الخبر وما وراء الخبر

السلام حزمة متكاملة وليس بالتقسيط

65

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
15 يوليو 2024مـ – 9 محرم 1446هـ

بقلم / عدنان باوزير

تغريدة (الثلاثة أيام) أطلقت سرب حمام ، كما أطلق تحذير السيد الأخير أو قل تهديده الأخير لتكون أكثر دقة ، أطلق كلاماً وحراكاً جديداً عن السلام ، ولكن هذا لا يكفي ، نعم هذا لا يكفي .
السلام لا يُجزأ تماماً كما هي الحرب بالضبط ، هل سمع أحدكم عن نصف طلقة أو ثلاثة أرباع صاروخ ، أو ربع ضغطة زناد ؟؟

كذلك هو السلام استحقاق متكامل ولا يأتي بالتقسيط ، كما أن اليمنيون لا يشحتون السلام من أحد ، لم يفعلوا ذلك في اشد لحظاتهم حرجاً فما بالك اليوم وهم في موضع القوة ، صحيح أنهم دعاة سلام ، ولطالما كان غصن الزيتون معقوداً على نواصي بنادقهم منذ اليوم الأول ، وما زالت أيديهم ممدودة بصدق للسلام ، ولكن السعودي هو من أتى الى صنعاء عارضاً السلام فلباه اليمنيون بمنتهى الجدية ، ولكن ذلك للأسف وكما أثبتت الوقائع اللاحقة لم يكن سوى مناورات كاذبة ومراوغات ثعالب وتكتيكات خبيثة وليست مساعي سلام حقيقية وما زال السعودي غارقاً في أوهامه ويراهن على حدوث معجزة ، معجزة لن تأتي وإذا ما أتت فسوف تكون لصالح اليمن لأن اليمن ليس لديه ما يخسره بينما لدى السعوديون الكثير.

لا يوجد لدى اليمنيون أي جزر ليقدموه ، لا يوجد لديهم غير صميل لفرض الحق وعلى السعودي أن يختار أما الصميل وأما السلامة .

عشر سنوات من الحرب ، عشر سنوات من التجارب الرهيبة تعلم حتى الحمار وتجعله يتكلم لغات ، ولكن الجارة الحمقى التي أعماها غرورها وغطرستها يبدو أنها لا تتعظ ، وكأن تمريغ أنفها في الوحل اليمني لا يكفيها ، لم تعتبر من دخان (بقيق) الأسود الكثيف ، لم تتعلم من مشاهد تبرز جنودها وقد تبللت سراويلهم على حدها الجنوبي ، ولم تنصدم كما انصدمنا نحن من مشاهد جنود كبستها الصادمة وهم يتساقطون من الخوف من أعلى شواهق الجبال كما تتساقط أحجار الدومينيو ، يهربون من هلاك محتمل الى هلاك أكيد كالسكارى ، وكأن القدر والجغرافيا كان يطبقان عليهم حد اللواط كما جاء في فقه السنة برميهم من أعلى الشواهق!

إذا أرادت السعودية أن تتعامل مع اليمن كخصم فلها ذلك ، رغم أن لا شيء يبرر تلك الخصومة ، ولكنها هي من تتوهم ذلك بل وعمدت هذه الخصومة بالدم والثأرات والدمار ، ولكن عليها رغم أنفها أن تحترم هذا الخصم النبيل ، وهي تعرف قبل غيرها حجم هذا الخصم (المفترض) ، وقد ظهرت كتابات واعترافات من كتابها يعترف بهذا النبل للأنصار عندما بدأت مرحلة الهدن ، هذا الخصم النبيل هو من سيحفظ لها رغم كل شيء ماء وجهها ، رغم أنها لا تستحق ولكن النبل في هؤلاء القوم الكرام خلق وسجية ، هي تعرف هذا جيداً ولكنها أحقاد الجِمال وضغائن الطائفية والغرور المقيت ، وهذه الأمور لا تصنع ببساطة سلام ، السلام لا تصنعه الا لغة العقل والمنطق والمصالح المشتركة ، إن كان في الحرب منطق وإن ظل في الجارة (الكوبرى) أي عقلاء.

لقد تصرفوا بقمة الاستفزاز واستنزفوا حلم قائد الأنصار النبيل ، والذي خرج بعد أن بلغ السيل الزُبى ليضع النقاط على الحروف ، وحتى وهو في عز انفعاله لم يجافي حلمه ولم يخرج عن طوره وكان حريصاً ومهذبا ونبيلاً في طرحه ولكنه عندما يغضب يغضب ، ورب غضبة في الحق دفعت عن الأمة مصائب وويلات وبلاء.

وختاماً كلنا نعرف أن السلام لا يُمنح أو يأتي على شكل تفضل أو منة من أحد ، ولكن السلام يُفرض ، يفرضه الميدان وتفرضه الوقائع ويفرضه توازن الرعب وهذا بالضبط ما تحقق اليوم حرفياً في الحالة اليمنية.

السلام الحقيقي لا تحققه تفاصيل صغيرة وملفات مفرقة كطائرة حجاج أو إلغاء قرار بنكي سخيف ومتهور وموغل في العدائية أقدم عليه مرتزق صغير ، بل هو حزمة متكاملة ، يكفي اليمنيون اقتتال ومعاناة وجوع وحصار وتمزق وتمزيق ، جلاء الاحتلال وعودة السيادة الكاملة وتوحيد العملة وصرف المرتبات وإصلاح الوضع المخرب والمزري ككل وإطلاق الأسرى الكل مقابل الكل وإغلاق كل الملفات المفتوحة ، هذه الحزمة المتكاملة هي التي تصنع السلام وليس مجرد ترقيعات مشوهة هنا وهناك ، سلام شامل وعادل يصنعه الشجعان الذين يمتلكون بأنفسهم إرادتهم وقرارهم .
باختصار الوضع ما عاد يحتمل ، وعلى السعودية أن تفهم وتقتنع وتيأس أن الوضع في اليمن قد تغير ، وإذا ما أرادت حقاً أن تجنح للسلام فعليها ببساطة أن ترفع يدها تماماً ونهائياً عن اليمن ، أو سوف يتم قطعها .
نقطة على السطر .