الخبر وما وراء الخبر

الأمةُ الإسلامية بين الموت السريري والعلاج الحقيقي

32

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

26 يونيو 2024مـ -20 ذي الحجة 1445هـ

بقلم// عدنان علي الكبسي

من يتأمل واقع الأُمَّــة الإسلامية يجدها في موت سريري ولا تعرف ذلك، دب المرض في كافة أعضائها وتظن نفسها صحيحة، والجرح ينزف دمًا وترى نفسها سليمة، مات فيها ضميرها، وتبلد إحساسها، حالة الوعي والإدراك لديها في عداد الموتى، والبعض في سبات عميق يوقظه أحياناً بعض الأحداث الرهيبة، أَو المآسي الكبيرة جِـدًّا جدًّا توقظها، فتتسابق أفاعي علماء مصابين بداء عضال نتيجة مرض مزمن، من خلال جينات وراثية مسمومة توارثوها من علماء معلولين بالأفكار الظلامية، ومعهم حقيبة طبية من فزع من سباته نتيجة سماع جريمة كبيرة أيقظتهم يعطوه حبوباً منومة، ويمنحوه أقراصاً أَو شراباً خافضاً لدرجة حرارة التفاعل واليقظة، ويمسحوا على قلبه بمرهم يطفئ حرقة الألم جراء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادات جماعية.
في حقيبتهم مقصات لقطع الأمل وقص التفاعل، وضمادات شاش لامتصاص إفرازات الغضب، وفي أيديهم قفازات سموها الشريعة، بملاقط لإزالة الأفكار الغريبة عليهم من أفكار الأُمَّــة، ودبابيس الفتوى لقلع عين البصيرة، مع شريط لاصق لتكميم الأفواه.
علماء مصابون بالتهاب في التفكير، وفقر في الإنسانية، وانعدام في الإيمان، وموت في الضمير، فظهرت فيهم فطريات التدجين، وتشنجات عصبية للتشويش على موقف أحرار الأُمَّــة، فتوترت أعصابهم نحو الداخل بمشرط تم استخدامه في تمزق الأنسجة الأخوية بين المجتمع المسلم الواحد، ومنشار جراحي لتقطيع أوصال الشعوب، وتهشيم الثقة بالله وبوعوده، حتى غاب عن المؤمنين (كالجسد الواحد، إذَا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، بل إذَا اشتكى عضو تنافر منه سائر الأعضاء بالسهر على الملاهي، وحمى حامية ضد شعوبهم، صدعوا بالباطل وطبلوا للطغاة المفسدين.
أما الحكام في شلل تام، وعاهة واضحة ومفرطة، على شاكلة اليهود يعملون، دجنوا الأُمَّــة للحية الكبرى (أمريكا)، ونشروا في جسدها الغدة السرطانية (إسرائيل)، وجندوها لصالح أعداء الأُمَّــة، برّر لهم علماء السوء بطاعة ولي الأمر وإن كان ظالمًا طاغيًا وإن كان عميلًا وموساديًّا، فشقوا عصا المسلمين بسكين الطاعة العمياء، وكسروا ظهر الأُمَّــة بالتطبيل للمجرمين، وقصموا نفوس الناس بفأس الجبن والبخل.
أما مذاهب الأُمَّــة عليلة، وأحزابها سقيمة، تعللت بالارتماء في حنان التطبيع وعطف أحضان اليهود، آملة البقاء برحمة اليهود وشفقة النصارى، وما لها من قرار.
تعيش الأُمَّــة الألم النفسي، نقص في فيتامينات الكرامة والعزة، ونقص في الحياة الكريمة التي أراد ديننا أن تتوفر لنا، انهيار في الروحية، وتساقط في القيم، فلم تهتم بأشلاء النساء في فلسطين، إحباط في النفوس فلم تبال بدماء الطفولة في غزة، ويأس من الحصول على النصر والغلبة نتيجة ما رسخته أفاعي العلماء الصالقة بأنيابها، وعقارب الحكام الفاغرة أفواهها، وسباع الأعداء الشائلة مخالبها، فقنطت من رحمة الله وكأن الله عاجز عما يفعلون، تعالى الله عما يشركون.
وبما أننا كأمة إسلامية تعيش الألم والمعاناة فأين هو العلاج الطبيعي والحقيقي؟!، نحن نبحث عن الحل، نحن نبحث عن العلاج ولو كان مراً، الإنسان إذَا اشتد به المرض يشرب العلاج ولو كان مراً، ونحن نريد العلاج وإن رأيناه مراً، مع أن العلاج من قبل الإسلام ليس مراً، نحن الآن مستعدون أن نقبل [مرّ] نأكله فنشفى من حالتنا هذه، أن نتمسك بمن نراهم أنهم مر وليسوا بمر، نحن نرى الآخرين يتمسكون بـ (مُرٍّ) حقيقةً، يتمسكون بأناس منحطين دنيئين، يحتاجون أن يلمعوا قدواتهم السابقين والحاليين، نحن لا نحتاج إلى أن نلمّع أعلام أهل البيت، ليسوا ناقصين بحاجة أن نكبرهم حتى يكونوا جذابين عند الآخرين، بداية من الإمَام عَلِيٍّ -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- وكلّ أعلام الهدى من آل بيت رسول الله، فقط نحتاج أن نتحدث عن نصف واقعهم فهم جذابون عند الجميع، لا نحتاج أن نتعب أنفسنا في الدفاع عنهم وفي تَنْمِيق مظهرهم.
من الفخر لنا أن قدواتنا من أهل البيت هم من أُولئك المن‍زهين المطهرين الكاملين في أنفسهم، ليسوا من الملطخين بالأخطاء والمساوئ، لم يتلطخوا بعار المخالفة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
لا يمكن أن تخجل وتستحي إذَا قلت إن وليك علي بن أبي طالب، تفتخر وتعتز وتتشرف أن الإمَام عَلِيًّا وليك وإمامك.
عندما تتولى الإمَام عَلِيّ فَــإنَّه يربيك التربية الإيمانية الجهادية التي تحافظ على إنسانية الإنسان، وتحيي ضميره، وتحيي فيه الشعور بالمسؤولية، تربية أعلام الهدى من أهل البيت تخلص الإنسان من كُـلّ الشوائب، وشفاء من كُـلّ العلل الأخلاقية والنفسية التي تؤثر عليه.

فلتنظر الأُمَّــة إلى الشعب اليمني الذي جعله يتعافى من الضعف والوهن، وأحيى فيه الضمير الإنساني، وجعله يتحَرّك في مواجهة أئمة الكفر (أمريكا وإسرائيل) هو عندما اتجه الشعب ليرفع تلك اليد التي رفعها رسول الله في غدير خم عند عودته من حجّـة الوداع، عندما رفع يد الإمَام عَلِيٍّ وتولاه ولاء صادقاً وخالصاً وحقيقياً.
فولاية الإمَام عَلِيٍّ وقاية من موت الضمير وتبلد الإحساس ومن كُـلّ الأمراض، وحصانة للقلب من التدجين لليهود والنصارى، ولن يرتد ولن يطيع أهل الكتاب قلب امتلأ بالولاء للإمَام عَلِيٍّ -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ-.