الخبر وما وراء الخبر

كيف تم تجيير منظمات المجتمع المدني باليمن لصالح المخابرات الأمريكية؟

26

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
14 يوليو 2024مـ – 8 محرم 1446هـ

استطاعت المخابرات الأمريكية وأجهزتها اختراق منظمات المجتمع المدني المحلية وتحويل مسارها من خدمة المجتمع اليمني وتوفير احتياجاته إلى تنفيذ الأهداف الأمريكية وتوفير متطلباتها الاستخبارية.

ونشرت الأجهزة الأمنية، مساء اليوم الأحد، اعترافات جديدة لشبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية الخاصة باستهداف منظمات المجتمع المدني وجعلها مصدراً أساسياً في تنفيذ الاحتياجات الاستخبارية الأمريكية في اليمن.

وبحسب اعترافات شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية، فقد جهزت الاستخبارات الأمريكية عدداً من البرامج الأساسية، يتم من خلالها الدخول لمنظمات المجتمع المدني المحلية وحرف مسارها بما يخدم الأمريكيين في اليمن.

رسم سياسات منظمات المجتمع المدني بما يخدم المخابرات الأمريكية

وفي هذا السياق يقول الجاسوس عبد المعين عزان: “برنامج المنظمات في المعهد الديمقراطي كانت تديره موظفة يمنية اسمها بشرى اللسواس، على أساس ظاهرياً يساعد على إنشاء وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني المحلية في الحياة العامة في اليمن وتقوية دورها”.

ويضيف: “ولكن أيضاً من الناحية المخابراتية والجانب الخفي لعمل البرنامج يكمن في استقطاب عدد كبير من منظمات، أو قيادات منظمات المجتمع المدني، والجمعيات المحلية في اليمن، ومن دون شك أيضاً أن هذه المنظمات لعبت دوراً كبيراً بعد أن تم تفريخها بشكل كبير”.

ويؤكد الجاسوس عزان أن المعهد الديمقراطي لعب دوراً كبيراً في تفريخ منظمات المجتمع المدني العاملة في الساحة اليمنية وتحويل ترتيب أولوياتها في توفير احتياجات المواطن اليمني بما يحقق احتياج السفارة الأمريكية وأجندته الاستخبارية في اليمن.

ويلفت إلى أن “العدد الكبير من الشخصيات التي تم استقطابها، وفروا مصدر للمعلومات أيضاً سواء للمعهد، أو لاحقاً للسفارة، أو للمخابرات الأمريكية من دون شك.

وأوضح أن من البرامج والمشاريع الأمريكية التي تم اعدادها لاختراق منظمات المجتمع المدني مشروع حوكمة منظمات المجتمع المدني، والذي تموله منظمة الجي آي زد، وهي منظمة ألمانية تهدف من خلال مشروع الحوكمة إلى توحيد الإجراءات والمعاير لإدارة منظمات المجتمع المدني، وذلك من خلال إعداد دليل يتضمن المعاير والإجراءات الخاصة بالحوكمة”.

ويضيف: “طلبوا مني عقد ورشة لعدد عشر منظمات قد كانوا اختاروها من محافظات مختلفة وحضرت معهم”، مشيراً إلى أن العاملين على المشروع هم عاصم العشاري و إلهام البعداني.

وبحسب الجاسوس محمد الوزيزة، فقد تضمنت الورشة تدريب الحاضرين من المنظمات التي تم اختيارها من المحافظات ومن بينها صنعاء على المعايير المحددة في الدليل على هيئة كتاب أعده استشاري خارجي من خارج المؤسسة، وهو الذي عمل تدريب للورشة.

بدوره يقول الجاسوس هشام الوزير إن “مشروع الـ RGP من أهم أعماله المخابراتية عملية الاختراق لمنظمات المجتمع المحلي وهذا دور يتشارك فيه هو والـ NDI ومبادرة الشراكة الأوسطية، وذلك من خلال تمويلها والدفع بها للعمل على تحقيق الأجندات الخاصة بالـ CIA، والارتباط كذلك بشخصياتها وهؤلاء المعنيين في قسم الـ CIA عبر الدبلوماسيين الأمريكيين أنفسهم”.

ويضيف: ” مثلاً على سبيل المثال، إذا تم تمويل منظمة في مأرب لعمل مشروع عن حقوق المرأة يتم لاحقاً الاستفادة من رئيس هذه المنظمة، واستدعائه من قبل الـ CIA لتحويله إلى مخبر، لتحديد أماكن ما يسمى بتنظيم القاعدة، أو تحديد مشايخ يمكن تجنيدهم للعمل مع الأمريكيين، مبيناً أن هذه هي الطريقة التي كان يتم الاستفادة بها من هؤلاء تحت أغطية المشاريع، أو أغطية المساعدات، أو أغطية التوظيف، أو أي غطاء آخر”.

“الشراكة الشرق أوسطية”.. منفذ الأمريكان لاختراق المجتمع المدني

وعن عنوان “مبادرة الشراكة الشرق أوسطية” يقول الجاسوس عبد القادر السقاف إن المبادرة هي تعنى بالتعامل المباشر مع المنظمات المجتمع المدني، وعبر هذه المنظمات كانت تحاول كسب الناس والتعامل مع الشباب والشابات وإقامة دورات”.

ويضيف:”وكان لهم مكتب خاص يتعامل مع هذه المنظمات، عن طريق برنامج يسمى شراكة الشرق أوسطية “ميبي” وكان الدور لنشر وعي مخالف، التحرك وسط المجتمع المدني بين الشباب والمرأة، فهذا كان دور من الأدوار السلبية التي كانت تقوم بها السفارة الأمريكية”.

من جهته يقول الجاسوس عبد المعين عزان :”تمثلت أدواري ومهامي الاستخباراتية من خلال مبادرة الشراكة الشرق أوسطية من خلال عملي كمسؤول إداري لها في أولاً الحفاظ على العلاقات بشكل جيد مع الناس الذين قد كان تم استقطابهم من ممثلي منظمات المجتمع المدني والجمعيات المحلية والمؤسسات في المناطق المختلفة في اليمن ثم ربطهم أيضاً بالسفارة الأمريكية واستمرار التواصل معهم بغرض الحصول على المعلومات منهم بحسب ما يطلبه القسم السياسي وتطلبها السفارة”.

ويتابع “وأيضاً تجنيد شخصيات جديدة لممثلي منظمات جديدة واستقطابهم ومن هؤلاء الناس يتم الحصول على معلومات بحسب ما يتم الطلب من السفارة الأمريكية. وأيضاً تجنيد واستقطاب وكانت تتم أعمال الاستقطاب أولاً بدرجة أساسية للمنظمات والشخصيات الممثلة لهذه المنظمات التي كانت تتلقى منحاً مالية من المبادرة”.

وعن الآلية التي تعمل عليها مبادرة الشراكة شرق أوسطية يقول الجاسوس عزان: “أولاً في البداية تم أخذ المنحة المالية، ويبدأ التواصل معه أو مع الشخص المسؤول عن المنظمة، أو الشخص المسؤول عن المشروع، ويتم التواصل معه بخصوص المشروع لفترة معينة، وتتقوى العلاقة، ويتم استقطابهم بعد اجتياز عدة مراحل، ويتم ترشيحهم للزائر الدولي وغيرها، وللمشاركة في مؤتمرات أو فعاليات كانت يعني مثلاً منظمة شريكة من المنظمات الدولية الميبي تطلب فيها ترشيحات من فاعلين ممثلين منظمات محلية”.

عنوان “المساءلة المجتمعية”.. مدخل اختراق آخر

وفي السياق ذاته يقول الجاسوس شايف الهمداني :”هناك من منظمات المجتمع المدني أشخاص وأفراد في منظمات المجتمع المدني تم بناؤها من مراحل متقدمة، مراحل مبكرة جداً، وشاركوا في برنامج الزائر الدولي شخصيات معروفة، فيما يتعلق بالمجتمع المدني، وأيضاً تدرجوا في مناصب في السلم الحكومي حتى وصلوا إلى وزراء في حقوق الإنسان، ويستطيعون أن يجمعوا ويسيطروا على عدد كبير من منظمات المجتمع المدني في الجمهورية كاملة، فكان يتم الاستثمار في هذه الشخصيات بين مختلف مكاتب ووكالات السفارة الأمريكية”.

بدروه يقول الجاسوس عبد القادر السقاف “بعض اللقاءات التي تتم في صنعاء من خلال دورات، أو ورش، أو حتى لقاءات خاصة في المقرات مع قيادات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية، وكان يتم إرسال البعض منهم إلى دورات، أو زيارات برامج، وزيارات استطلاعية إلى أمريكا، ويتم هناك تكثيف اللقاءات والتقارب إلى حد أن يتم استقطابهم وتجنيدهم في مجالات معين، لكي يرجعوا ليقوموا بأدوار مطلوب منهم في أوساط المنظمات في المجتمع المدني التي يعملون فيها، فتبدأ الصراعات تكثر والنزاعات”.

ومن المشاريع التي عملت عليها الاستخبارات الأمريكية في اختراق منظمات المجتمع المدني مشروع يسمى “المساءلة المجتمعية”، وهو مشروع ممول من الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية، ويتضمن تدريب خمس منظمات مجتمع مدني في خمس محافظات على الدليل الذي تم إعداده في السنة الماضية على الأداة التي تم إعدادها في السنة الماضية، الذي هو جلسات الاستماع المجتمعية، والتي كان يدور فيها كدليل إجرائي أنه كيف تقدر أنت كمنظمة تعقد جلسة استماع مجتمعية”.

ويضيف: “تم بعد ذلك تحديد قائمة قصيرة لمن هي المنظمات التي ممكن اختيارها والتي عندها الكفاءة أصلاً، وقد اشتغلت في المحافظات، أو قد اشتغلت في جانب المساءلة المجتمعية من سابق، ثم تم اختيار خمس منظمات، وكان الفريق الذي يشتغل أنا وإلهام وعاصم كنا نشتغل في هذا الجانب”.

ويزيد قائلاً: “بعد أن تم اختيار المنظمات تم البدء بعد ذلك بالتنسيق لعقد ورشة تدريب على الدليل للمنظمات هذه، وتم عقد هذه الورشة في محافظة عدن”.

وعلى الصعيد ذاته، أظهر تسجل صوتي للجاسوس رأفت الأكحلي من ورشة لتدريب العناصر على تنفيذ أنشطة المساءلة المجتمعية للجاسوس، حيث يقول “المفهوم الذي احنا اشتغلنا عليه هو محاسبة، ولكن بطريقة ممكيجة ملطفة بطريقة تشاركية وكانت الفكرة أن ينزل الشباب واللجان التي شكلناها للمساءلة المجتمعية، ليلتقوا مع المعنيين مع مدير مكتب التربية في المديرية، و مع مدير الصحة، ويبدأون يشرحون لهم طبيعة العمل مبدئياً”.

ويتابع: “قبل أن تعمل أي حاجة ابدأ وضح له الفكرة أنه أنا جئت لأجل نبني ثقة مع بعض، ونشتغل.. كان في تحفظات كثيرة طبعاً في البداية، وهذا متوقع، ولكن شوية شوية لما الآلية الخاصة بالمساءلة اتضحت، ثم بدأ الناس يثقون، وبدأنا نحصل على المعلومة بسهولة، ليس كل المعلومات طبعاً، ولكن في معلومات كثيرة حصلنا عليها”.