحاكم مستغلة بذلك تواطؤ حكومة المرتزقة وغياب أي مظهر من مظاهر الدولة والانفلات الأمني والإداري.

وبعد احتلال عدن والمناطق الجنوبية، سعى الاحتلال الإماراتي جاهداً إلى انشاء سجون سرية لمئات المواطنين المناهضين له، وذلك تحت مزاعم محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى دعم وتمويل ميليشيا مسلحة تحت أسماء مختلفة كـ”الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية” التي ساهمت في إدارة تلك السجون سيئة السمعة والصيت.

ووفقاً لتقارير حقوقية دولية، فقد أنشأت أبو ظبي عشرات السجون السرية عبر مرتزقتها كـ”ألوية العمالقة” في الساحل الغربي، و”الحزام الأمني” في عدن وأبين ولحج، والنخبتين “الشبوانية” و”الحضرمية”.

ومن أبرز السجون السرية التابعة للاحتلال الإماراتي التي كشفت عنها التقارير الدولية هي السجون التي توجد في منطقة “بئر أحمد”، والسجن المركزي، وإدارة البحث الجنائي، أيضاً يوجد في عدن معسكر “الجلاء” الذي يتبع اللواء الأول دعم وإسناد، وهو أحد الألوية التابعة لما يسمى الانتقالي، ويقع في مديرية البريقة، وبداخل معسكر “الجلاء” توجد منطقتان على الأقل يحتجز فيهما المعتقلون قسراً، أحدهما مبنى من الصفيح، والآخر يقع في قبوٍ تحت الأرض، حسب تقارير دولية، بالإضافة إلى سجن سري داخل معسكر تحالف العدوان.

وسبق أن كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن وجود سجن سري داخل منشأة بلحاف الغازية بمحافظة شبوة التي حولها الاحتلال الإماراتي إلى قاعدة عسكرية في منتصف عام 2017.

وعلى جزء من حقل للغاز جنوبي اليمن في مدينة بلحاف جنوب اليمن، الذي جرت السيطرة عليه بطلب من الحكومة اليمنية متسترة بمجموعة توتال الفرنسية لتكون جزءاً منه.

ونقلت الصحيفة شهادات عن مواطنين يمنيين أكدوا تعرضهم للتعذيب الوحشي داخل أحد السجون السرية التابعة للإمارات في مدينة الخوخة الخاضعة لسيطرة “اللواء التاسع عمالقة” والخائن طارق عفاش.

وفي أحد السجون السرية بمنطقة “الرواء” بمديرية خنفر بمحافظة أبين، يتعرض المعتقلون لأبشع أساليب التعذيب على يد المحققين الاماراتيين وميليشيا الانتقالي، بعد أن يتم اجبارهم على شرب البول، وتعرضهم للضرب بالمطارق وللتعذيب الجنسي، بحسب صحيفة غارديان البريطانية.

أحد المختطفين والمعتقلين قسراً في سجون “بئر أحمد” السرية بمدينة عدن المحتلة، استطاع رسم أشكال التعذيب داخل السجن، بعد أن تمكن من تهريبها إلى خارج أسوار المعتقل، وحصلت عليها وسائل إعلام محلية، وأجنبية ومنظمات حقوقية دولية، حيث كشفت الرسومات أن العنف الجنسي هي الأداة الأساسية التي يستخدمها الضباط الإماراتيون لإلحاق العقوبة بالسجناء لانتزاع الاعترافات منهم.