الخبر وما وراء الخبر

كيف دمرت المخابرات الأمريكية البذور والقطاع الزراعي في اليمن؟

29

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

7 يوليو 2024مـ -1 محرم 1446هـ

مثلت اليمن بيئة خصبة للأمريكيين للعبث بخيراتها عبر العملاء والجواسيس المحليين، والذين لم يتركوا شيئاً إلا وتدخلوا فيه.

ويعد القطاع الزراعي واحداً من أبرز القطاعات التي حظيت باهتمام كبير من قبل المخابرات الأمريكية، وعملت بجد كبير على نسج الخطط، وحبك المؤامرات لتدمير القطاع الزراعي، وتحويل اليمن من بلد مكتفٍ ذاتياً، إلى مستورد لكل شيء، وهو عمل لم يكن لينجح لولا عاملين اثنين: الأول، وجود خونة من الداخل، من المسؤولين سهلوا وتواطؤ مع الأمريكيين في تمرير تلك المخططات، والثاني، وجود الجواسيس والعملاء الذين نفذوا على الأرض كل المهام القذرة لأمريكا داخل اليمن.

وبدأ استهداف القطاع الزراعي، من خلال محاربة “البذور”، فالبذرة هي أهم مرتكز في الزراعة، فإذا صلحت صلح الزرع كله، وإذا فسدت فلن يكون هناك محصول، ولذا فإن المتابع للوضع الزراعي في اليمن، يلحظ بوضوح مدى الخراب والدمار الذي أصابه، وفي مقدمة ذلك زراعة القمح.

لقد تحول اليمن السعيد، الذي كان يزرع أجود أنواع القمح، إلى بلد مستورد للقمح الأمريكي، والأسترالي، وغيره، في خطوة أرهقت خزينة الدولة، وضاعفت من فاتورة الاستيراد.

آفات وأمراض غير معروفة

وفيما يخص البذور يؤكد مدير عام المؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة المهندس عبد الله الوادعي أن أعداء اليمن كانوا ينشرون بذوراً سريعة الانتشار، ولهذا عندما يصاب حقل المزارع يكلفه جهداً كبيراً، فيترك الزراعة.

ويقول المهندس الوادعي في حوار له نشرته صحيفة “اليمن الزراعية” في عددها يوم أمس السبت إن الكثير من المحاصيل الزراعية كانت تتعرض لأمراض لا يعرفها اليمنيون، ولم يتعودوا عليها وهناك أمراض فطرية كانت نتائجها وخيمة على المزارعين، لافتاً إلى أن الأمريكيين، وعبر المنظمات جمعوا بذوراً كثيرة من اليمن ومن ضمن الاستهداف أنهم كانوا يأخذون بذور تهامة إلى صعدة وبذور الجوف إلى تهامة بهدف افقار المزارعين.

ويشير المهندس الوادعي إلى أن اليمن بلد زراعي بامتياز، وأنه كان مكتفياً ذاتياً من الحبوب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، على الرغم أن المزارعين لم تكن لديهم حراثات، أو سيارات نقل، ولا مواد حديثة لنقل الحبوب والبذور، وكان كله مجهود عضلي؛ ومع ذلك كان الشعب اليمني زراعي بامتياز، بل ويصدر إلى الخارج.

لكن، ما الذي حدث حتى تحول اليمن إلى بلد مستورد، ومعتمد في قوته على الخارج؟

تكشف شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية جانباً مهماً في الإجابة عن هذا التساؤل، وهو أن المخابرات الأمريكية عملت على استهداف القطاع الزراعي في اليمن، ومحاربة الزراعة بطرق مباشرة وغير مباشرة، فتحولت الأراضي الخضراء إلى قاحلة، وتبدل الاعتماد على النفس، إلى الاعتماد على الغير.

لقد بدأ الأمريكيون عبر عملائهم بسحب كل البذور اليمنية، وجمعوا عن طريق المنظمات بذوراً كثيرة، وكانوا يعملون على استهداف الزراعة من خلال نقل بذور تهامة إلى صعدة، وبذور الجوف إلى تهامة، بحيث يفقرون المزارعين، فعندما يخسر المزارع مرة، ومرتين وثلاث يترك الزراعة، ويذهب يبحث له عن مصدر دخل آخر.

ومن ضمن ما قامت به الخلية التجسسية في البذور أيضاً ادخال بذور مصابة بالآفات منها اللفحة النارية، حيث كانت المحاصيل الزراعية تتعرض للإصابة بالأمراض، لم يكن المزارعون اليمنيون يتعودون عليها، وإذا أرادوا مكافحة هذه الأمراض، فإنهم يضطرون لشراء مبيدات من الخارج، وهي تأتي من الأمريكيين أنفسهم.

وإلى جانب الأمراض، عمدت المخابرات الأمريكية على نشر الحشائش الشوكية لتدمير التربة الزراعية في اليمن، وقد نشروا البذور الشوكية في قاع البون وقاع جهران، وإلى الآن لا تزال هناك بذور في قاعة شرعة، فعندما تزرعها والقمح موجود يحصل تنافساً ما بين القمح، والعلف والحشائش، فالحشائش بطبيعتها بتكون قوية، وتتغلب على القمح، ولذلك يقل انتاج القمح، مما يتراجع انتاج المزارعين، والكلام هنا للمهندس الوادعي.

لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل عملت الوكالة الأمريكية للتنمية على استهداف التربة الخصبة وتلويثها بالبذور الملقحة بالأوبئة والأسمدة الضارة تحت عنوان توزيع البذور المحسنة التي تؤدي الى مضاعفة الإنتاج الزراعي، وعملوا على إنهاء الموروث الزراعي اليمني، وأخذوا البذور اليمنية، وتم تخزينها في بنوكهم.

دور بريطاني خبيث

وبحسب اعترافات الجواسيس، فإنهم عملوا على نشر البذور الملقحة، والهدف من ذلك جعل التربة غير صالحة لزراعة القمح، أو أي نوع من أنواع الحبوب، وهنا يفضح الجواسيس الدور البريطاني الخبيث في هذا الجانب، فأحد المشاريع البريطانية كان له الدور الرئيس في نشر أصناف من البذور المحسنة المهجنة ذات السمية العالية أو تلك المصابة بالأمراض.

ومن ضمن الأدوار الخبيثة التي نفذها الجواسيس، ما أقر واعترف به الجاسوس الأغبري، حيث قام بنقل الشتلات المطعّمة بالحشرة القشرية، ونشرها في المحافظات الشمالية الشرقية والمحافظات الوسطى، وتم استقدام الآلاف من شتلات الحمضيات المطعمة بالحشرات والأوبئة من أمريكا تحت غطاء العمل على توسيع زراعة الحمضيات في اليمن.

كان الهدف من نشر الحشرة القشرية، هو العمل على إتلاف أوراق الثمرة، وخفض مستوى انتاجها، كما تم نشر بعض الحشرات ومنها البق الدقيقي، والمن الأسود، بموافقة مختصين في وزارة الزراعة، وهذه الحشرات لا تزال تشكل مصدر ازعاج للكثير من المزارعين اليمنيين، الذين لم يتمكنوا من القضاء عليها حتى يومنا هذا.

ليس كل ما ذكرناه أعلاه، هو كل عمل الجواسيس والمخابرات الأمريكية للقضاء على الزراعة في اليمن، بل هناك أعمال كثيرة، ومؤامرة خطيرة، شارك في رسم ملامحهم، ونسج خططها، أكبر جهاز مخابراتي في العالم، وبمعية خونة وجواسيس يمنيين تحولوا إلى جنود وخدم للأمريكيين.