استهداف وإحراق السفينة اليونانية (سونيون) .. ما الرسائل والدلالات؟
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
24 أغسطس 2024مـ -20 صفر 1446هـ
تقارير|| محمد الكامل
أشعلت القوات المسلحة اليمنية النيران، وأحرقت السفينة اليونانية (سونيون) بعد انتهاكها لقرار حظر مرور السفن إلى موانئ فلسطين المحتلة، وهو حريق شاهده العالم أجمع، وكتبت عنه وسائل الإعلام العالمية المتنوعة.
ويأتي هذا الاستهداف ضمن مسار متصاعد، بدأته القوات المسلحة اليمنية منذ عدة أشهر إسناداً للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية من قبل الكيان الصهيوني وحصار مستمر لأكثر من عشرة أشهر مضت.
وتميزت هذه العملية عن غيرها بأنها اشتملت على حرائق رهيبة طالت السفينة، ما جعل الكثير من المحللين يتساءلون عن نوعية السلاح المستخدم، أو كيفية الطريقة التي تم من خلالها استهداف السفينية، وما النتائج المتوقعة حيال ذلك؟
ويقول الخبير العسكري العميد مجيب شمسان إن المشاهد التي عرضتها القوات المسلحة اليمنية، وإعلامها الحربي حول استهداف سفينة النفط في البحر الأحمر، لها الكثير من الدلالات على اعتبار أن العملية تم تنفيذها بطريقة مختلفة، وبقوة نوعية، تظهر مدى تصاعد الرسائل اليمنية في مواجهة تحالف العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة.
ويوضح شمسان في تصريح خاص “للمسيرة” أن أبرز الرسائل التي وجهت بهذه العملية، هو استهداف بمستوى أكبر، فيما يتعلق بالسفن النفطية، والغازية، ما سبب في ارتفاع أسواق النفط بنسبة 1%، مضيفاً أن صنعاء أرادت من خلال مثل هذه العملية أن تبعث بمضامين مختلفة، فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، لا سيما وأن أكبر المستوردين، وأكثر من 7 ملايين برميل نفط تعبر من البحر الأحمر، وما نسبته 14% من الغاز التي تعبر من هذا المكان.
ويواصل حديثه: ” وبالنظر إلى ذلك يمكن توظيفها في المعركة خصوصاً وأنه لم تعد هناك خطوط حمراء فيما يتعلق بمواجهة تلك الجرائم والمجازر التي يرتكبها الأمريكي والصهيوني بحق قطاع غزة”.
ويزيد بالقول: ” وربما هناك رسائل أخرى موجهة إلى الشركات التي لا تزال تنتهك قرار الحظر بالوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة، كون استمرار محاولة تلك الشركات كسر قرار الحظر ستكون نتائجه وخيمة، خاصة وأن هذه السفينة تعتبر الثالثة التابعة لنفس الشركة، التي تقوم بانتهاك قرار الحظر، وبالتالي كان رفع مستوى الرسالة باستهدافها بذلك الشكل الذي أدى إلى احتراقها.
ويؤكد أن صنعاء لا يمكن أن تتهاون أمام كل تلك الجرائم والمجازر، وتنظر إلى الشركات التي لا تزال تنتهك قرار الحرب بأنها مشاركة في تلك الجرائم والمجازر، وهنا تكمن مضامين الرسائل المتعددة التي بعثتها القوات المسلحة اليمنية.
ويضيف أنه يمكن قراءة الرسائل والدلالات من جانب القوة المتصاعدة للقوات المسلحة اليمنية، وتطور قدراتها، وكذلك ما ظهر من خلال هذه العملية، بأن يد صنعاء هي العليا في البحر الأحمر، حيث تمكنت من صد القوات الأمريكية وإلى جانبها تحالف أسبيدس، وبات مسرح العمليات خاضعاً لظروف البحرية اليمنية، ولقواتنا المسلحة بشكل عام، التي تراكم قدراتها وامكاناتها، لتمتد مساحة المعادلة من البحر الأحمر، إلى خليج عدن، إلى البحر العربي، ومن ثم المحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، لإتمام السيطرة في ثلاثة بحار ومحيط، ضمن العمليات اليمنية الاسنادية لغزة.
جبهة فاعلية ومؤثرة
من جانبه يؤكد الخبير والمحلل العسكري اللبناني ناجي ملاعب أن استهداف السفينة اليونانية جاء لأنها لم تلتزم بقرار القوات المسلحة اليمنية بعدم العبور إلى موانئ فلسطين المحتلة، مؤكداً أن اليونان تجاهلت القرار اليمني، ولهذا تم استهدافها.
وأشار في تعليق له حول هذه الحادثة على قناة القاهرة الإخبارية إلى أن الاستهداف جاء في ظل تواجد القوات الأمريكية في البحر الأحمر، وكذلك البريطانية، والتي لم تلفح في تقديم أي مساعدة، موضحاً أن القوات المسلحة اليمنية لا تزال تستهدف أي سفينة تخالف قرارها، وهو موقف مبدئي لليمنيين، ولم تردعهم الغارات الأمريكية والبريطانية على بلادهم.
ولفت إلى أن استهداف السفينة لا يعني أن هذا هو الرد اليمني على “إسرائيل” التي قصفت ميناء الحديدة الشهر الماضي، فاليمنيون لا يزالون يخططون للرد، مبيناً أن هذه استراتيجية من قبل القوات المسلحة اليمنية، وهي مستمرة، سواء في ظل وجود القوات الأمريكية أو عدم وجودها.
ورأى أن الجبهة اليمنية هي جبهة إسناد لفلسطين المحتلة، وهي جبهة فاعلة ومؤثرة، كالجبهة اللبنانية، وقد استطاع اليمنيون اغلاق ميناء “أم الرشراش” وتعطيل الحركة الملاحية فيه، مؤكداً أن أمريكا ستعاني كثيراً إذا ما واصلت عملياتها ضد اليمنيين، وقررت إنهاء ما تسميه “التهديد اليمني في البحر الأحمر”.
كارثة بيئية
وأقر الأمريكيون والتحالف الأوروبي بالاستهداف للسفينة اليونانية، لكنهم ذهبوا لتصوير الأمر على أنه تهديد للبيئة البحرية، وأنه يعرض الأحياء المائية في البحر الأحمر للخطر.
وذكر تحالف “أسبيدس” التابع للاتحاد الأوروبي أن هذا الاستهداف يشكل خطراً ملاحياً وبيئياً وشيكاً، وهو المنطق ذاته الذي خرجت به وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عندما حذر من “كارثة بيئية في البحر الأحمر نتيجة الهجوم على الناقلة اليونانية في البحر الأحمر”.
وبحسب ما ذكر “البنتاغون” يوم الخميس، فإنه “من المرجح أن يتسرب النفط من السفينة مما قد يؤدي إلى كارثة بيئية”.
وتكرر سفيرة بريطانيا لدى اليمن التأكيد على أن الهجوم اليمني على السفينة اليونانية يهدد سواحل اليمن وصيادي الأسماك وينذر بكارثة بيئية”.
وأثارت هذه التصريحات للمسؤولين الأمريكيين والبريطانيين استياء الكثير من اليمنيين والمتابعين، معتبرين أن أمريكا والتحالف الغربي الذي يشارك إسرائيل الإيغال في الدم الفلسطيني، يبدو اليوم حريصاً على البيئة في البحر الأحمر، وهو نفاق واضح، يظهر مدى الوجه القبيح لهذه المنظومة الدولية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي علي جاحز إن البنتاغون الذي صفق أكثر من 60 مرة لإبادة شعب كامل في غزة، يقلق على الأسماك من كارثة بيئية في البحر الأحمر، بسبب غرق السفينة النفطية.
وأضاف: “أخبروه أن الأمر أخطر مما يتوقع، ذلك النفط قد يجعل البحر الأحمر قابلاً للاشتعال”، والله غالب على أمره.