الخبر وما وراء الخبر

السيد القائد يضع العدو السعودي أمام أسوأ مخاوفه.. العين بالعين وليحدث ما يحدث

24

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
8 يوليو 2024مـ – 2 محرم 1446هـ

مع بداية التصعيد الاقتصادي الأمريكي ضد اليمن من خلال قرار نقل البنوك والمصارف التجارية من العاصمة صنعاء والذي جاء برعاية سعودية، وجه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي تحذيراً للنظام السعودي من “صب الزيت على النار”.

هذا تعبير دقيق كان المراد منه توضيح حقيقة هامة هي أن الوضع لا يزال وضع حرب وحصار، وأن تصعيد كهذا لن تكون آثاره بسيطة وقابلة للالتفاف عليها، ولكن الرياض -كالعادة- أساءت التقدير ومضت في التصعيد، لتصطدم هذا الأسبوع بإنذارات أخيرة هي الأشد وقعاً وحدة منذ أكثر من عامين، أعاد فيها القائد وضع العدو السعودي أمام معادلات (العين بالعين) التي يستطيع أن يتذكر جيداً أنها كانت من أكبر الأسباب التي أجبرته على اللجوء إلى التهدئة، مع فارق أنها هذه المرة ستحمل الكثير من التطورات والمعطيات الجديدة التي ستجعل خسائره أشد وأكبر.

الإنذارات التي وجهها السيد القائد في خطاب حلول العام الهجري الجديد، كانت واضحة ومباشرة وحادة وغير مسبوقة منذ إعلان الهدنة في ابريل 2022، وهو ما يمثل صدمة قوية للنظام السعودي الذي يبدو بوضوح أنه كان قد تبنى قراءة خاطئة للوضع استنتج فيها أن صنعاء ستكون “مقيدة” أمام التصعيد الاقتصادي والإنساني، بحكم حرصها على إنجاح تفاهمات السلام، وأيضاً بحكم انشغالها بمعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس إسناداً لغزة، ولعله ظن أيضاً أن المبررات التي قدمها طيلة الفترة الماضية بشأن تعرضه “لضغوط أمريكية” تجبره على المماطلة في السلام قد انطلت على صنعاء وأزاحت عنه مسؤولية ما يترتب على أي تصعيد جديد.

لقد حرص السيد القائد على أن ينسف التقديرات السعودية الخاطئة بأوضح التعبيرات الممكنة بما في ذلك الإعلان الصريح والمباشر عن الاستعداد لمواجهة “ألف ألف مشكلة” والتأكيد على أن الانشغال بمعركة إسناد غزة لن يقيد الشعب اليمني عن الرد على التصعيد، والتحدي الواضح للنظام السعودي بأن “يجرب” حظوظه في التورط مع الأمريكيين بالتصعيد، بالإضافة طبعاً إلى الإعلان عن معادلات الرد على التصعيد (البنوك مقابل البنك، والموانئ مقابل الميناء، والمطارات مقابل المطار)، وهي معادلات عرف النظام السعودي بعض تأثيراتها المدمرة بشكل ملموس خلال سنوات العدوان الماضية.

وعلى عكس ما كانت السعودية تحاول ترويجه بشأن مدى إيجابية موقفها طيلة الفترة الماضية، فقد أشار السيد القائد بوضوح إلى أن موقف صنعاء والشعب اليمني خلال فترة خفض التصعيد كان منطلقاً من إعطاء الأولوية لمعركة إسناد الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن الصبر على المماطلة السعودية لم يكن له علاقة بتصديق ألاعيب وخدع النظام السعودي بشأن حرصه على السلام، وهو ما يؤكده نفاد هذا الصبر الآن والإعلان الواضح عن الاستعداد للعودة إلى التصعيد بشكل أوسع وأشد لانتزاع حقوق الشعب اليمني والرد على العدوان الاقتصادي ضده.

ووفقاً لذلك يمكن القول إن قائد الثورة جرد النظام السعودي من كل الأوهام التي كان قد تعلق بها على امتداد أكثر من سنتين بشأن الالتفاف على استحقاقات وتداعيات موقفه العدواني تجاه اليمن، وألقى به إلى مربع مخيف للغاية لا تقتصر مخاطره على عودة التصعيد العسكري واستهداف الاقتصاد السعودي (وهو الأمر الذي مثل مشكلة كبرى للرياض خلال سنوات العدوان) فعودة التصعيد هذه المرة ستكون – كما أكد القائد بشكل واضح- أشد وأوسع مما كان خلال السنوات الماضية باعتبار المواجهة اليوم مباشرة مع العدو الصهيوني والعدو الأمريكي، وهو ما يعني أن نوعية العمليات التي سيتعرض لها العدو السعودي ستكون حاسمة وعقابية وستحدث تحولات كبيرة لن تستطيع الرياض تجاوزها سياسيا ولا اقتصاديا ولا عسكريا.
وفيما كانت السعودية تعمد دائما إلى البحث عن ألاعيب التفافية لتفادي انفجار الأوضاع مستخدمة غطاء “خفض التصعيد” للجوء إلى طاولة المفاوضات، والتلويح بالقليل من الإيجابية المشوبة بالكثير من المراوغة والتعنت ومحاولات كسب الوقت، فإن الإنذارات الأخيرة التي وجهها قائد الثورة لا تترك أي مساحة للألاعيب، فليس أمام السعودية سوى خيارين: إنهاء تورطها في التصعيد الاقتصادي والإنساني، أو الذهاب نحو جولة تصعيد جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات المرعبة بما في ذلك تلقي ضربات مركزة وغير مسبوقة على منشآتها الحيوية والاقتصادية، وهو ما يضع الرياض في اختبار حساس أمام التوجهات والرغبات الأمريكية التي تدفعها نحو التورط في التصعيد بشكل واضح.

لقد حاولت السعودية طيلة الفترة الماضية أن تستخدم عنوان “الضغوط الأمريكية” لتفصل نفسها عن واقع المعاناة المستمرة للشعب اليمني، وتمسك عصا السلام من المنتصف بصورة تتيح لها المجال لمواصلة استهداف الشعب اليمني خلف واجهة المرتزقة، وفي نفس الوقت التهرب من تداعيات ذلك الاستهداف بحجة تعرضها لضغوط، لكن الإنذارات الأخيرة لقائد الثورة وضعت السعودية بشكل واضح وحاسم أمام مسؤولية اختيارها للخضوع للرغبات الأمريكية لأن ما يدور حاليا هي معركة مباشرة مع الولايات المتحدة ولا مجال لأي أعذار فيها، فإما أن تفصل الرياض نفسها عن الجبهة الأمريكية المفتوحة ضد اليمن، وإما أن يتم اعتبارها جزءا من تلك الجبهة المشتعلة، ولا يوجد خيار ثالث.