الخبر وما وراء الخبر

محللون سياسيون وعسكريون : عمليةُ “يوم الأربعين” لحزب الله نوعية واستراتيجية و ضربةً موجعةً للعدو

7

ذمــار نـيـوز || تقارير ||

26 أغسطس 2024مـ -22 صفر 1446هـ

تقرير|| محمد الكامل، أصيل نايف حيدان

تتسارعُ الأحداثُ بشكلٍ كبيرٍ في المنطقة؛ جراء استمرار العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة وما يرافقه من تداعيات الرد عليه من جبهات الإسناد التابعة لمحور المقاومة.

ووصلت المواجهة إلى ذروتها بين “إسرائيل” وحزب الله، حَيثُ نفذ الأخير هجوماً واسعاً استهدف عمق العدوّ الصهيوني بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة في عملية وُصفت بأنها الأكبرُ منذ بدء عمليات حزب الله الإسنادية لقطاع غزة.

ولاقت العملية التي قام بها حزب الله، ردودَ فعل كبيرةً على مستوى الإقليم والعالم، وتأتي في إطار “الرد على استشهاد القائد فؤاد شكر”.

ووصف عددٌ من العسكريين والسياسيين هذه العملية بالرد المؤلم والموجع للعدو الصهيوني، مؤكّـدين أن استراتيجية الرد أكبر مما أُعلِنَ عنه في إطار عمليات محور المقاومة وعملياتها العسكرية المساندة لقطاع غزة.

وعلى صعيد متصل، يرى الخبير العسكري العميد مجيب شمسان أن “عمليات يوم الأربعين لحزب الله هي مرحلة أَو خطوة أولى في إطار الرد الكلي؛ على اعتبار أن حزب الله، منذ بداية عملية الإسناد تصاعد في عملياته، وُصُـولاً إلى نقطة يراكم فيها استراتيجية جديدة في مسألة الرد على العدوّ، على مستوى المعلومة، وعلى مستوى الرصد، وعلى مستوى المدى الجغرافي، وعلى مستوى القوة النارية”.

ويضيف في تصريح خاص لـ “المسيرة” أنه “لو أخذنا كمثال عمليات (هدهد) المتنوعة سنجد فيها الكثير من الرسائل التي راكمت الرعب داخل نفسية العدوّ، بأنه لا يوجد مكان آمن داخل الأراضي المحتلّة”، مؤكّـداً أنه “طالما هذه الطائرات استطاعت الوصول إلى أكثر الأماكن حماية، وحساسية، داخل الكيان وقامت بالتصوير على مستويات عالية من الدقة، ثم عادت أدراجها، فإن كُـلّ الأماكن باتت مكشوفة”.

ويكرِّرُ التأكيدُ أن “لدى حزب الله مروحةَ أهداف أكثر حساسية، وأكثر خطورة، مقارنة بالكيان الصهيوني، وبإمْكَان القدرات الموجودة لحزب الله على مستوى الصواريخ الدقيقة أَو على مستوى الطائرات المسيرة، أَو على مستوى المنظومات الأُخرى؛ ما يمكن تغطية مروحة الأهداف داخل هذه المناطق أَو مروحة الأهداف”.

ويواصل شمسان حديثه بالقول: “نحن أمام هذا النوع من الرد للمقاومة الإسلامية في لبنان ومراكمة بناء الرد، أَو ما يمكننا وصفه باستراتيجية بناء الرد، في مستوى إضعاف الثقة ما بين المستوطنين، وما بين جيش الكيان الصهيوني، وما بين السلطة التابعة للكيان الصهيوني”، موضحًا أن “الرد امتد على مساحة كبيرة وأدى إلى نزوح أكثر من 270 ألف مستوطن من مناطق الشمال”.

ويكمل قائلًا: “الرد أوصل رسائل تتعلق بالقدرة النارية المتزايدة تدريجيًّا، وُصُـولاً إلى استخدام صواريخ، إلى الآن ليست في إطار ما يقرأ من المنظومة الهائلة التي يمتلكها حزب الله، فيما يتعلق بالصواريخ الدقيقة، والطائرات المُستمرّة”.

ويؤكّـد شمسان أن “لدى حزب الله ما هو أكبر من هذه العملية، صواريخ تسرح على طول، وبشكل كامل داخل الأراضي المحتلّة، ومع ذلك إلى الآن لم يتم استخدام ذلك والعدوّ الصهيوني ويعرف هذه القدرات ويعرف هذه الإمْكَانات”.

ويضيف أن “حزب الله راكم تلك الرسائل من خلال عماد 4، والتي كشفت عن مستوى التحصين الذي لدى حزب الله، وقدرته على امتصاص أية ضربة يقوم بها العدوّ”، موضحًا أن “حزب الله قادر على تعطيل أي رد من قبل العدوّ، وخلق حالة من الرد؛ بمعنى إذَا قمتم باستهداف لبنان، فلدينا القدرة على امتصاص الضربة وبالتالي توجيه ما هو أقسى بالنسبة للعدو؛ كوننا نمتلك القدرة والإمْكَانيات فيما يتعلق بنوعية السلاح، وَأَيْـضاً امتصاص الضربة فيما يتعلق بتحصين قدراتنا وإمْكَاناتنا”.

ويؤكّـد شمسان أن هذه الضربة جاءت وفقًا لمعطيات سابقة، تمت مراكمتها على مستوى الهزيمة الإدراكية للعدو، على المستوى النفسي، وعلى المستوى المعلوماتي، والاستخباراتي؛ بمعنى أننا قادرون على تغطية مسرح العمليات بشكل كامل داخل الأراضي المحتلّة، وتغطية مروحة الأهداف مهما كان حجمها”، مُشيراً إلى أن “حزب لله لم يستخدم كُـلّ أسلحته، وأن بحوزته الكثير من الصواريخ الدقيقة، والأكثر فتكاً، والأكثر تدميراً، إلى جانب الطائرات “المسيرة” التي لا يمكن أن يتخيلها العدوّ، وترعبه بشكل كبير”.

تحذير قوي:

من جانبه يقول المحلل السياسي عبد العزيز أبو طالب: “إن الظروف التي رافقت وسبقت الرد لا بُـدَّ أن يُنْظَرَ إليها باعتبَار؛ فبعد عمليتَي الاغتيال سيطر الخوف والرعب على الكيان الصهيوني الذي استنفر كُـلّ قواه وحشد حلفاءه الأمريكيين؛ فحضروا بعتادهم وأسلحتهم وأرسلوا رسائل تهديد”.

ويوضح في تصريحٍ خاص لـ “المسيرة” أن “الأمريكي حاول من جانب آخر الالتفاف على الرد، بإحياء المفاوضات العقيمة لإحراج إيران وحزب الله واليمن في حال الرد”، مبينًا أن “محور المقاومة عمل على دراسة الرد في ظل المستجدات، كما سعى إلى تصميم رد مناسب، يؤلم العدوّ ولا يؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب واسعة، وهو ما تجلى في طبيعة ونوعية الرد اليوم الذي قام به حزب الله”.

ويضف أبو طالب أن حزب الله “طبّق استراتيجية إشغال المنظومات الدفاعية عبر إطلاق أعداد كبيرة جِـدًّا من الصواريخ التي تشغل المنظومات الدفاعية، بينما أرسل طائرات مسيرة باتّجاه هدف عسكري نوعي”، مُشيراً إلى أنَّ “الصواريخ بدورها استهدفت قواعدَ عسكريةً ومواقع القبة الحديدية، وغيرها من الأهداف العسكرية المهمة والتي ظهرت فيما نشره هدهد ١و ٢ و٣”.

ويزيد: “حزب الله في الوقت نفسه، أطلق تحذيراً قويًّا للكيان الصهيوني، أنه في حال تم استهداف المدنيين فَــإنَّه سيقابل برد كبير وقاس جِـدًّا”.

ويصف أبو طالب ادِّعاءات العدوّ الصهيوني، بأنه قام بعمليات استباقية باستهداف آلاف مواقع إطلاق الصواريخ، بالادِّعاءات غير صحيحة، مؤكّـداً أن “عملية حزب الله كانت قبل الضربات الصهيونية، وبالتالي فشل صهيوني يحمل وجهَينِ: أولهما أن عملية حزب الله فاجأت الصهاينة، وفي ذلك فشل استخباري، خَاصَّة أن حزبَ الله أعلَنَ عن نيتِه بالرد منذ أسابيع.

الوجه الثاني تمثل في عدم استطاعة العدوّ تقويض قدرات حزب الله التي استمرت في قصف الكيان بشكل مُستمرّ، وفشل منظومة القبة الحديدية أمام الصواريخ والمسيرات اللبنانية”.

الهدف الأَسَاسي:

بدوره يؤكّـد رئيسُ المركَزِ الإعلامي لأنصار الله، مازن هبة، أن “عمليات يوم الأربعين لحزب الله جاءت لتثبيت معادلات الردع، والتأكيد مجدّدًا أن زمن عربدة العدوّ الإسرائيلي واستباحته للبنان قد ولى ولن تسمح المقاومة الإسلامية في لبنان بعودته”.

ويوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن “من دلالات الرد والهدف الأَسَاسي في العملية ليس هدفاً عاديًّا، وهي قاعدة “غليلوت” التي تتواجد فيها وحدة 8200 التابعة للمخابرات الإسرائيلية، والتي لديها دور كبير في عمليات الاغتيالات”، مواصلاً حديثه: “إضافة إلى موقعها الجغرافي غير العادي الذي يبعد عن مدينة يافا المحتلّة ما يسمى “تل أبيب” 1500 متر فقط؛ أي أنه يقع في ضواحي عاصمة العدوّ الإسرائيلي والتي كان العدوّ يذهب سابقًا إلى حرب شاملة بدون نقاش إذَا استُهدفت بغض النظر عن الهدف وحجم الضرر”.

ويتابع “فما بالك أن يكون الهدفُ مَقَرًّا للمخابرات التي من المفترض أن تكون أكثر الأماكن تحصيناً بالقِبَاب الحديدية؛ بمعنى أن حزب الله ثبّت معادلةً جديدًة (ضاحية بيروت بضواحي تل أبيب) وبالمثل فَــإنَّ قصفَ بيروت يقابلُه قصف تل أبيب ولن تحميَ العدوّ الإسرائيلي قِبابُه الحديدية ولا الطائراتُ والقواتُ الأمريكية والغربية”.