محامو أمريكا..لماذا يبرئونها من قتل اليمنيين؟!!
بقلم / إبراهيم السراجي
ربما يشعر القائمون، على منظمتي هيومن رايتس والعفو الدولية، بالصدمة إذا ما وصلت إلى أسماعهم أن هناك في اليمن من يشعر بالغضب من اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بقتل الشعب اليمني باعتبارها طرف في العدوان على اليمن وأكبر مزود للأسلحة بما فيها المحرمة دوليا، خصوصا ان المنظمتين هما أكثر من أصدر تقارير وأجرى تحقيقات ميدانية أكدت أن العدوان السعودي ارتكب جرائم حرب في اليمن تنتهك القانون الدولي باستخدام أسلحة وقنابل أمريكية ناهيك عن الدعم العسكري المباشر الذي تقدمه واشنطن لتحالف العدوان.
يمكن القول أن حملة “أمريكا تقتل الشعب اليمني” مثلت أكبر وأهم حملة من قبل اليمنيين سواء عبر الفعاليات أو كسر الصمت في مواقع التواصل الاجتماعي وشكلت إلى جانب تقارير المنظمات الدولية ضغطا هائلاً على الولايات المتحدة لأن الحملة استهدفت الأصل المتمثل بأمريكا ولم تبرئ الفاعل المباشر متمثلاً بالتحالف السعودي وهو ما دفع بالبيت الأبيض لإجبار النظام السعودي على الاعتراف باستهداف المدنيين ولو بدعوى (عدم القصد) حتى على الصعيد الشعبي الأمريكي والأوروبي لاقت الحملة نجاحاً من خلال المسيرات والوقفات التي خرجت في لندن وغيرها تطالب بوقف تسليح السعودية بعدما اطلعوا على صور الجرائم التي ارتكبها العدوان السعودي بدعم أمريكي وبريطاني وفرنسي.
بالمقابل برزت حملة شرسة ومضادة من قبل بعض المحسوبين على جبهة مواجهة العدوان تنتقد بشدة توجيه الاتهام لأمريكا بقتل اليمنيين، بل ودفعهم لتنظيم حملات تناست وابتعدت عن توجيه الاتهام لأمريكا بشراكته مع العدوان حتى ان تلك الحملات بدا وكأنها ليست محاولة لإدانة العدوان السعودي بقدر ما كانت تبرئة لأمريكا خصوصاً ان تلك الحملات كانت تتزامن مع مثيلاتها التي تتهم أمريكا بالاشتراك في قتل اليمنيين وتوفير الغطاء الدولي للتحالف السعودي.
ان اثبات استخدام الأسلحة الأمريكية والبريطانية من قبل تحالف العدوان واستهداف المدنيين بها يكفي قانونياً لوضع الدولتين في تحالف العدوان وادانتهما بارتكاب جرائم حرب إلى جانب ذلك التحالف، والمفارقة أن أمريكا وبريطانيا لا تنكران ذلك –ان حدث- بل حاولتا وتحاولان التأكيد أن الأسلحة التي زودوا بها النظام السعودي وباقي دول تحالف العدوان لم تستخدم في قتل المدنيين وتحاولان انكار ما اثبتته المنظمات الدولية لعلمهما ان ذلك يمثل ادانة صريحة لهما في الوقت الذي ينبري (محامو أمريكا) من قبل المحسوبين على مواجهة العدوان لتبرئتها مع علمهم أن الأسلحة والقنابل العنقودية التي قتلت المدنيين مصدرها أمريكا حتى أنهم يتناولون تقارير المنظمات الدولية بشأن ذلك لكنهم يرون أن ذلك لا يدين أمريكا وهو ما يضع أكثر من علامة استفهام حول حقيقية رفضهم للعدوان.
في فترات مختلفة من مراحل العدوان أصدرت منظمتا هيومن رايتس والعفو الدولية عدة تقارير ميدانية أكدتا في جميعها أن أمريكا طرف في العدوان على اليمن بما تقدمه من دعم عسكري مباشر للعدوان وكذلك امتناعها عن الاستجابة لدعوات وقف تزويد السعودية بالأسلحة المحرمة وغير المحرمة كونها تستخدم في قتل المدنيين، وكذلك اتخذ البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة قرارا يدعو لحظر تزويد السعودية بالأسلحة وإن كان غير ملزم لدول الاتحاد الأوروبي إلا أنه ينم عن شعور بخطر تورط أوروبا بجرائم حرب جراء استهداف العدوان للمدنيين باليمن وخلال تلك المراحل كان وما يزال من أسميهم (محامي أمريكا) يرفضون اتهامها بقتل اليمنيين ويستميتون في تبرئتها.
منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها نشرت تقريراً هاماً يوم الأربعاء الماضي يكشف نتائج تحقيق ميداني اجراه فريق تابع لها وزار سوق مستبأ بحجة الذي شهد مذبحة راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى وجددت المنظمة بناء على ذلك اتهام التحالف السعودي بارتكاب جرائم حرب بشراكة أمريكية متمثلة في الأسلحة المستخدمة والدعم العسكري المباشر الذي تقدمه واشنطن لتحالف العدوان.
التقرير الذي نشره المركز الصحافي التابع للمنظمة حول التحقيق الميداني المذكور مكون من نحو 750 كلمة وعلى الرغم من انه نقل شهادات شهود العيان واخذت مساحة كبيرة من التقرير إلا أن اسم أمريكا في التقرير في ست مناسبات تقريبا جميعها تتحدث عن ضلوع أمريكا في جرائم الحرب التي ارتكبها العدوان.
وجاء ذكر اسم أمريكا في المناسبة الأولى وذلك في أول جملة بدأ بها التقرير وتقول “الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية بقنابل زودته بها الولايات المتحدة كانت قد قتلت 97 مدنيا على الأقل، بينهم 25 طفلا، في شمال غرب اليمن في 15 مارس 2016.”.
وفي مناسبة ثانية ينقل التقرير عن بريانكا موتابارثي، الباحثة في قسم الطوارئ في منظمة هيومن رايتس ووتش قولها: “استخدمت الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة في واحدة من الهجمات الأكثر دموية ضد المدنيين في حرب اليمن منذ عام”.
أيضا وفي مناسبة أخرى يوردها التقرير مؤكدا ضلوع أمريكا بشكل مباشر في العدوان حيث جاء في التقرير ما نصه ” خصص الجيش الأمريكي موظفين لخلية التخطيط والعمليات المشتركة السعودية للمساعدة في “تنسيق الأنشطة”، وكانت مشاركة الولايات المتحدة في العمليات عسكرية محددة، مثل تقديم المشورة بشأن قرارات الاستهداف وتوفير الوقود جوا خلال غارات القصف، لكنها تجعل القوات الأمريكية مشتركة في المسؤولية عن انتهاكات قوانين الحرب من قبل قوات التحالف. باعتبارها طرفا في النزاع”
ومن حيث انتهت اخر جملة في التقرير أعلاه والتي تتحدث عن مسؤولية أمريكا جنبا الى جنب مع التحالف السعودي ” باعتبارها طرفا في النزاع” استطيع أن اتخيل الصدمة التي سيشعر بها الفريق الميداني التابع للمنظمة والذي تحمل مخاطر القدوم إلى اليمن للتحقيق في جرائم الحرب إذا ما سمع أحد افراد ذلك الفريق من أحد (محامي أمريكا) انكاره ورفضه واستماتته في تبرئة أمريكا من قتل أبناء الشعب اليمني فلا أشك ان قام أعضاء ذلك الفريق بالبصق على وجه ذلك المدافع عن أمريكا وكذلك سأشاركهم البصق في وجهه وملايين اليمنيين سيفعلون أيضا.