الخبر وما وراء الخبر

كيف سخرت السفارة الأمريكية شبكات التنصير والتبشير لاستهداف الثقافة في اليمن؟

18

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
29 يونيو 2024مـ – 23 ذي الحجة 1445هـ

واصلت الأجهزة الأمنية مساء اليوم السبت نشر اعترافات أعضاء شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية التي تم الكشفت عنها مؤخراً بعد القبض عليها ضمن عملية مخابراتية دقيقة ناجحة هي الأكبر في تاريخ اليمن.

وفيما كانت شبكة التجسس المقبوض عليها، هي بوابة أمريكا للتغلغل في الشأن اليمني عبر مختلف المجالات “الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والزراعية”، فقد كان القطاع الثقافي هو أحد بوابات واشنطن لتنفيذ حربها الناعمة والخبيثة ضد أبناء اليمن، في محاولة منها لترويض المجتمع على تقبل العديد من الشعارات الزائفة والكاذبة والمسميات التي تخدم الكيان الصهيوني في المنطقة.

الجاسوس عبدالمعين عزان، كان أحد أبرز العملاء والخونة المتعاونين مع أمريكا في استهداف قطاع الثقافة باليمن، حيث أوضح في سياق اعترافه الجديد، السبت، قائلاً: “كان أثناء دراستي الجامعية أن تواصلت من خلال استماعي لمحطات الإذاعية تبشيرية تحديدا إذاعة كان اسمها صوت الغفران، كنت أراسلهم بغرض الحصول على مطبوعاتهم ومنشوراتهم وتحديدا ما يسمى بالكتاب المقدس والإنجيل، وبالفعل وصلتني منهم ردود وفي هذا الردود تم ربطي من خلال هذا الردود بأشخاص متواجدين في اليمن من الجنسية الأمريكية يعملون في مجال التبشير والتنصير أذكر منهم شخص يدعى “فيليب” وشخص آخر يدعى “راد” وكان يسمي نفسه “رايد” لكي يكون قريب من اليمنيين يستطيع أن ينفذ إلى اليمنيين بالتسمية هذه وكنت على اتصال بهم أثناء دراستي الجامعية”.

وأشار الجاسوس عزان، إلى أنه وبعد الدراسة الجامعية التحق بالعمل مع “رايد” الذي كان يعمل في “أطلنتا” وهي إحدى الشركات التي الأمريكية التي كانت متواجدة في اليمن والتي كان لها نشاط تبشيري وكان هناك عدد من الشركات الأمريكية والجهات الأمريكية منها منظمات ومنها مؤسسات تعليمية كمدارس ومعاهد وغيرها، وكان الأمريكان يدخلون البلد تحت ستار “مدرسين وأكاديميين ومهندسين وأطباء وغيرهم” بينما الحقيقة هم يعملون مع المنظمات التبشيرية في اليمن، وكان لها نشاط تبشيري يتمثل في توزيع الكتب والمطبوعات والملصقات المسيحية وغيرها، بالإضافة إلى أنه كان لهم أنشطة أخرى وهي عقد اللقاءات مع الأشخاص الذين كانوا يراسلوا الإذاعات المسيحية والتبشيرية وغيرها وكانوا يقيموا صلوات وغيرها، مؤكداً انضمامه اليهم وكانوا يقيمون طقوس معينة واجراء يسمى “تعميد” للذي سيلتحق بالدين المسيحي، والتعميد هو عبارة هن صب ماء فوق الرأس أو أنهم يدخلوه في حوض ملئ بالمياه.

وأفاد عضو الخلية المقبوض عليها، أنه كان يزاول نشاط آخر من خلال مرافقة الأمريكي “رايد” أو غيره، من أجل مقابلة الشباب الذين يرغبون في الدخول بالدين المسيحي من اليمنيين، بالإضافة إلى أنه كان يشارك في صلواتهم أو أدعيتهم المسيحية، كما كان له مساهمة في ترجمة الكتاب المقدس وبالذات تحديدا الأناجيل ومراجعة الترجمات، حيث كانت الترجمات باللهجات المحلية لاسيما اللهجة الصنعانيه وغيرها.

ولفت الجاسوس عزان، إلى أن الجهات التبشيرية العاملة في اليمن كثيرة ومتعددة لكن كانت في أغلبها منظمات تتبع المؤسسات أو الكنائس البروتستانتية في أمريكا لأنه يوجد فرق بين الكنائس الكاثوليكية التي ليست على وفاق كثير مع اليهود ودائما ما كان يحملوا اليهود تاريخياً مسؤولية قتل المسيح، وإن كانوا تراجعوا مؤخرا بسبب ضغوط اللوبي الصهيوني، لكن بقية الكنائس البروتستانتية وهي الكنائس المشهورة والمنتشرة في أمريكا وهي كنائس ذات علاقة قوية بالصهيونية لأنها تربط فكرة عودة المسيح بقيام دولة إسرائيل ونصرة اليهود، وبالتالي تقوم تلك الكنائس بجمع تبرعات داخل أمريكا وغيرها من المسيحيين لدعم اليهود ودعم إسرائيل، وتتذرع بذرائع واهية وخرافية وتقنع المسيحيين بأنه في حال قامت دولة إسرائيل وتطورت ومسكت وسيطرت، فإن المسيح عندها سيعود سيرجع، حيث وهم متوهمون بأن عودة المسيح مرتبطة بقيام دولة إسرائيل وبنجاحها وبنجاح سيطرتها على المنطقة كلها تقريبا، وبالتالي هم ينشطوا في هذا الجانب كثيرا سواء داخل أمريكا أو في معظم البلدان العربية والإسلامية بما في ذلك اليمن.

وكشف الجاسوس عزان في اعترافه الجديد، أن هناك الكثير من الجهات التي تمارس هكذا أنشطة في اليمن، بينها منظمات مشهورة ومعروفة لا تزال عاملة في اليمن ابرزها منظمة “إدراء” وهي منظمة تتبع الكنيسة السبتية، والسبتية أنها تقدس يوم السبت وتعتبره يوم اجازه عندهم رغم انهم مسيحيون يوم اجازتهم الأحد، ويعني أنهم يتبعون التوراة أكثر من ما يتبعون الإنجيل وإن كانوا مسيحين، وهم من الناس الذي يرون ان عودة المسيح مرتبط بقيام دولة إسرائيل وبانتصار إسرائيل وبعظمة إسرائيل، بالإضافة إلى منظمات أخرى من المنظمات أذكر ايضاً منظمة “رؤية أمل” وهي تنشط في هذا المجال وتتبع الكنائس البروتستانتية المرتبطة بالصهيونية العالمية وتدعم فكرة قيام دولة إسرائيل.

منظمة دار السلام.. وكر للمخابرات الأمريكية

وفي إطار المخطط الأمريكي الصهيوني لاستهداف القطاع الثقافي باليمن، على مدى عقود من الزمن، تطرق الجاسوس عبد المعين عزان، إلى منظمة “دار السلام” التي كانت من أبرز المنظمات المحلية المرتبطة بأدوار مخابراتية مشبوهة مع العدو.

وذكر الجاسوس عزان، أنه بدأ العمل في منظمة “دار السلام” مع بداية العام 2018، وهي منظمة محلية أنشأها شيخ قبلي كان على علاقة وثيقة بالمعهد الديمقراطي الأمريكي، وهي منظمة قديمة في اليمن وقد أنشأت بدعم وتوجيهات من المعهد الديمقراطي الأمريكي، تحت شعار “حل النزاعات” وقد ارتبطت “دار السلام” ارتباطاً مباشراً بالسفارة الأمريكية وسفارات أخرى وعدد من المنظمات الدولية، ولعبت أدواراً كبيرة في دعم الأجندات الأمريكية الإسرائيلية باليمن.

وبين الجاسوس عزان، أن من ضمن الأدوار المشبوهة التي لعبتها منظمة “دار السلام”، هو إعداد الدراسات والمسوحات الواسعة والبحوث حول القبيلة اليمنية وحول النزاعات وأسباب هذه النزاعات وغيرها وطرق حلها وغيرها من القضايا، وإعداد ايضاً قائمة أو قاعدة بيانات كبيرة للناشطين والأكاديميين ورجال القبائل ورجال الدين ومشايخ القبائل والمحكمين والموسطين وغيرهم وحتى صحفيين وغيرهم على أساس أن لهم علاقة بمسألة النزاعات ومسألة القبيلة في اليمن.

وذكر أن “دار السلام” عملت على عدد كبير من المشاريع والأنشطة المختلفة التي كانت تستهدف رجال الدين من الطوائف المختلفة في اليمن، وكانت تسعى لتعزيز ما يسمى الحوار الديني والتسامح الديني والمذهبي بين جميع الطوائف والأديان، وذلك بهدف اقناع رجال الدين في اليمن إلى قبول الطائفة اليهودية واحترامهم والتسامح معهم والتطبيع معهم.

واعترف الجاسوس عزان، أن منظمة “دار السلام” نفذت مشروعاً عندما كان مديراً تنفيذاً لها، بدعم وتمويل من الوكالة الألمانية للتنمية الـ GIZ حيث كان المشروع يتطرق حول ما يسمى التسامح والتعايش المذهبي الديني في اليمن، ويستهدف بشكل مباشر المناطق الواقعة تحت سيطرة “أنصار الله” وقد استقطب خمسة من رجال الدين ممن كانوا على علاقة بالمنظمة، ويمثلون المذاهب “الزيدية والشافعية والصوفيين والسلفية والإسماعيلية”، وقد هدف المشروع الذي جاء تحت يافطة التسامح المذهبي، إلى تعزيز فكرة التطبيع والتسامح الديني مع اليهود.

ونوه عضو الخلية المقبوض عليه في سياق اعترافاته، إلى دور رئيس منظمة شركاء اليمن من أجل التغيير الديمقراطي المدعو “عبد الحكيم العفيري” الذي كان يعمل مساعداً لندوة الدوسري في برنامج حل النزاعات أثناء عملها مع المعهد الديمقراطي الأمريكية، مبيناً أن منظمة “شركاء اليمن من أجل التغيير الديمقراطي” المحلية كانت قد برزت بعد أن ضعف دور منظمة “دار السلام” وهو ما جعله الأخيرة تابعة لشركاء اليمن.

وأكد الجاسوس عزان، أن من ضمن المنظمات المشبوهة العاملة في اليمن لصالح المخابرات الأمريكية الإسرائيلية، هي منظمة “تاننباوم” اليهودية وترتبط بشكل وثيق بالمخابرات المركزية الأمريكية، حيث وهي تعمل تحت ستار “حوار الأديان وتشجيع التسامح” وغيرها بهدف الترويج لليهود في العالم، ومن مهامها في اليمن جمع بيانات كاملة ومفصلة تتعلق بما يسمى ناشطي السلام ورجال الدين، لافتاً إلى أن مستشار منظمة “تاننباوم” اليهودية ويدعى الدكتور “افرايم” لعب دوراً مخابراتياً كبيراً ومهماً داخل المنظمة العاملة في اليمن بالرغم أنه ليس رئيسها ولكن بصفة مستشار فيها، وقد كان صوته مسموع وقوي.