عاصفة حماية الفساد والإرهاب !!
بقلم / عبدالعزيز البغدادي
حين تعبر عن رأي أو قناعة أمام بعض من تحسبهم في عداد المثقفين مخالف لرأيهم أو قناعتهم تصعق تماماً من رد الفعل، إذ تكتشف أنك أمام ديكتاتور يرتدي ثوب الديمقراطية والحداثة وهو أشد فتكاً وقساوة من كثير من البسطاء المنتمين إلى الثقافة التقليدية أو حتى إلى الأميين والجهلة !!.
هل هذه الظاهرة تعود للثقافة ذاتها أم لذات المثقف ؟
أعتقد أن هناك تداخلاً بين نوع الثقافة ومعدن المثقف، ولهذا فإننا كثيراً ما نجد أكثر من مثقف نهلوا من نفس المنهل لكنهم يختلفون عن بعضهم فيما يتحلون به من روح القبول بآراء الآخرين أو القدرة على احتمال السماع للرأي المخالف فتجد بعضهم لديه قدرة كبيرة على سماع رأيك والإنصات إليه ومناقشته مناقشة جادة تبحث بجد عن الرأي الأرجح في حين تجد البعض الآخر يتمحور حول فكرة أو رأي معين لا يتزحزح عنه قيد أنملة.
وأعتقد أن الصنفين تتداخل في تشكيل شخصياتهما عوامل هي البيئة والوراثة ولكل معانٍ ودلالات تستغرق لشرحها من المتخصصين نظرياً وتطبيقها حيزاً كبيراً نوقشت في عدة كتب!.
وحين يكون الأمر في إطار مجرد الرأي لا أعتقد بوجود مشكلة مهما كان أسلوب إبدائه ؟
المشكلة تبدو واضحة حين يتحول الرأي عند بعض المتعصبين إلى مشروع أو فكرة يسعى إلى فرضها على الآخرين بالقوة بل وإلى استحلال الدم من أجل هذا الهدف، وهذا هو جوهر الفكر التكفيري عند الدينيين وهو ذاته جوهر الفكر العصبوي باسم العلمانية أو الاشتراكية أو أي فكرة يعتقد أصحابها بضرورة تحويلها إلى محور لسلطة غاشمة يكون حصادها مئات وآلاف بل ملايين البشر أحياناً وأعتقد أن فرض أي إيديولوجية بالقوة سواء باسم الدين أو العلمانية هو ما ينبغي العمل على تجريمه واستئصال أسبابه التربوية والثقافية والمعرفية وكذلك باتباع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وكافة السياسات المتصلة بمختلف جوانب الحياة ومنع وتجريم استخدام السلطة الدينية أو المدنية لدعم هذا النوع من الثقافة لأن نتائجها كارثية كما رأينا وكما لا زلنا نعايش، فما نعيشه اليوم من تفجيرات ومآسٍ وتناحر ومحاولة فرض نماذج من التشوه الفكري الممثل في هذه الجماعات الإرهابية التي انتشرت في جسم الأمة انتشار السرطان، هذه المظاهر إنما هي نتائج لمقدمات الصمت على السياسات التي أتيح لها أن تنشر الفساد وإتاحة الفرصة للحكام الفاسدين للبقاء في السلطة فترات طويلة استشرى خلالها هذا السرطان مستغلاً حالة الجهل والأمية والفقر بل وحولت تلك السلطات عملية التجهيل والإفقار والإفساد المنظم إلى سياسات تمولها خزينة الدولة وفي بعض البلدان تحالفت فيها السلطة الفاسدة مع قوى الإرهاب.
وقد بدأت بعض مراكز الدراسات الأمريكية والأوروبية تكتشف الدور الخطير للمخابرات الأمريكية والصهيونية في استخدام الإرهاب كسلاح يدعم الفساد في كثير من البلدان للتدخل في شؤونها باسم محاربة الإرهاب حيث جرى ويجري صناعة فقاسات للجماعات الإرهابية وإعادة إنتاجها بين فترة وأخرى والعمل على زرعها وتوزيعها حسب خطط وبرامج تجمع بين صناعة الإرهاب والفساد ومحاربته، وقد رأينا كيف أن بعض البلدان ومنها اليمن الغارقة في هذا الفساد والإرهاب قامت فيها سلطة الفساد بتشكيل هيئة أسمتها هيئة مكافحة الفساد وكبلتها ببعض القوانين التي تحصِّن الفاسدين مثل قانون محاكمة كبار شاغلي الوظيفة العامة والذي لو تعمقت في مواده المتعلقة بآلية محاكمة كبار المسؤولين لاكتشفت أنك أمام الشيء ونقيضه فمن ناحية شكلت هيئة لمحاربة الفساد ومن جانب آخر أصدرت قانون الذي يحمي الفاسدين !!.
ورأينا كذلك أنه في ظل هذا التحالف بين قوى الفساد والإرهاب تعمق نفوذهما بل إنه ما إن بدأت اللجان الشعبية والجيش في محاربة الإرهاب بصورة جدية وكادوا يُجْهزون على أهم مراكزه وخلاياه وكذلك مكافحة بعض مظاهر الفساد إذا بهذا العدوان على اليمن الذي يرى الكثير من المتابعين أنه لم يسبق له مثيل ما يعني أن الشرعية التي هب التحالف السعودي الأمريكي الصهيوني لدعمها إنما هي شرعية الفساد والإرهاب !!!.