الخبر وما وراء الخبر

تعاظم تأثيرات العمليات البحرية اليمنية على الاقتصاد الأمريكي

22

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
30 يونيو 2024مـ – 24 ذي الحجة 1445هـ

تستمر خسائر الاقتصاد الأمريكي بالتصاعد مع تصاعد العمليات البحرية اليمنية واتساع نطاقها، الأمر الذي يفتح مسار الارتداد العكسي الكبير لتأثيرات العدوان الأمريكي البريطاني

على آفاق مقلقة للقطاعات التجارية والصناعية داخل الولايات المتحدة، والتي بدأت تعبر بوضوح عن مخاوف من التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي والوصول بسرعة إلى نفس تأثيرات أزمة وباء كورونا على حركة الشحن نتيجة الارتفاع المتسارع لتكاليف النقل والتأمين والتأخيرات المستمرة في وصول البضائع والمواد الخام، في ظل الفشل الكبير والفاضح لواشنطن في الحد من العمليات اليمنية، وهو ما يبقي وقف الإبادة الجماعية في غزة على واجهة المشهد كحل وحيد لا بديل عنه.

خلال الأيام القليلة الماضية عبرت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية عن مخاوف قطاع الشحن في أمريكا من التوجه نحو أزمة تشبه ما حدث أثناء فترة وباء كورونا، حيث قفزت أسعار شحن الحاويات من الصين إلى الولايات المتحدة، ووصلت إلى 8 آلاف دولار للحاوية الواحدة، وهو أربعة أضعاف التكلفة في ديسمبر الماضي.

وبحسب منصة “فرايتوس” لبيانات الشحن فإنه من المتوقع أن يقفز السعر إلى 9 آلاف قريبا، فيما يتوقع جميع الخبراء والمراقبين ألا يتوقف الارتفاع بدون توقف الهجمات اليمنية، وهو ما يعني الاقتراب بسرعة من مستويات أسعار فترة الوباء والتي وصلت إلى 15 ألف دولار، و20 ألف دولار للحاوية الواحدة.

ولا يتوقف الأمر على ارتفاع تكاليف النقل، إذ تؤكد مختلف التقارير أن التأخيرات الكبيرة الناجمة عن تحويل مسار السفن المتجهة إلى الولايات المتحدة تسبب اضطرابات كبيرة في حركة الإنتاج نتيجة عدم الحصول على المواد الخام في الوقت المطلوب، وهو ما يمتد أثره إلى بقية جوانب الحركة التجارية.

وزادت هذه التأثيرات بشكل أكبر بعد غرق السفينة “توتور” التي استهدفتها القوات المسلحة اليمنية في وقت سابق هذا الشهر نتيجة انتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة، حيث أدى ذلك أيضا إلى ارتفاع تكاليف التأمين على السفن بأكثر من ضعفين حيث كانت تمثل 0.3% من قيمة السفينة، والآن أصبحت أكثر من 0.6% من قيمة السفينة، مع استمرار العديد من شركات التأمين برفض تغطية السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والعدو الصهيوني وبريطانيا.

وقال تقرير نشره موقع “بنك الولايات المتحدة” التابع لمؤسسة “يو إس بانكروب” المصرفية الأمريكية، إن هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، “كان لها التأثير الأكبر على سلسلة التوريد في الربع الأول من هذا العام”، وهو الربع نفسه الذي أكد تقرير البنك أنه شهد “تباطؤا في نمو الاقتصاد الأمريكي وصل إلى معدل سنوي قدره 1.3% بعد أن كان في العام الماضي 2.5%”.

وأكد التقرير أن هناك مخاوف من أن استمرار الهجمات اليمنية “سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن بشكل أكبر، الأمر الذي قد يكون له آثار تضخمية”.

ونقل التقرير عن روب هاوورث، كبير مديري استراتيجية الاستثمار في إدارة الثروات في بنك الولايات المتحدة قوله: “لم نصل بعد إلى نفس النقطة التي كنا عليها خلال ذروة مشكلات سلسلة التوريد قبل عدة سنوات (أثناء فترة الوباء)، ولكن هناك بعض المخاطر”، مشيرا إلى أن “هناك تخزينًا لمخزونات السلع، ولذلك إذا ارتفع الطلب فجأة، فقد تكون هناك حاجة إلى زيادة الإنتاج”.

وأوضح التقرير أن “مشاكل سلسلة التوريد أثرت على مجموعة أوسع من المنتجات، فقد واجهت بعض الشركات صعوبة في مواكبة الطلب، أو الحصول على المكونات اللازمة لتصنيع المنتجات أو إيجاد عدد كاف من العمال لتلبية احتياجات الإنتاج، وبالإضافة إلى ذلك، نشأت تحديات النقل، بما في ذلك زيادة حركة الشحن في بعض الموانئ ونقص سائقي الشاحنات لنقل البضائع لمسافات طويلة”.

ونقل التقرير عن توم هاينلين، استراتيجي الاستثمار الوطني في بنك الولايات المتحدة قوله إن “ارتفاع التضخم يعكس تقييد المعروض من السلع في الوقت نفسه الذي يوجد هناك طلب قوي على كثير من تلك السلع نفسها”.

وبحسب تقرير نشره موقع “وود سنترال” الأسترالي فإن هجمات البحر الأحمر قد أثرت على ما قيمته 50.8 مليار دولار من البضائع الأمريكية.

هذه التأثيرات والمخاوف المعلنة تعني أن استمرار الإبادة الجماعية في غزة، وبالتالي استمرار وتصاعد العمليات اليمنية، سيجعل الاقتصاد الأمريكي ينزف بشكل أكبر وبمستوى لن تستطيع الولايات المتحدة احتواءه حتى على المستوى الإعلامي، خصوصا في ظل تزايد شدة الضربات اليمنية وإدخال أسلحة ذات قوة تدميرية كبيرة كالزوارق المسيرة التي تستطيع إحداث أضرارا يمكن أن تدفع أسعار الشحن والتأمين للسفن الأمريكي بسرعة نحو مستويات فترة وباء كورونا، مع تأثيرات إضافية.